> «الأيام» دوتشيه فيله:

كشفت وثائق وتقارير حكومية مسربة مؤخرًا، أن اليمن قد استورد على مستوى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خلال العام 2023 ما يقرب من 14.5 مليون لتر من المبيدات، بزيادة تفوق 10 أضعاف الكمية المستوردة قبل عشر سنوات للعام 2013، وأكثر من أربعة أضعاف للعام 2014.

وتكشف التقارير السنوية الحكومية التي قام موقع "دوتشيه فيله" الألماني بتحليلها، أن العام 2021 شهدت تحولًا قياسيًّا باستيراد أكثر من 14 مليون لتر في مقابل أكثر من 4.4 مليون لتر للعام الذي سبقه 2020.

وقال رئيس الجمعية اليمنية لحماية المستهلك فضل مقبل منصور إن الكمية المستوردة وفقًا للتقارير الرسمية الصادرة في العام 2023، كميات تتجاوز أضعاف الكميات التي كانت تستورد بمعنى أن "كل مواطن حصته من السموم لتر إلا ربع". ويتابع أن الجمعية تسأل "أين تذهب هذه المبيدات وكم المساحة الزراعية وهل اليمن  أصلًا بحاجة لهذه الكمية المخيفة من هذه المبيدات؟".

ويضيف منصور أن هذه الكميات المستوردة والمرخصة رسميا التي أعلنت عنها وزارة الزراعة، لكن الكميات المهربة ومنها المبيدات المحرمة والممنوعة، تضاف إلى هذه الكميات وهي غير معروفة ولا توجد إحصائيات بها وأضرارها أكثر خطورة من بقية المبيدات المرخصة.

وكشفت مذكرة رسمية مسربة موقع من وزير الزراعة والري في حكومة صنعاء غير المعترف بها دوليًّا، عبدالملك الثور، عن ارتفاع حالات الإصابة بمرض السرطان نتيجة المبيدات، وتضمنت المذكرة توجيها بوقف إصدار أي تصريح استيراد مبيدات، إذ بلغت الكمية المستوردة خلال 6 أشهر أكثر من خمسة ملايين لتر، وهي "بلا شك كميات مهولة وتدعو إلى الوقوف تجاه المخاطر المترتبة عليها"، كما جاء في الوثيقة.

ووفقًا لجمعية حماية المستهلك اليمنية، فإن أضرار المبيدات عند استخدامها بطرق عشوائية وبكميات كبيرة معروفة حيث "تبيد كل كائن حي ونقتل الإنسان والتربة والمياه السطحية والجوفية والحيوانات"، وذلك لسنوات قادمة، مثلما "تتسبب العديد من الأمراض الخطرة مثل السرطان والجهاز العصبي وتليف الكبد وهناك أرقام مخيفة رسمية عن الإصابات بالسرطان أو أمراض الكبد نتيجة السموم الزائدة وكذلك تدمر النظام البيئي للبلد".

وتشير إلى أن التحدي الذي يواجه المستهلكين، يتمثل بمنتجات زراعية لا يعرفون نسبة بقايا المبيدات فيها مما يؤدي إلى انتشار الكثير من الأمراض كالسرطان وتليف الكبد والجهاز العصبي للإنسان، إلى جانب تدمير النظام البيئي بشكل عام بمكوناتها المختلفة من حيوانات وتربة ومياه، إذ تصبح البيئة غير صالحة للحياة، نتيجة الاستخدام المفرط في المبيدات وكذلك استخدام مبيدات محرمة دوليا أو شديدة السمية أو مبيدات لا تتحلل بالتربة بالفترات المسموحة للمبيدات المستخدمة.

من جانبه، يقول م. هلال الجشاري، وهو خبير زراعي ومسؤول سابق في وزارة الزراعة اليمنية، إن استخدامُ المبيدات يرتبط بأمراض كالسرطان والزهايمر والاضطرابات الهرمونية واضطرابات النمو والعُقم، وإما لها آثارًا على الجهاز العصبي كفقدان الذاكرة وفقدان التنسيق وانخفاض القدرة على الإبصار، كما أن "المبيدات الكيماوية صارت مشكلةً وتشكل خطورةً على الزراعة والمزارع والمستهلك، أكثرَ بكثير من الآفات والأمراض النباتية". إذ تؤدي لقتل الحشرات النافعة والأعداء الحيوية للآفات.

ويرى الجشاري أن الدفاع عن استخدام المبيدات غير مجدٍ، إذ أن هناك بدائل تقضي على الآفات وتوفر على الإنسان والبيئية، و"يمكن الاستفادةُ من البيئة بتصنيع وإنتاج مبيدات حيوية ستعطي مفعولَ المبيدات الكيماوية نفسها في حين ليس لها تأثيرٌ على الصحة والبيئة العامة"، ويشدد على أهمية "تفعيلُ البحث العلمي وتطوير مبيدات أقلَّ سُميةً وضررًا على صحة الإنسان  والبيئة للحد من استخدام المبيدات الكيماوية الخطيرة".

وعلى ذات الصعيد، يشدد رئيس جمعية حماية المستهلك فضل منصور، على أن الحلول المطلوبة تشمل - تفعيل قانون مبيدات الآفات النباتية واللوائح التنفيذية وتحديثه ليشمل عقوبات أكثر صرامة للمخالفين والمستوردين والمهربين للمبيدات الممنوعة، وفحص الأثر المتبقي للمبيدات في المنتجات الزراعية قبل تسويقها للمستهلكين، إلى جانب توفير المختبرات بكل المحافظات وعدم السماح بالتسويق إلا بعد إجراء الفحوصات ومعرفة نسبة الأثر المتبقي للمبيدات في المنتج وفي حالة المخالفة يتلف المنتج، وتوعية المستهلكين والمزارعين حول المخاطر الناجمة عن المبيدات الضارة وكيفية الحد من استخدامها.