مبادرة أو صفقة السلام المنقوصة التي عُرضت على بعض أطراف الصراع في اليمن والجنوب، للوقف النهائي للحرب، تبدو أنها ليست جدية ولا قابلة للمضي إلى الأمام، لأنها تفتقد إلى عناصر النجاح مما جعلها في المجمل غير قابلة للحياة، لكن الحذر جنوبا واجب فمبادرات السلام أصبحت كالدمية الروسية التي تخفي في جوفها دمية أخرى وتليها أخرى.
ما شهدته المنطقة بعد ٧ اكتوبر ٢٠٢٣م في غزة، وإنفجار الوضع في الشرق الأوسط أوجد معطى جديد بعد انخراط المليشيات اللادولتية في المنطقة لتصبح طرفا فيه، ودخول مليشيات الحوثي بأوامر من الحرس الثوري الإيراني بالقيام بعمليات القرصنة والإرهاب في البحر الأحمر، أخرج للعلن ما كان يحاول الجميع اخفاءه عن طبيعة الصراع في اليمن والجنوب وارتباطه في جزء كبير منه بالإقليم، أي أنه يدار بعيدا عن قدرة أطراف الصراع المحلية التحكم فيه أو إدارته وفقا لمعطياتها الوطنية وإنما يتم توجيهه من قوى إقليمية جعلت من اليمن والجنوب ساحة تبادل رسائل وابتزاز، أفقد مبادرة أو صفقة مسقط القدرة على تقديم استراتيجية حقيقية للسلام تعكس الحقائق على الارض وتعالج اسباب الصراع الجوهرية وتعرض ترتيبات موضوعية لليوم التالي ما بعد الحرب، خصوصا بعدما منيت الشرعية بالفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، لا سيما القضاء على إنقلاب الحوثي وعودتها إلى صنعاء.
فبالنسبة للجنوب وممثله المجلس الانتقالي، فإن الفشل جنوبا ممنوع، ومن هنا يتوجب على قيادته أن تدرك أن مقياس الربح والخسارة في الحروب ليس دوما عسكريا بقدر ما هي النتائج السياسية المترتبة على نتائج الحرب، ولذا من المهم عليها أن تستوعب أن انتصار المقاومة الجنوبية كان عامل الحسم المهم في الانتصار على المحور الإيراني وحلفائه الحوثيين والمخفيين من بقايا النظام في الشرعية وقبائل الفيد وهزيمتهم في الجنوب ورقة رابحة قوية له لا يجب التفريط فيه، وأن ميزان النصر في مشروعه الوطني يمثل بالتالي ضمانا لبقاء الجنوب بعيدا عن هيمنة إيران وأهدافها التوسعية ومشروع الحوثي اللادولتي والعابر للحدود، وعليه لابد من مواجهة السؤال الكبير وهو، هل الحصيلة السياسية للجنوب وللانتقالي تتناسب مع الدور الفاعل والتضحيات التي قدمها الجنوبيين؟
على الرغم من إدراك القوى الإقليمية لأهمية بقاء الجنوب بعيدا عن نفوذ إيران، وتفهمها لقضية شعب الجنوب والذي شكل اتفاق الرياض اعترافا ضمنيا من قبلها بالمجلس الانتقالي الحامل السياسي لها، إلا أنها تجاهلت في كثير من المنعطفات وضع الحقوق الوطنية الجنوبية في مكانها الحقيقي، وأظهرت مواقف غير مريحة للانتقالي تحت ذريعة ترى أن الوقت قد لا يكون مناسبا للبحث في قضية شعب الجنوب الوطنية، ولم تسمح للجنوبيين بإستكمال سيطرتهم على باقي التراب الوطني، كما أن دعمها القوي للشرعية بحكم وضعها القانوني التي بدورها عملت بتفان منقطع النظير على عرقلة جهود المجلس الانتقالي ولم تسمح له بأن يحقق أي إنجاز في مناطق سيطرته ولا تخفي ذلك مطلقا بل عملت وتعمل سرا وعلانية على إفشال كل الجهود التي تتيح له إدارة الجنوب بشكل أوسع أو المشاركة في حكمه، وهذه الممارسات من الأمور التي تبقي الوضع باستمرار في حالة توتر قابل للانفجار بين الشرعية والمجلس خصوصا بعد أن وصلت الأوضاع الاقتصادية إلى مستوى الكارثة.
