> «الأيام» غرفة الأخبار:

أكد السياسي الجنوبي البارز وسفير اليمن لدى المملكة المتحدة د. ياسين سعيد نعمان، أن الحوار الجاد هو الأداة التي لا تعلوها أداة في تشخيص المشاكل والأزمات التي تواجه الجنوب وإيجاد حل لها.

وقال ياسين في مقال له بعنوان: "الجنوب وخيارات نخبه السياسية، مرة أخرى" أمس: "تحاورت النخب الجنوبية كثيراً، ولأنها كانت حوارات نخبوية فقد توقف الحوار عند المشاكل التي عَلِقَت فيها النخب السياسية في علاقتها ببعضها، ولم تتخذ الحوارات مجرى يمتد بها إلى المجتمع في صيغ من البحث عن شراكة حقيقية مع المجتمع عبر منظماته المدنية والعلمية والمهنية والشبابية والعمالية والمرأة والمنتجين على نطاق واسع".

وأكد نعمان أن "الجنوب ليس بهذه الهشاشة التي يبدو عليها المشهد اليوم، الجنوب يحتفظ بروابط قوية تجاوزت قوتها وتأثيرها التكوينات السياسية والاجتماعية التي قسمته تاريخياً، وأبقته متخلفاً بلا مسار واضح أو هوية محددة".

وقال: "لقد ظل الجنوب يدور في فراغات بحثاً عن فرصة للخروج من مأزق التشرذم والانقسام، حتى وحدته ثورة 14 أكتوبر في دولة وطنية واحدة، استطاعت أن تعزز من تلك الروابط، وتنتقل بها إلى صيغ مؤسسية جعلت منه دولة قوية بنظام مؤسسي وقانوني، وهوية وطنية أصبح الجنوب في معادلتها المعقدة المعطى الذي أخذت تتراجع أمامه الإشكاليات التي طالما اشتقت من مجاهيل المعادلة، أو تلك التي حُشرت في المعادلة الوطنية كأرقام شاذة، متعالية، فجرتها من داخلها فيما بعد".

ومضى قائلا: "رغم كل ما تعرض له الجنوب من محاولات لتفكيك تلك الروابط منذ الوحدة، التي حملها كمشروع وطني تأسس في صلب كفاحه الوطني من أجل الاستقلال، إلا أن تلك الروابط ظلت تقاوم كل محاولات زجه في صراعات وانقسامات تعيده إلى المربع الأول والقديم. ومع تفاقم الأزمات التي أنتجها تكسير الدولة الوطنية، نشأت ظروف لتوليد خيارات سياسية لنخب سياسية واجتماعية جنوبية من منطلقات حاولت أن تلتحم في مسار واحد يعيد الجنوب إلى مكانته في المعادلة، غير أن هذا الالتحام أخذ يتشقق بسبب عدم قدرة ديناميات ذلك الالتحام على تجاوز خيارات نخبه السياسية في صيغها التفصيلية المفعمة بطروحات الماضي وإرباكات وحسابات الحاضر، والتي للأسف أخذت توظف في مسارات تناقض وتنتقص من بعضها في تشويه يُعَمّمُ فيه ما يردد من أن الجنوبيين لن يتفقوا، وإن اتفقوا فعلى بقائهم مختلفين".

وأوضح أن "غياب الثقة، الناشئ عما لحق بالنخب والمجتمع ككل من جراح جراء الصراعات المستمرة، هو عامل أساسي في هذه المسألة، فلا شك أن هناك عوامل تاريخية لم تتمكن نخب الجنوب من تسويتها، حيث ظلت هذه العوامل أشبه بحائط مبكى لكل من يريد أن يهرب من استحقاقات المرحلة، أو لمن يريد أن يبتز الآخرين لتحقيق مكاسب إضافية، حتى باتت هذه المسألة أحد العوائق الأساسية في الاتفاق على أدوات بعينها لإدارة الاختلاف والخلاف معاً على قاعدة المسؤولية المشتركة في إنتاج المشكلة والمسئولية المشتركة في إيجاد حل لها".

واختتم د. ياسين سعيد نعمان، بقوله، "لا نتوقف هنا في حديثنا عن قوة قيمة الحوار في حياة الأمم، بل عن قوة ما يتمخض عن هذه القيمة من نتائج. من هنا كان لا بد أن تدرك نخب الجنوب السياسية والاجتماعية والثقافية أن الحوار، والحوار وحده، هو الذي سيفتح أمامها الطريق إلى التفاهم، وإعادة الجنوب إلى المسار الذي يجعل منه معطىً فعالاً في المعادلة السياسية الوطنية التي سَتُحَل بقوةِ هذا المعطى لا بمجاهيل ما ترتبه هشاشته من تشوه في هذه المعادلة.