> «الأيام» غرفة الأخبار:

​أكد وزير الخارجية اليمني في حوار خاص مع "إندبندنت عربية" أمس، أن مشروع الدولة والسلام المطروح لا بد أن تحمله قوة تحميه لضمان "سلام لا استسلام".

لم يخف الزنداني تعقيدات الواقع واستشرافاته المستقبلية وما تحفل به هذه المسؤولية من جهد وحشد سياسي وإنساني ملح، يزيد من صعوباته تداخل المصالح والأجندات الداخلية والدولية بانعكاسات مؤثرة على طبيعة وأبعاد الصراع الذي مضى عليه عقد من الزمن الكالح في وجدان اليمنيين.

وأمام ذلك بدا الوزير معتداً بأمرين، أولهما مشروعية حكومته ومركزيتها القانونية في استعادة ما بقي من الدولة من قبضة الميليشيات الحوثية، وثانيهما ما وصفه بـ "إسناد السعودية التاريخي" لليمن وشعبه وهو الموقف الذي اعتبر أنه "حافظ على الشرعية وكيانها دولياً" ومثل خلفية إسناد لبلاده.

ويعزو أسباب ما يطرح عن شرعية تواجه بنقد محلي لمحدودية تأثيرها الوطني داخلياً وضعف ثقلها دولياً، إلى حال "الانهيار المريع الذي أصاب الدولة جراء الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران واندلاع الحرب"، ولهذا "لا نتحدث عن أجهزة دولة وحكومة في وضع طبيعي مستتب".

يؤكد الزنداني أن هذا الوضع أنتج "كثيراً من الاختلالات الكبيرة التي حدثت على جميع الصعد الاقتصادية والعسكرية والأمنية وحتى الاجتماعية، لأننا في وضع حرب، بينما نجد من يطالب الشرعية بأن تكون حكومة طبيعية وكأننا في سلام ووضع طبيعي. بالتأكيد توجد تحديات كبيرة، لكن عندما نحاكم وضع الحكومة نفسها لا بد أن ننظر للواقع الموضوعي الذي نواجهه".

يضيف "بالتأكيد توجد سلبيات وتقصير وتحديات ومن أهمها ما يتعلق بعمل الحكومة في الجانب الاقتصادي وعدم التعامل مع الموارد ومنها الموارد المتاحة على النحو المطلوب".

وبالعودة إلى الوراء يستشهد الزنداني بـ "نفاذ الحوثي من بين فراغات الخلاف بين القوى اليمنية التي كانت ركيزة الجمهورية حتى أسقط الدولة، ولولا الخلاف لما تمكن من المجيء من صعدة". ويضيف "بالنتيجة نحن امتداد للوضع السابق".

أما المكونات التي تقع في مناطق سيطرة الحكومة فيعتبرها "أمراً طبيعياً جاء كنتيجة لدخول الحوثيين هذه المناطق وحدوث مواجهات وكانت هناك مقاومة بذلتها هذه القوى التي لم تكن منظمة ولا ضمن مؤسسات الدولة وأفرزتها الحرب، بالتالي أصبحت موجودة على الأرض وأوجدت لها تعبيراتها في النهاية، هذه التعبيرات لم تكن خياراً انتقائياً لكنه طبيعي".

يرى وزير الخارجية أنه من "العملي على الحكومة أن تستوعب هذه الأطراف بعد أن واجهوا الحوثي وضحوا، وأمامنا عدو واحد وهو الحوثي الذي اغتصب سلطة الدولة في جزء من الأراضي اليمنية".

بالمجمل يرى الزنداني أن "مجلس القيادة الرئاسي تشكل من جميع الأطراف كنتاج للقوى الفاعلة على الأرض، وفي كل تحالف من الطبيعي ألا يوجد تجانس متكامل وأحياناً هناك بعض المشاريع المتعارضة في ما بينها والرؤى المستقبلية، ومع هذا لا يوجد خلاف على قضية استعادة سلطة الدولة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي، وهناك اتفاق مبدئي لدى جميع الأطراف السياسية على استعادة السلطة المغتصبة".

يعزو الزنداني بروز خلافات تهدد حال التوافق داخل مجلس القيادة الرئاسي إلى وجود "ظروف غير مرئية أحياناً يفهمها المراقب بأنها خلافات، صحيح هناك تباينات وهذه التباينات أحياناً ظاهرة صحية، لكن الشيء الإيجابي في هذه الخلافات يكمن في كيفية إدارتها بين رفاق الدرب والقضية الواحدة".

يتابع "لدينا عدو مشترك ويجب علينا لمواجهته أن نعزز الوحدة الوطنية والتقارب بين كل الأطراف لأنه يشكل خطراً على الجميع". ويعتبر أن "المشكلة مع الحوثي ليست لمجرد مسمى أو كيان لكن لأن لديهم مشروعاً لا يمكن أن يلتقي مع أي برنامج لقضية الحفاظ على اليمن ومستقبل شعبه".

وقال "الحكومة تؤكد في كل المناسبات رغبتها الجادة في إنهاء الحرب لأنها المعنية بمستقبل الشعب اليمني وقضية استقرار البلاد ووضع حد لمعاناة شعبها الطويلة جراء الانقلاب، لكن مبادرات الحكومة تصطدم كل مرة بتعنت الحوثيين".

