> "الأيام" غرفة الأخبار:
لقي أكثر من 50 شخصاً حتفهم في حصيلة غير نهائية، فيما لا يزال العشرات في عداد المفقودين نتيجة السيول التي اجتاحت محافظات الحديدة وحجة وتعز غربي اليمن. فيما وجَّهت الحكومة اليمنية، الخميس "نداء استغاثة عاجلاً" إلى المانحين الدوليين؛ لمساعدتها في التصدي لأضرار السيول، وتحت عنوان "نداء استغاثة عاجل"، قالت وزارة التخطيط والتعاون الدولي: "ندعو جميع الشركاء الدوليين والإقليميين من الدول والمؤسسات المالية والمنظمات الدولية والإنسانية إلى دعم الحكومة اليمنية في التصدي لأضرار المنخفض الجوي الذي يضرب محافظتي حجة والحديدة (غرب) حالياً".
وأوضحت الوزارة، في بيان وصل الأناضول نسخة منه، أن "المنخفض الجوي تسبب بفيضانات وسيول ألحقت أضراراً جسيمة في البنية التحتية والممتلكات العامة والخاصة "، وحذرت من أن السيول "تهدد حياة السكان وتعرض ممتلكاتهم للخطر؛ ما يتطلب تدخلاً شاملاً وعاجلاً لمعالجة تداعيات الفيضانات وتخفيف معاناة المتضررين".
ويقول أحد سكان مديرية الدريهمي، غربي الحديدة، عبده حسن، لـ "العربي الجديد"، إن "كل ما في المنزل تضرر بعدما غمرته السيول الجارفة، وأصبحت أسرته بلا مأوى بعد تضرر شبه كامل لمنزله، في ظل عجز السلطات عن تقديم المعونة للأسر المتضررة من السيول، بل أصبحت عشرات الأسر بلا مأوى".
بدوره، يوضح أحد سكان الحديدة، سالم البرعي، لـ "العربي الجديد"، أن "الحديدة لم تشهد مثل هذه الأمطار التي استمرت ساعات عدة، في ظل تدفق السيول من الأودية، ما تسبب بكارثة حقيقية بعدما جرفت السيول قرى بأكملها والسيارات ودمرت منازل، كما جرفت مزارع المواطنين وتسببت بمقتل العشرات ونفوق مئات الحيوانات التي تعد مصدر رزق المزارعين الوحيد".
وشهدت محافظة الحديدة غربي اليمن خلال الساعات الماضية سيولاً غير مسبوقة ناتجة عن الأمطار الغزيرة التي استمرت أكثر من ثلاث ساعات، ما تسبب بفيضانات وسيول جرفت عدداً من القرى ودمرت عشرات المساكن. وفي وقت سابق، تحدث محافظ الحديدة التابع لحكومة أنصار الله الحوثيين، محمد قحيم، عن 30 حالة وفاة وخمسة مفقودين ونزوح المئات من الأهالي نتيجة السيول في الحديدة.
وتسببت السيول والفيضانات بتهجير أكثر من 500 أسرة من منازلها، بحثاً عن مأوى، بعدما غمرتها السيول بالكامل.
وفي المناطق المحررة من محافظة الحديدة، تسببت السيول الجارفة في مديريتي حيس والخوخة بأضرار بالغة في المخيمات التي تؤوي النازحين وممتلكاتهم والبنية التحتية. وأفاد مكتب الوحدة التنفيذية بمحافظة الحديدة بأن السيول دمرت العديد من الخيام، وتسببت في انهيار بعض المرافق الأساسية، وتضررت المزارع ومواشي المواطنين.
ويكشف الدبيش أن هناك ألغاماً وعبوات ناسفة في مختلف الأشكال والأنواع وأعداداً مهولة جرفتها السيول ثم ظهرت على السطح، الأمر الذي يشكل خطراً وعبئاً كبيراً على القوات المشتركة والمواطنين، وخصوصاً أنها انتشرت في كل مكان، ويصعب الوصول إلى غالبية هذه الألغام علماً أنه جرى انتشال 2800 لغم وصلت إلى مناطق سيطرة القوات المشتركة جنوبي الحديدة.
ويعزو الدبيش تراكم السيول التي وصل منسوبها إلى ما يقارب أربعة أمتار، إلى "الخنادق والثكنات العسكرية والحفريات والأتربة التي يتخذها الحوثيون متاريس للفصل بينهم وبين القوات المشتركة، والحاويات التي جعلت هذه المياه تتراكم. ولو لم تكن هذه الحواجز موجودة، لكانت السيول ذهبت إلى البحر، ولم تحصل هذه الكارثة".
