> إكرام فرج
تستمر معاناة اليمنيّين في ظلّ الارتفاع الكبير في الأسعار، في مقابل تدهور قيمة العملة المحلية، وتدني الأجور اليومية، التي لم تعد تصمد أمام أبسط متطلبات الحياة اليومية من مأكل ومشرب وصحة وملبس.
محافظة حضرموت، ككلّ محافظات الجمهورية، تسبّبَ الارتفاع الجنونيّ في الأسعار فيها، بتراجع كبير في قدرة المواطن الشرائية، وفيق صالح، صحافي متخصص في الشأن الاقتصادي، يقول إنّ أسباب هذا الارتفاع عائد لعدة عوامل داخلية وخارجية، أبرزها: ارتفاع أسعار السلع في بلد المنشأ، نتيجة تأثيرات الأزمة الروسية الأوكرانية على أسعار الوقود والقمح وبقية السلع الأساسية، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الشحن البحري والتأمين على السفن الذاهبة إلى الموانئ اليمنية، إلى جانب فرض الضرائب والإتاوات، والجمارك التي تفرضها الجهات المسيطرة في الداخل، إضافة إلى تكاليف النقل الداخلي نتيجة أزمات الوقود المتلاحقة، وانقطاع الطرق الرئيسية، علاوة على التضخم الكبير الذي بلغ سنة 2022 معدل 45 %، إضافة إلى الانقسام النقديّ والمصرفيّ الناتج عن الحرب.
يشكوا المواطنون في مدينة المكلا، الارتفاعَ غير المبرر في أسعار المواد الغذائية والسلع الأساسية، الأمر الذي دفع بالكثير منهم إلى بيع ممتلكاته من أثاث منزلي وذهب وفضة وغيرها، بل إنّ بعض الأسَر اتجهت إلى تقليص عدد الوجبات اليومية، وتزداد مخاوفهم مع اقتراب شهر رمضان، حيث تتضاعف الأسعار، ويلجأ بعض التجار لاحتكار السلع والمواد الغذائية.
المعارض الرمضانية
على الرغم من أنّ محافظة حضرموت تزخر بالعديد من الثروات، فإنّ مواطني المحافظة يعيشون أوضاعًا معيشيةً صعبة، تزداد تفاقُمًا بحلول شهر رمضان، إذ يذهب سكان المحافظة، ككل المسلمين، للتسوق وشراء الاحتياجات الرمضانية الأساسية، لكنهم يصطدمون بارتفاع إضافيّ في الأسعار مقارنة بالسنة التي مضت، لذلك لجأت الكثير من الشركات والمؤسسات التجارية في مدينة المكلا، إلى إقامة المعارض والمخيمات الرمضانية بأسعار مخفضة بالنظر لأسعار المتاجر المعتادة، وذلك كبادرة من هذه الشركات والمراكز، لإتاحة الفرصة للجميع، ومساعدة المواطنين لشراء الاحتياجات الأساسية للشهر بسعر مخفض.
في هذا الصدد، عبّر مواطنون عن حرصهم على التسوق من الأماكن التي تعلن عن تخفيضات، لكنهم يتطلعون إلى ضبط الأسعار ومحاسبة كلّ المتلاعبين بالأسعار كحلٍّ جذريّ ناجع لمعالجة معاناة الناس.
وبسبب اتساع الفجوة التموينية، في ظلّ تراجع قيمة الصادرات اليمنية، وزيادة الاعتماد على الاستيراد، واجهت الحكومة المعترف بها دوليًّا ضغوطات كبيرة، نتيجة زيادة الطلب على النقد الأجنبي، الأمر الذي أفشل محاولاتها في تحقيق الاستقرار السلعي والتمويني في الأسواق.
المقاهي الشعبية على وشك الإغلاق
الوضع الاقتصادي لم يستثنِ أيّ شيءٍ في هذه البلاد، فطالت تداعياته المقاهي الشعبية وخدماتها بعد أن كانت هذه المقاهي وجهة الإنسان الحضرمي، ومكان استراحته وساحة لقاءاته ونقاشه مع الآخرين.
وللأهمية الكبيرة التي تمثّلها المقاهي والاستراحات الشعبية، فقد كانت أيضًا ملتقى يرسخ المبادرات والعادات والتقاليد الحضرمية لدى الشباب، إلى جانب أنّها كانت متنفسًا لممارسة الكثير من الأنشطة الثقافية والترفيهية والاجتماعية والألعاب القديمة وتناول المشروبات، لكن تراجع الإقبال عليها أدّى إلى تراجع خدماتها ونشاطها، وخصوصًا مع تدهور الوضع الاقتصادي.
تحذيرات دولية
على الرغم من الجهود المبذولة من قبل بعض المنظمات الخيرية التي تقدم مساعدات غذائية في الفترات الأخيرة، فإن معدلات الفقر والجوع في ارتفاع مخيف، وبناءً على تقديرات شبكة الإنذار المبكر، فإنّ "من المحتمل أن تواجه ملايين الأسَر اليمنية فجوة كبيرة في استهلاك المواد الغذائية والسلع الأساسية عن السعر المتوسط".
وأشارت هذه التحذيرات إلى عدم وجود جدية لتحسين الأوضاع الاقتصادية، سواء من قبل الأطراف المتنازعة، أو من قبل الأطراف الخارجية التي تتحكم بزمام الأمور، إذ إنّ أهم الصادرات اليمنية معطلة، ورواتب الموظفين متوقفة، في مناطق سيطرة جماعة أنصار الله (الحوثيين)، بالإضافة إلى العديد من المشكلات التي تحتاج في المقام الأول لقرار وإرادة سياسية.
وبالتالي، من الطبيعي في ظلّ هذه المؤشرات، أن تبقى مخاطر المجاعة تهدّد اليمنيّين، بل قد تتوسّع دائرة المهددين بالمجاعة، خاصة في المناطق الريفية ومناطق المرتفعات.
ونبّه التقرير إلى أنّ سعر الصرف يُعتبر محدّدًا رئيسيًّا لأسعار المواد الغذائية في اليمن، نظرًا لاعتماد البلاد الكبير على الواردات.
"خيوط"