صباح الرصاص الحي ومنغصات الحياة المجانية ودمار الأخلاق والقيم وخراب البيوت، صباح الإنسانية الملطخة بالنخوة التي يسكنها الذل واحتقار الآدمية.

لم يعد السلام إلا استسلاما واستكانة أقرب منها إلى الذل والجبن نعبر بهما بهوان عن فقدان شهيتنا للكلام وكراهيتنا للبوح بالكبت تحت جبروت وسياط المعاناة اليومية.

حتى أبسط وأحقر حقوقنا ملبوسة فينا كالتهمة بسلاح شيطاني لا يقوى على الخروج من أجسادنا سوى بالضرب المبرح وقراءة تعاويذ الحرائق والحروب والتجويع القسري بالحرمان منها، والقتل اليومي بدم بارد، إلا من مهدئات على شكل أقراص فتن موصى بها بقرارات حكومية صرفت قيمتها أرخص ممن ترك أرضه والجمل بما حمل بحثا عن وطن بديل.

هكذا علمنا الحاكم العربي المزمن ذات وقيعة، كسرطان الثدي في جسد المعشوقة، أن للحرية ثمن لا يدفعه إلا الأنقياء منا، ليجدوا براءة ذمتهم مذبوحة زورا وبهتانا على أيدي بلاطجة النكاية الحزبية بمساعدة وصمت رئاسي وحكومي بامتياز.

أما الميسورين حظا فلهم جنات تجري جري الوحوش الضارية، تأكل ما تيسر في طريقها لا تفرق بين حلال وحرام وما يجوز وما لا يجوز.

وأن للحاكم المختبئ خلف ذاك القصر قفل ومفتاح يمكنه من الاحتفاظ بملكوته لوحده لا شريك له إلا من حاشيته المقربين الطاهرين، رقمه السري بعلم الله وخزائنه أنهار من بترول ونعيم بالصلاة عالنبي ولهط مما يشتهون، وكهنة منافقون يزينون واجهة الحكام ويلونون الباطل بلون الحق زيفا لقاء مزية أو عطية.

متناسين أن لهم فيمن سبقهم عبرة فمنهم من أهين ومنهم من ينتظر.

وبما أن علاقتنا بأنفسنا تنتابها ثنائية الشبهة البينة والشواهد المخزية كما هي علاقتنا بمن حولنا فأن ما يسعفنا للحديث عن خلل نفسي أو فني أو تقني هو على سبيل التنكيد والتطفيش الروتيني بشتى الحيل المتوفرة منها والغير متوفرة ليس إلا، بحجة أن البلد الذي يأويهم ويأكلون من خيراته غير آمن!

قيل لنا يا أيها المرجفون المراجعون على بوابة الوطن الفري دم والفري كرامة والخالي من الكوليسترول، لم أنتم منكدون وعلى وجوهكم تهيمون وأيديكم وأكفكم تقلبون كالشحاتين عند كل مطب؟!

إليكم مع خالص النصيحة نفيدكم علما بأن لكل عقدة حلال فريضوها بالرحمن إنه على كل شي قدير.

سؤال سألته لنفسي في لحظة تأمل مع الذات بعد أن عجزت عن الإتيان بحلول ترضي غروري وتمسكي بحقي المشروع، بقدر لم يسعفني لتحقيق غاية طالما انتظرتها دهرا ولم تتحقق.

إلى متى سيستمر هذا الحال من الهوان يا عباد الرحمن؟

الله المستعان