ويقول الدبيش، "الخلية الإنسانية التابعة للمقاومة الوطنية باشرت الانتشار في مناطق سيطرة الحوثيين والمزارع والقرى، ورفعت تقارير عن حجم الأضرار، وجرى إنزال بعض الخيام، وتقديم بعض الإغاثة والسلل الغذائية والدعم اللوجستي للمنكوبين، وتقدمنا برسالة رسمية إلى مكتب المبعوث الأممي نطلب فيها السماح لنا بإدخال الخلية الإنسانية المدنية تحت إشراف الأمم المتحدة.
لكن الحوثيين رفضوا، علماً أننا كنا نريد الوصول إلى الجراحي وزبيد وجبل رأس والمناطق المتضررة. كما امتنع الحوثيون عن تقديم أي دعم لهذه المناطق المتضررة الواقعة تحت سيطرتها".
من جهتها، نعت المقاومة الوطنية أربعة من أفرادها ضحوا بأنفسهم لإنقاذ مواطنين وأطفال من الغرق من جراء السيول. وتقول مصادر محلية إن سيول وادي المرير في مديرية حيس جرفت مساء الثلاثاء الماضي، ركن عمليات اللواء التاسع عمالقة أحمد حسن عبد السلام ومرافقه منذر السراجي، كما جرفت القيادي في اللواء الثاني زرانيق محمد عثمان مشعفل.
وأوضحت المصادر أنه عثر لاحقاً على جثة القيادي في اللواء الثاني زرانيق، فيما لا يزال مصير ركن عمليات اللواء التاسع عمالقة ومرافقه مجهولاً.
وفي السياق، حذرت فرق الهندسة في مديرية حيس، جنوبي الحديدة، السكان من خطر السباحة في مياه السيول المتجمعة بعد العثور على كميات من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون وجرفتها الأمطار إلى المزارع والطرقات والأودية.
وأكدت مصادر ميدانية تابعة للقوات المشتركة لـ "العربي الجديد"، أن الفرق الهندسية في القوات المشتركة عثرت على عدد من الألغام والعبوات الناسفة في منطقة وادي نخلة شرقي مديرية حيس، التي جرفتها السيول من مواقع زُرعت فيها سابقاً من قبل الحوثيين.
من جهته، أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، أن الفيضانات التي حدثت يوم الجمعة الماضي في منطقة مقبنة بمدينة تعز أسفرت عن مقتل 15 شخصاً، وتطهير الأراضي الزراعية، وإلحاق أضرار في المنازل والبنية التحتية.
وأعلنت الأمم المتحدة وفاة 15 شخصاً وتضرر 10 آلاف آخرين من جراء سيول ضربت قبل أيام محافظة تعز. وجاء ذلك في بيان مقتضب لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن. وقال البيان: "تسببت الأمطار والسيول الجارفة في مديرية مقبنة بمحافظة تعز، في 2 أغسطس، بتضرر نحو 10 آلاف شخص".
أضاف البيان أن هذه السيول "أدت إلى 15 حالة وفاة، ودفن أكثر من 80 بئراً، إضافة إلى جرف أراضٍ زراعية وتضرر المنازل والبنية التحتية". تابع: "تستجيب وكالات الإغاثة للاحتياجات العاجلة وسط صعوبات في الوصول ونقص التمويل للاستجابة السريعة".
في السياق، كشف مسؤول الوحدة التنفيذية للنازحين في محافظة حجة، عبده مساوي، عن تضرر 3571 أسرة معظمها من النازحين، من جراء سيول الأمطار في أربع مديريات شمال غرب المحافظة.
وقال إن سيول الأمطار التي ضربت مديريات حيران وحرض وميدي وعبس أخيراً خلفت أضراراً كبيرة طاولت 3571 أسرة معظمها من النازحين، مشيراً إلى أن معظم الأسر فقدت المأوى وكل ما تملك وبات أفرادها مشردين.
وأوضح مساوي أن "الأضرار تمثلت بفقدان المأوى والمياه الصالحة للشرب والغذاء والدواء، عدا عن تقطع السبل وانتشار الألغام التي زرعها الحوثيون في تلك المديريات وجرفتها السيول".
وأشار إلى أن معظم الأسر فقدت جميع ممتلكاتها وباتت في العراء من دون أية مقومات للبقاء على قيد الحياة، فضلاً عن تهديد ألغام الحوثيين التي جرفتها السيول إلى المزارع والطرقات بكميات كبيرة، وأصبحت تحاصر وتهدد حياة المدنيين.
إلى ذلك، حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) من مخاطر عالية للفيضانات المفاجئة والانهيارات الأرضية في اليمن نتيجة هطول أمطار غزيرة على مناطق متعددة خلال الأيام المقبلة.
وأفادت في "نشرة الإنذار المبكر للأرصاد الجوية الزراعية"، الصادرة الثلاثاء الماضي، بأنه من المتوقع أن يشهد اليمن خلال الأيام القليلة المقبلة هطول أمطار غزيرة تصل إلى 300 ملم في المرتفعات الوسطى والجنوبية، مع أعلى كثافة يومية للأمطار تصل إلى أكثر من 120 ملم في 7 أغسطس.