بالنسبة للأطراف الدولية تصر على أن مبادرة السلام على الطريق الصحيح، لكن الواقع يقول عكس ذلك فالأمور غير مستقرة وقابلة للانفجار وتجدد الحرب لا زال واردا وربما دخول أطراف جديدة أخرى، بل من المرجح أن القوى اليمنية التي دائما تنتعش مصالحها في الحروب ستضع العراقيل وتعيد تموضعها، وقد تتماهى مع الحوثي وترفض الألتزام بقيام دولة مدنية في صنعاء وتزيد من دعمها لإدارة الإرهاب ضد القوات الجنوبية، أما بعض الأطراف في الشرعية التي لا تخفي رغبتها في إفشال أي مبادرة تنص على وقف للنار لحسابات خاصة، وترى أن الصفقة المحتملة ليست أكثر من وثيقة استسلام لإيران ووكيله الحوثي في صنعاء وهي محقة، لكنها في الوقت نفسه لا تركز جهودها على مواجهة الحوثي بل تحاول الدفع بتفجير الوضع في الجنوب من خلال تحريك ما تبقى لها من وحدات عسكرية ولن تمانع أن تقوم بالتنسيق مع مليشيات الحوثي في أي عمل موجه ضد الجنوب.
في المحصلة، خطة السلام المطروحة لا تقدم إجابات للقضايا الجوهرية في الصراع بل تدعم في جوهرها الاعتراف بالحوثي حاكما في صنعاء، دون الإشارة إلى وضع الجنوب والمجلس الانتقالي معا بل وتحاول القفز على حقوق الجنوبيين، وهذا الخيار لن يكون بالأمر السهل الذي يمكن تمريره عليهم.
الجميع يناور ويستغل المفاوضات "المفترضة' لتحسين مواقعه إلا الانتقالي الذي يبدو أن قيادته لا تعيش أحسن ايامها، بالرغم من وضح الصورة أمام الجميع حيث أن استراتيجية صفقة السلام قائمة على القفز على المشروع الجنوبي، وهذا حتما سيؤدي إلى استمرار الصراع وعدم الاستقرار ولن توضع الصفقة حدا لنهايته، فهل استعد الانتقالي لمثل هذا السيناريو؟
لذلك، لا بد القول انه قد اصبح لزاما على المجلس الإنتقالي الجنوبي الوقوف أمام كل هذه التطورات التي تلف المنطقة واعادة النظر في كل ما قام به منذ اتفاق الرياض ومواجهة التحديات بشيء من الوضوح والحزم حتى لا يجد نفسه في مواجهة مع الجميع.
ما شهدته المنطقة بعد ٧ اكتوبر ٢٠٢٣م في غزة، وإنفجار الوضع في الشرق الأوسط أوجد معطى جديد بعد انخراط المليشيات اللادولتية في المنطقة لتصبح طرفا فيه، ودخول مليشيات الحوثي بأوامر من الحرس الثوري الإيراني بالقيام بعمليات القرصنة والإرهاب في البحر الأحمر، أخرج للعلن ما كان يحاول الجميع اخفاءه عن طبيعة الصراع في اليمن والجنوب وارتباطه في جزء كبير منه بالإقليم، أي أنه يدار بعيدا عن قدرة أطراف الصراع المحلية التحكم فيه أو إدارته وفقا لمعطياتها الوطنية وإنما يتم توجيهه من قوى إقليمية جعلت من اليمن والجنوب ساحة تبادل رسائل وابتزاز، أفقد مبادرة أو صفقة مسقط القدرة على تقديم استراتيجية حقيقية للسلام تعكس الحقائق على الارض وتعالج اسباب الصراع الجوهرية وتعرض ترتيبات موضوعية لليوم التالي ما بعد الحرب، خصوصا بعدما منيت الشرعية بالفشل في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب، لا سيما القضاء على إنقلاب الحوثي وعودتها إلى صنعاء.