يستطرد "بل إن بعض الدول سعت إلى تشجيع الحوثيين ولم تكن ترغب في هزيمتهم عسكرياً، بدليل أننا عندما كنا في الحرب التي فرضت علينا نجد من يقول لا بد من حل سياسي، وعندما كانت قوات الحكومة على أطراف مدينة الحديدة ومطارها والميناء (منطقة استراتيجية تطل على البحر الأحمر وبها ثاني أكبر ميناء في البلاد) وعلى أطراف العاصمة صنعاء لم يسمح لقواتنا بالسيطرة على المدينتين".

بالسؤال عن الطرف الذي لم يسمح والمصلحة الدولية من بقاء اليمن متوتراً، يجيب بأنها "المصالح الدولية التي تداخلت في هذه اللحظة، بمعنى أن القصة ليست ضعف الحكومة وقوة الحوثي، وإنما هناك مصالح استراتيجية لكثير من الدول تكون غير مرئية، وإلا فما هي المصلحة من إيقاف دخول قوات الشرعية إلى مدينة الحديدة التي تمثل للحوثي شريان حياة اقتصادي ومنطقة لتسلم الأسلحة المهربة إليهم".

يتطرق الوزير إلى اتفاق ستوكهولم الذي قال إنه لم ينفذ منه بند واحد من قبل الحوثيين بعد أن تم الضغط على الشرعية للتوقيع عليه، بحجة المخاوف على الوضع الإنساني بداخلها. ويتساءل "أين هذه الإرادة الدولية التي كانت تحرص على الجانب الإنساني، في حين تضغط على الحكومة بشكل مستمر لتقديم التنازلات للحوثيين، وحتى المنظمات الدولية كلما طالبناها بنقل مقارها إلى عدن يتحججون بالجانب الإنساني".

وعن مدى مثالية الظروف العامة في عدن لاستقبال مقار المنظمات الدولية أوضح أن "الأوضاع في عدن تغيرت عما كانت عليه في السابق لأن الظروف اليوم مواتية والوضع الأمني مستتب".

وبشأن الأوضاع الأمنية والعسكرية وجهود توحيد قرارها قال الزنداني "نتحدث عن حكومة فيها كل المكونات بغض النظر عن أي تجاوزات تحصل هنا أو هناك، وهي ملتزمة بسياسة الدولة والحكومة ممثلة بمجلس القيادة الرئاسي وهو المرجعية بالنسبة إلينا في السلطة. وتدليلاً على ذلك سنمارس عملنا بشكل كامل من عدن، وسنعيد تأسيس وبناء الوزارة بكل دوائرها وأقسامها لتقوم بممارسة وظائفها في رسم وتنفيذ السياسة الخارجية للدولة، ولم نصادف أي عراقيل أو معارضة من أي طرف كان".

يكشف الزنداني عن "وجود مصلحة لدى بعض القوى داخل الشرعية بأن لا توجد أجهزة الدولة في عدن كعاصمة موقتة، وهو هدف الحوثيين أيضاً، ولهذا يحاولون تكبير الأحداث الصغيرة ونشر الإشاعات المغرضة".

أمام هذه التحديات التي تقف في وجه الشرعية يرى الوزير أنه "يجب على الحكومة تقديم نموذج ناجح في عملها من عدن وبقية المناطق التي تسيطر عليها، وتعزيز الوحدة الوطنية وبناء الثقة بشكل حقيقي، حتى تزول المخاوف بين هذه الأطراف، ونشتغل بالإمكانات والموارد الموجودة لتحسين أداء أجهزة الدولة".

وفي قراءته لهذه العملية السياسية التي طال الحديث عنها خلال العامين الماضيين وخريطة الطريق نحو السلام الشامل التي طرحتها السعودية، يؤكد أن الخريطة تضمنت "تنازلاً كبيراً من الحكومة لأن هدفنا مصلحة الشعب اليمني، لكن للأسف هذه الخريطة التي كنا جاهزين للتوقيع عليها تعثرت بسبب الهجمات التي يشنها الحوثيون على المياه الدولية في البحر الأحمر". أما ما يتعلق بالعودة لهذه الخريطة فأكد أنها مطروحة وموجودة ولم تنته".

عن جدوى الخريطة ومدى واقعيتها قال "هي مقدمة لعملية طويلة تتمثل في تمديد الهدنة وفتح الموانئ والمطارات وتصدير النفط، وهذه لها علاقة مباشرة بالجانب الاقتصادي والإنساني الذي سيمهد تالياً للانتقال إلى الملف السياسي".

يستطرد "البعض كان يعتقد أن العالم يتعامل معنا من أجلنا نحن فقط، بينما كان للدور السعودي الأثر الكبير على الصعيد الخارجي في دعمنا كحكومة شرعية في الخارج".

يرجع هذا الثقل إلى "مركزية المملكة في المنطقة، وتأثيرها الكبير على الصعيد العربي والإسلامي، وهناك متغيرات حدثت على الصعيد الإقليمي والدولي وتوجه بعدم مشاغلة المملكة وإدخالها في كل المعارك الجانبية"، مستدركاً، "للأسف بعض الأطراف في اليمن لم تدرك ماهية هذا التحالف وطبيعته".

ويتساءل: "هل مطلوب من الأشقاء أن يأتوا ويعملوا لنا كل شيء؟ هم لم يقصروا بالحدود المتاحة بالنسبة إليهم، هناك أطراف مغرضة تحاول الإساءة إلى دور التحالف ومواقفه معنا، لكن نقول بدرجة أساسية إن هذا الدعم المستمر لهذه السنوات كلها دليل حقيقي على موقفهم الداعم المستمر، ونحن علينا دور، فليس من المعقول أنه كلما حدث لدينا خلل يأتي من يساعدنا وينوب عنا لمعالجته".