> "الأيام" غرفة الأخبار:

تتهاوى قيمة العملة المحلية في اليمن حالياً رغم استئناف البنك المركزي اليمني - عدن، مزادات لبيع النقد الأجنبي للبنوك التجارية بعد أيام من حصوله على 3 دفع من الدعم الاقتصادي الذي أعلنته السعودية للحكومة المعترف بها دولياً في عدن.

وكانت السعودية أقرت، في أغسطس الماضي، منحة بقيمة 1.2 مليار دولار للحكومة اليمنية، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلد الذي مزقته الحرب من شبه انهيار.

وتواصل الرياض تقديم دعمها للحكومة اليمنية، كان آخره ما أعلنه رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، في (13 يونيو 2024) عن منحة سعودية جديدة لدعم الموازنة العامة للدولة، وكذا منحة مشتقات نفطية لتشغيل محطات الكهرباء في المحافظات المحررة.

وكانت وسائل إعلام، بينها قناة "العربية" السعودية، نقلت عن مصادر في الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، أن الرياض أودعت نحو 300 مليون دولار في حسابات البنك المركزي اليمني.

وذكرت أنها الدفعة الرابعة من المنحة السعودية البالغة 1.2 مليار دولار ومدتها عام، والتي بدأت في أغسطس، إلى البنك الذي يقع مقره في العاصمة المؤقتة للبلاد عدن بجنوب اليمن.

ويعتمد أكثر من ثلثي اليمنيين على المساعدات للاستمرار، وسط أزمة اقتصادية حادة تسبّبت فيها الحرب، وانهيار العملة، والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد والتجارة مع الخارج؛ ما يضع تساؤلات حول أسباب استمرار انهيار العملة على الرغم من الدعم السعودي المستمر.

يشير الخبير الاقتصادي اليمني، وفيق صالح، إلى وجود مجموعة من الاختلالات التي قال إنها "تشوب الوضعين المالي والنقدي في البلاد".

وأضاف أن تلك الاختلالات "ساعدت المضاربين بالعملة والسوق السوداء على التأثير على استقرار أسعار الصرف وضرب قيمة الريال اليمني في مناطق الحكومة المعترف بها دولياً".

ويلفت، في حديثه الخاص لـ"الخليج أونلاين"، إلى أن الانقسام النقدي وبقاء كتلة كبيرة من السيولة خارج إطار الجهاز المصرفي الرسمي، "من أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع وتيرة الطلب على شراء النقد الأجنبي وإن كان بصورة مفتعلة بهدف تحقيق الأرباح من التلاعب بقيمة العملة المحلية، والتأثير على استقرار السوق المصرفية".

علاوة على ذلك هناك أسباب أخرى، حسب صالح، تتعلق بـ"المالية العامة للدولة، مثل توقف المصادر المستدامة من النقد الأجنبي للحكومة، وتراجع الموارد المحلية، إضافة إلى اتساع العجز في ميزان المدفوعات مع زيادة الواردات وتراجع الصادرات".

وأكمل: "ومن ثَم فهذا الاختلال في الميزان التجاري للدولة يؤثر بشكل بالغ على استقرار سعر العملة في السوق المحلية".

ويؤكد أن بقاء هذه المعضلات في الاقتصاد اليمني، وتضاعف حجم التحديات، "يفرض أن يكون هناك تدخل بحجم المشكلة لمعالجة هذه الأوضاع الاستثنائية، سواء من حيث الدعم الخارجي أو المعالجات الحكومية، وإيجاد البدائل لمعالجة مشكلة نقص الموارد وشح النقد الأجنبي".

كما يشير إلى أن ما حصل عليه البنك حتى الآن، خصوصاً من الودائع السعودية الإماراتية، "لا يتناسب مع حجم الإشكالية التي يعاني منها الاقتصاد اليمني".

بينما كان اليمنيون يعتقدون أن الدعم الذي تقدمه المملكة سينقذ الاقتصاد اليمني من الانهيار، وجدوا أنفسهم أمام انهيار مستمر للعملة المحلية وتزايد أسعار السلع المختلفة.
  • انهيار العملة
ودخلت الأزمة المالية والمصرفية في اليمن مرحلة خطيرة في ظل تسارع انهيار الريال اليمني والوضعية المقلقة للقطاع المصرفي.

يأتي ذلك في الوقت الذي وصلت فيه أزمة المصارف اليمنية إلى طريق مسدود، والمخاوف المتصاعدة حول وضعيتها التي تهدد بعضها بالإفلاس، وسط تدهور متواصل للعملة المحلية التي سجلت رقماً قياسياً بتجاوزها حاجز 1800 ريال للدولار.

وجاء وصول العملة إلى هذا الحد بعد إعلان البنك المركزي عن المزاد الثامن للعام الحالي 2024 لبيع العملات الأجنبية، والذي يرجع لبدء استيعاب الدفعة الثالثة من المنحة السعودية التي يخُصَّص جزء كبير منها للمزادات.

ويمثل الانقسام المالي في البلاد، بين الحكومة المعترف بها دولياً وجماعة الحوثي المدعومة من إيران، عاملاً حاسماً في تدهور العملة المحلية، لا سيما بعد قرار الحوثيين، نهاية 2019، منع تداول الطبعات الجديدة من العملة التي ضخها البنك المركزي في عدن.
  • أسباب مختلفة
وتوقف القتال إلى حد بعيد مع جماعة الحوثي في شمال اليمن خلال العام الماضي، لكن الحكومة المدعومة من السعودية في عدن تعاني بسبب تراجع قيمة العملة والنقص في الاحتياطيات الأجنبية وارتفاع الأسعار.

وتقول الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إن الاقتصاد تكبد خسائر بنحو ملياري دولار من جراء توقف تصدير النفط الخام عقب استهداف جماعة الحوثي موانئ نفطية في جنوب وشرق البلاد أواخر عام 2022.

وشنت جماعة الحوثي هجمات على ثلاثة موانئ نفطية، هي الضبة والنشيمة وقنا في محافظتي حضرموت وشبوة شرق البلاد، وسط دعوات محلية ودولية لوقف الهجمات.

كما يستهدف الحوثيون، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم المناطق المأهولة بالسكان في البلاد، الشحن الدولي في البحر الأحمر. وتقول الجماعة إن هجماتها تأتي تضامناً مع الفلسطينيين في ظل الحرب مع "إسرائيل"، ونتيجة لذلك نفذت الولايات المتحدة وبريطانيا هجمات انتقامية منذ الشهر الماضي.

ويوجد في البلاد بنكان مركزيان متنافسان أحدهما خاضع للحكومة المعترف بها في عدن والآخر لجماعة الحوثي في صنعاء.

ووفقاً لمراكز اقتصادية، انخفض الريال اليمني بأكثر من 300% عما كان عليه قبل الحرب عندما كان سعر الصرف مستقراً عند نحو 214 ريالاً أمام الدولار في 2014.

ويخشى مراقبون من أن تواصل العملة اليمنية انهيارها وتبلغ ألفي ريال مقابل الدولار بحلول نهاية العام، وهو ما ينذر بحدوث مجاعة تهدد ملايين اليمنيين.