مطلب إحلال السلام وإيقاف الحرب، كان وما زال مطلبًا وطنيًا وإنسانيًا جنوبيًا ومنذ وقت مبكر، فهو الطرف الأكثر تضررًا من الحرب العدوانية عليه وبأشكالها المختلفة، والتي تعددت ميادينها وأفعالها الإجرامية التدميرية، ولتداعياتها الكارثية على حياته واستقراره، غير أنه لن يقبل إطلاقًا بأن يكون السلام الذي يسعى إليه (الوسطاء والرعاة) وبصيغة خارطته المعلنة، ولن يساوم على قضيته وحريته ومستقبله واستعادة دولته الوطنية الجنوبية المستقلة.
فكما يبدو لنا بأن صيغة (السلام) المطروحة ليست إلا وسيلة أخرى مبتكرة لمواصلة الحرب على الجنوب، ولكنها ستكون بأدوات (ناعمة) هذه المرة، ولذلك فإن الثبات على الأرض وتصليب وحدة جبهة الجنوب الداخلية، والاستعداد لمواجهة (حرب السلام) لأمر في غاية الأهمية، حتى لا يحققون ما عجزوا عنه بالحرب والعدوان والإرهاب والحصار والتجويع، وبحرب الخدمات البشعة واللا إنسانية ضد شعبنا، ويتمكنون من تحقيق أهدافهم من بوابة (السلام)، الذي تم تفصيله على مقاس مصالحهم وخططهم التآمرية على الجنوب.
إن الترحيب بالسلام من جانب الانتقالي لأمر طيب وموقف سياسي كان لابد من إعلانه، وينسجم ذلك مع رغبة شعبنا في تحقيقه، حتى يتنفس الصعداء ويخرج من جحيم الحياة التي فرضت عليه، غير أن الواجب يستدعي منه الحذر الشديد وعدم الركون لأي وعود، أو لأي صيغ للحل لن يكون مشاركًا فيها ومقتنعًا بها، وتتضمن صراحة الاعتراف بحق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته.
كما يتطلب الأمر إعداد الفريق الجنوبي المفاوض إعدادًا متكاملًا، ومن كل الجوانب السياسية والدبلوماسية والقانونية والعسكرية والتاريخية، ومن ذوي الخبرة والكفاءات الوطنية المخلصة، مع وجود فريق من المستشارين في كل المجالات المذكورة أعلاه.