> حسين مجدوبي:
هل استعملت جماعة الحوثي صاروخا فرط صوتي “حاتم 2” لضرب سفينة إسرائيلية في بحر العرب؟ إنه السؤال المحير في الأوساط العسكرية الغربية والإقليمية.
وفي حالة تأكيد هذا المعطى، سيفسر الكثير من القرارات ومنها تريث البنتاغون بعدم إرسال حاملة طائرات إلى البحر الأحمر في الوقت الراهن.
وقبل نوفمبر الماضي، لم يكن أحد يتكهن بمشاركة القوات الحوثية بشكل مباشر في الحرب ضد إسرائيل، إذ بدأت المرحلة الأولى باستهداف السفن الإسرائيلية التي تمر من باب المندب، ثم في المرحلة الثانية كل السفن التي تقصد إسرائيل، وأخيرا استهداف السفن العسكرية الغربية. في الوقت ذاته، قام الحوثيون بتوجيه ضربات إلى الموانئ الإسرائيلية.
لقد فرض الحوثيون معادلة جديدة وهو ما دفع الغرب الى إنشاء عمليتين عسكريتين لحماية الملاحة الدولية، الأمريكية بعنوان “حارس الرفاهية” والأوروبية “أسبيديس”، لكن الملاحة الدولية عبر باب المندب تقلصت بشكل كبير للغاية.
لا أحد يجادل الآن في استعمال الحوثيين صواريخ باليستية متطورة وطائرات مسيرة تضرب أهدافا إسرائيلية، غير أن الرقابة العسكرية التي يفرضها الجيش الإسرائيلي تحول دون معرفة الحقيقة، أي نوعية وحجم الخسائر.
لكن التطور الخطير هو ما صدر عن الحوثيين، أمس الأربعاء، باستعمال صاروخ فرط صوتي في ضرب السفينة الإسرائيلية (MSC SARAH V) في عرض بحر العرب في اليوم السابق.
وإذا صح الخبر، فهو يعني:
أولا، نجاح إيران في مد الحوثيين بصواريخ فرط صوتية أو مساعدتهم في تطويرها لضرب سفن وأهداف في إسرائيل، إذ إنه امتلاك الحوثيين صناعة صاروخية لا بأس بها، يبقى الانتقال الى صواريخ فرط صوتية صعب للغاية.
وثانيا، هذه هي المرة الثالثة التي تستعمل فيها دولة صواريخ من هذا النوع، وكانت الأولى عندما ضربت روسيا أوكرانيا بهذا النوع من الصواريخ سنة 2022، والثانية عندما قصفت إيران منشآت عسكرية إسرائيلية يوم 14 أبريل الماضي، والمرة الثالثة يوم 25 يونيو.
يعتبر امتلاك القوات الحوثية صواريخ فرط صوتية منعطفا كبيرا في خريطة التسلح في الخليج العربي، لأن هذا النوع من الصواريخ تعجز حتى الدول ذات التاريخ في الصناعة العسكرية عن صناعته، كما تمتلك دول قليلة جدا لا تتعدى الخمس أو الست هذا النوع من الصواريخ، وتعتبر روسيا في الطليعة. ويتجلى خطر هذا الصاروخ في سرعته الفائقة جدا حيث لا تستطيع غالبية أنظمة الدفاع الجوي اعتراضه.
وكان الإعلام الإسرائيلي ومنه قناة “إي 24 نيوز” قد تساءل خلال مارس الماضي عن فرضية امتلاك الحوثيين صواريخ فرط صوتية وكيف سيزيد هذا من القلق على الملاحة.
كما أن فرضية توفر هذا النوع من الصواريخ لدى الحوثيين قد يكون دفع البنتاغون الى جعل البحر الأحمر بدون حاملة طائرات بعد انسحاب إيزنهاور والاكتفاء بالسفن التي لديها نظام “الدرع الصاروخي” وهي القادرة نسبيا على اعتراض هذا النوع من الصواريخ. وكان لدى البنتاغون حاملتا طائرات ما بين نوفمبر الى غاية فبراير الماضي في الشرق الأوسط، والآن لا يوجد أي منها رغم فرضية احتمال نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله.
وكان الغرب يقلل من قيمة الأسلحة التي تصنعها بعض الدول مثل تركيا وإيران وصواريخ اليمن لكنه لاحقا بدأ يحذّر من المسيرات التركية والإيرانية ويريد فرض قيود على تطوير إيران للصواريخ، والآن يتفاجأ بالصواريخ اليمنية التي قد تكون إما مستوردة من إيران أو ساهمت هذه الأخيرة في تطويرها في اليمن. وإذا صح استخدام الحوثيين لتلك الصواريخ، فهذا سيمنحهم قوة حقيقية في مراقبة الملاحة في باب المندب والتحكم فيها.
عن "القدس العربي"