> جون بولتون:
عن صراع الخلافة على منصب المرشد ولماذا يعتقد بأن الثورة الإيرانية على المحك.
بيد أن هذا التكتيك لم يلق قبول الجميع ولا سيما مجتبى، ابن خامنئي، الذي يأمل في خلافة أبيه في منصبه، ومن المفارقة أن تخوف والده من إرساء نظام وراثي للخلافة، وهو ما أخذه عليه منافسو مجتبى بشدة، قد ساعد في نشر مفهوم يفيد بأن الرئاسة قد تكون بمثابة نقطة انطلاق.
"إندبندنت عربية"
يعتقد مستشار الأمن القومي الأميركي السابق بأن التفسيرات الإيرانية المبتورة لمقتل رئيسي هدفها شراء الوقت والحد من التكهنات المزعزعة للاستقرار (إندبندنت عربية).
تتمثل المسألة الحساسة بضرورة اختيار مرشد جديد للبلاد، أو في الأقل تحديد إجراءات ملموسة لهكذا قرار وبوقت أسرع مما كان متوقعًا، فواقع الحال أن علي خامنئي على مشارف الـ85 من العمر وصحته ليست على ما يرام، ولم يكن لإيران إلا مرشدين أعليين منذ "ثورة 1979"، ولم يسبق أن أرست إجراءات راسخة في شأن الخلافة.
قد تفضي وفاة الرئيس إبراهيم رئيسي في الـ 19 من مايو الجاري في حادثة تحطم المروحية إلى تشظي النظام الإيراني والثورة الإسلامية لعام 1979 نفسها، ومن الواضح أن موت رئيسي بهذا الشكل المفاجئ أثار قلقًا كبيرًا وتسبب بأخطار جمة، وحتى الآن لسنا قادرين على تبيان الطبيعة الكاملة للمناورات المحمومة، والتعارك السياسي الداخلي خلف الكواليس في طهران.
وتتمثل الخطوة المحورية التالية بصدور بيان رسمي نهائي من النظام لتحديد سبب تحطم المروحية، لكن حتى الساعة قالت السلطات إنه لا دليل على أن مروحية رئيسي قد تعرضت لهجوم، ولذا فالتحقيق متواصل.
ومن الواضح أن التفسيرات المبتورة هدفها شراء الوقت والحد من التكهنات المزعزعة للاستقرار، لكن لا يمكنها أن تكون أبدًا الكلمة الفصل، ولا تنفك التداعيات السياسية الهائلة عن سبب الحادثة الذي ستعلنه السلطات، ولعله في الواقع مزيج من رداءة الطقس والتضاريس الجبلية الوعرة وخطأ ارتكبه قائد الطائرة، أو ربما كان ناتجًا من خلل ميكانيكي.
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان آيات الله الإيرانيين سيواجهون مصير روسيا القيصرية، بيد أن ثورتهم اليوم على المحك وأمام خطر كبير ومن المضحك أن يسارع وزير الخارجية السابق جواد ظريف إلى إلقاء اللوم على العقوبات الأميركية، قائلًا: إنها المسؤولة عن النقص الحاصل في قطع الغيار، فكيف يعقل أن تكون إيران التي حققت مكاسب بمئات مليارات الدولارات من مبيعات النفط الدولية منذ أن فرض رونالد ريجان عليها أولى العقوبات الأميركية، وقد كفاها ذلك لتمويل برامج إنتاج صواريخ بالستية وأسلحة نووية، ولتسليح عدد لا يحصى من المجموعات الإرهابية، لا تملك
أموالًا كافية لشراء مروحيات جديدة من أصدقائها الروس والصينيين؟
وإلى جانب الأسباب غير السياسية الواضحة للعيان فقد تختار إيران إلقاء اللوم على الجهات الخارجية التي تشتبه فيها عادة، وهي الـ "موساد" ووكالة المخابرات المركزية الأميركية، أو قد توجه السلطات الإيرانية أصابع الاتهام إلى معارضيها المحليين، سواء على الصعيد السياسي أو الإثني أو الديني، وبالتالي فقد يسمح تحديد الطرف الذي ستلومه إيران بتسليط الضوء على المعارك القائمة على الزعامة، مما قد يبرر التأخير الحاصل في الإدلاء بتصريح نهائي وحاسم حول الموضوع، فعند التلاعب بالحقيقة غالبًا ما يقتضي الأمر استعدادات معقدة للتخلص من الأدلة المتضاربة وتلفيق أدلة جديدة.
وبموازاة ذلك لا تملك الأطراف الخارجية سوى انتظار صدور الكلمة الحاسمة لتقييم تأثيراتها وتداعياتها إذا ما خلفت أثرًا في معركة الخلافة، وفي تلك الأثناء وخلال الساعات والأيام التالية للتقارير الأولى حول "الهبوط الاضطراري" للمروحية الرئاسية، قامت قوى الجيش والأمن بتعزيز دفاعاتها ترقبًا لأية اضطرابات وتدخلات، محلية كانت أم خارجية.
وتتمثل المسألة الحساسة بضرورة اختيار مرشد جديد للبلاد، أو في الأقل تحديد إجراءات ملموسة لهكذا قرار وبوقت أسرع مما كان متوقعًا، فواقع الحال أن آية الله علي خامنئي على مشارف الـ85 من العمر وصحته ليست على ما يرام، ولم يكن لإيران إلا مرشدين أعليين منذ "ثورة 1979"، ولم يسبق أن أرست إجراءات راسخة في شأن الخلافة.
وفي هذا الصدد يعتبر كثيرون أن العملية الانتخابية المليئة بالتزوير والتلفيق، التي أوصلت رئيسي إلى الرئاسة، كانت تهدف إلى إرساء نظام خلافة أكثر استقرارًا، على أن يحل رئيسي بسلاسة مكان خامنئي عندما يحين الوقت المناسب لذلك.
"إندبندنت عربية"