كان الحراك الجنوبي السلمي يشكل كتلة واحدة وكان كل الجنوبيين متحدين ومتفاهمين هدفهم واحد ومصيرهم واحد وقضيتهم واحدة بعد أن جربوا الوحدة مع صنعاء وبعد أن شربوا بكأس الظلم والمواطنة من الدرجة الثانية.

وبعد هذا كله كان لابد من التفكير والخروج من مأزق الوحدة اليمنية وكان ليس أمامهم إلا النضال السلمي من أجل نيل حريتهم من نظام صنعاء.

كانت أطقم الأمن المركزي تتابعنا في كل الحواري والأزقة وكانت أقلام الجواسيس تسجل كل رموز الحراكيين وكانت الدماء تسيل كل يوم والسجون تمتلئ بالمناضلين لكن كانت العزيمة والمعنويات عالية جدًّا، وكانت صحيفة "الأيام" الوحيدة هي الناطق الإعلامي والمنبر الحر للحراك الجنوبي وكنا نكتب فيها المقالات وأخبار الحراك ونكتب بما يحلوا لنا من شرح وتفصيل حول قضية الجنوب ولا أبالغ إذا قلت أن أسرة "الأيام" برئاسة المرحوم المناضل هشام باشراحيل هي من قادت الحراك الجنوبي وهي من وحدت الجنوبيين حول قضيتهم والشواهد كثيرة ومعروفة حتى وإن أنكرها ناكرو المعروف اليوم.

كم تعرضت سيارات التوزيع لصحيفة"الأيام" من قرصنة في الطرقات وكم صودرت ألاف الأعداد من الصحيفة وكم حوصرت مقراتها وتوقيف النشر فيها وصل بهم الأمر إلى محاولة البسط على بيوتهم في صنعاء وكلنا يعلم ما حصل لهم بعد ذلك وأيضًا ما حصل لحارسها المناضل أحمد عمر المرقشي..

أمور تاريخيّة مشرفة محفورة في ذاكرة كل جنوبي حصلت لصحيفة "الأيام" والعاملين فيها بسبب وقوفها مع قضية الجنوب قد لا يتسع لها المجال في كتابة مقال واحد كهذا.

لكنني بصفتي أحد الشهود من ضمن الألاف الذين رأوا وقوف صحيفة "الأيام" مع قضية الجنوب والحراك آنذاك من الضروري أن نتساءل هل حصلت صحيفة "الأيام" على تعويض في خسارتها الباهظة؟ وهل تم تكريم الشهيد المناضل هشام باشراحيل وكمان أسرة الصحيفة؟

طبعًا الذين يتبوؤون مناصب اليوم وكانوا في الحراك أكيد على بالهم التكريم وأما الذين تسلقوا السلطة على ظهور الشهداء والمناضلين فهؤلاء عذرهم معهم لأنهم لا يعلمون بالدور التاريخي والريادي الذي قامت به صحيفة "الأيام" والعاملون عليها مع قضية الجنوب والحراك الجنوبي.

اليوم عادت بي الذاكرة إلى أيام النضال الحقيقي ولو كنت مسؤولًا جنوبيًّا مخلصًا لعملت تمثالًا نضاليًّا للشهيد هشام باشرحيل وبجانبه صحيفة "الأيام" تشريفًا للدور النضالي الذي عمله في قضية الجنوب، وأيضًا لعوضت الصحيفة خسارتها بسبب وقوفها مع قضية الجنوب.

وأخيرًا إذا سألت عن التاريخ للحراك الجنوبي فما عليك إلا أن تسأل صحيفة "الأيام".