فبالنسبة للجنوب وممثله المجلس الانتقالي، فإن الفشل جنوبا ممنوع، ومن هنا يتوجب على قيادته أن تدرك أن مقياس الربح والخسارة في الحروب ليس دوما عسكريا بقدر ما هي النتائج السياسية المترتبة على نتائج الحرب، ولذا من المهم عليها أن تستوعب أن انتصار المقاومة الجنوبية كان عامل الحسم المهم في الانتصار على المحور الإيراني وحلفائه الحوثيين والمخفيين من بقايا النظام في الشرعية وقبائل الفيد وهزيمتهم في الجنوب ورقة رابحة قوية له لا يجب التفريط فيه، وأن ميزان النصر في مشروعه الوطني يمثل بالتالي ضمانا لبقاء الجنوب بعيدا عن هيمنة إيران وأهدافها التوسعية ومشروع الحوثي اللادولتي والعابر للحدود، وعليه لابد من مواجهة السؤال الكبير وهو، هل الحصيلة السياسية للجنوب وللانتقالي تتناسب مع الدور الفاعل والتضحيات التي قدمها الجنوبيين؟
على الرغم من إدراك القوى الإقليمية لأهمية بقاء الجنوب بعيدا عن نفوذ إيران، وتفهمها لقضية شعب الجنوب والذي شكل اتفاق الرياض اعترافا ضمنيا من قبلها بالمجلس الانتقالي الحامل السياسي لها، إلا أنها تجاهلت في كثير من المنعطفات وضع الحقوق الوطنية الجنوبية في مكانها الحقيقي، وأظهرت مواقف غير مريحة للانتقالي تحت ذريعة ترى أن الوقت قد لا يكون مناسبا للبحث في قضية شعب الجنوب الوطنية، ولم تسمح للجنوبيين بإستكمال سيطرتهم على باقي التراب الوطني، كما أن دعمها القوي للشرعية بحكم وضعها القانوني التي بدورها عملت بتفان منقطع النظير على عرقلة جهود المجلس الانتقالي ولم تسمح له بأن يحقق أي إنجاز في مناطق سيطرته ولا تخفي ذلك مطلقا بل عملت وتعمل سرا وعلانية على إفشال كل الجهود التي تتيح له إدارة الجنوب بشكل أوسع أو المشاركة في حكمه، وهذه الممارسات من الأمور التي تبقي الوضع باستمرار في حالة توتر قابل للانفجار بين الشرعية والمجلس خصوصا بعد أن وصلت الأوضاع الاقتصادية إلى مستوى الكارثة.
بالنسبة للأطراف الدولية تصر على أن مبادرة السلام على الطريق الصحيح، لكن الواقع يقول عكس ذلك فالأمور غير مستقرة وقابلة للانفجار وتجدد الحرب لا زال واردا وربما دخول أطراف جديدة أخرى، بل من المرجح أن القوى اليمنية التي دائما تنتعش مصالحها في الحروب ستضع العراقيل وتعيد تموضعها، وقد تتماهى مع الحوثي وترفض الألتزام بقيام دولة مدنية في صنعاء وتزيد من دعمها لإدارة الإرهاب ضد القوات الجنوبية، أما بعض الأطراف في الشرعية التي لا تخفي رغبتها في إفشال أي مبادرة تنص على وقف للنار لحسابات خاصة، وترى أن الصفقة المحتملة ليست أكثر من وثيقة استسلام لإيران ووكيله الحوثي في صنعاء وهي محقة، لكنها في الوقت نفسه لا تركز جهودها على مواجهة الحوثي بل تحاول الدفع بتفجير الوضع في الجنوب من خلال تحريك ما تبقى لها من وحدات عسكرية ولن تمانع أن تقوم بالتنسيق مع مليشيات الحوثي في أي عمل موجه ضد الجنوب.
في المحصلة، خطة السلام المطروحة لا تقدم إجابات للقضايا الجوهرية في الصراع بل تدعم في جوهرها الاعتراف بالحوثي حاكما في صنعاء، دون الإشارة إلى وضع الجنوب والمجلس الانتقالي معا بل وتحاول القفز على حقوق الجنوبيين، وهذا الخيار لن يكون بالأمر السهل الذي يمكن تمريره عليهم.
الجميع يناور ويستغل المفاوضات "المفترضة' لتحسين مواقعه إلا الانتقالي الذي يبدو أن قيادته لا تعيش أحسن ايامها، بالرغم من وضح الصورة أمام الجميع حيث أن استراتيجية صفقة السلام قائمة على القفز على المشروع الجنوبي، وهذا حتما سيؤدي إلى استمرار الصراع وعدم الاستقرار ولن توضع الصفقة حدا لنهايته، فهل استعد الانتقالي لمثل هذا السيناريو؟
لذلك، لا بد القول انه قد اصبح لزاما على المجلس الإنتقالي الجنوبي الوقوف أمام كل هذه التطورات التي تلف المنطقة واعادة النظر في كل ما قام به منذ اتفاق الرياض ومواجهة التحديات بشيء من الوضوح والحزم حتى لا يجد نفسه في مواجهة مع الجميع.