وأشارت "الفاو" إلى أن الأمطار الغزيرة المرجح هطولها بين 1 و10 أغسطس قد تشمل حتى المحافظات الأكثر جفافا مثل غرب حضرموت، التي قد تتلقى ما يصل إلى 60 ملم من الأمطار.
وأكدت أن استمرار هطول الأمطار الغزيرة خلال الأسابيع المقبلة سيزيد من احتمال حدوث فيضانات وانهيارات أرضية بشكل كبير. كما أوضحت أن المناطق المعرضة لخطر الفيضانات تشمل أودية تُبن ورسلان وزبيد ورماح وسهام على طول السواحل الجنوبية والغربية، والأجزاء الغربية من وادي الجوف، بالإضافة إلى وادي بنا ووادي مور ووادي سردد التي تعيش في حالة تأهب.
وأوضحت "الفاو" أن اليمن عادة ما يشهد هطول أمطار غزيرة بين أغسطس وسبتمبر، ما يعود بالنفع على الزراعة، خصوصا في المرتفعات والسهول الساحلية.
لكن أمطار هذا العام من المتوقع أن تكون أشد غزارة، ما قد يؤدي إلى أضرار واسعة النطاق، خصوصاً في المناطق الزراعية المنخفضة. وتطرقت النشرة إلى أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها ستؤثر سلباً بالمجتمعات الحضرية والزراعية. وقد تفيض شبكات الصرف الصحي السيئة في المناطق الحضرية، ما يؤثر بالبنية التحتية، ويعطل وسائل النقل، ويؤدي إلى انهيار شبكات الاتصالات.
إلى ذلك، حذر المركز الوطني للأرصاد المواطنين من الوجود في الأودية وممرات السيول، متوقعاً هطول أمطار رعدية متفاوتة في عدة محافظات خلال الساعات المقبلة.
وكشفت جمعية محلية، مساء الخميس، عن احصائية حديثة، لضحايا الفيضانات في سبع محافظات يمنية خلال الأيام الماضية، في حين أعلنت جمعية كويتية تقديم 165 ألف دولار، عقب مناشدات اطلقتها الحكومة المعترف بها لاغاثة المتضررين.
وقالت جمعية الهلال الأحمر اليمني (في صنعاء) إن 12 شخصاً لايزالون في عداد المفقودين، فيما لقي 45 آخرين حتفهم جراء الفيضانات التي ضربت محافظات الحديدة وحجة وتعز وعمران وصعدة وذمار وصنعاء.
وأشارت الجمعية الى أن الحالة الماطرة خلال الأسبوع الماضي، أسفرت عن نزوح أكثر من 3,640 شخصاً وتضرر 93,440 آخرين، في المحافظات ذاتها.
وفي ظل هذه الأزمة الإنسانية المتفاقمة، أطلقت الحكومة اليمنية، الأربعاء الماضي، مناشدة عاجلة للشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم الدعم اللازم لإغاثة المتضررين في البلاد.
واستجابة لهذه المناشدة، أعلنت جمعية النجاة الخيرية الكويتية عن تخصيص 165 ألف دولار أمريكي كمرحلة أولى لتقديم مساعدات إغاثية عاجلة للأسر اليمنية المتضررة.
وشملت المساعدات 1000 سلة غذائية و250 خيمة و250 بطانية وفرشًا، بالإضافة إلى 250 خزان مياه صالحة للشرب، حسب وكالة "كونا" الرسمية.
وأوضح عبدالله الشهاب، رئيس قطاع الموارد والعلاقات العامة والإعلام بالجمعية، أن هذه المساعدات تأتي ضمن جهود الكويت الإنسانية المستمرة لمساندة الدول الشقيقة في أوقات الأزمات.
وقال الشهاب إن توزيع المساعدات سيتم بالتعاون مع الجهات الرسمية عبر مسح ميداني دقيق لضمان وصولها إلى الأسر الأكثر تضرراً.
ولا تشمل هذه الإحصائية عدد الضحايا الذين سقطوا في محافظات يمنية أخرى خلال الفترة ذاتها، أو منذ بدء الموسم الجاري، سواءً من فقدوا حياتهم نتيجة السيول أو الانهيارات او الصواعق الرعدية المقدر عددهم بأكثر من 60 شخصاً بين قتيل وجريح بعدد من محافظات البلاد.
وتشهد البلاد التي تعيش حرباً متواصلة منذ 10 سنوات، تدهوراً كبيراً في البنية التحتية، الأمر الذي زاد من تأثير الفيضانات على السكان في أغلب المحافظات اليمنية.
وكشفت منظمة ميون لحقوق الإنسان أن الأمطار الغزيرة التي شهدتها أجزاء من محافظات تعز والحديدة وحجة منذ 2 أغسطس الجاري تسببت في وفاة 45 مدنيًا وإصابة العشرات.
وأوضحت المنظمة في بيان تلقت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) نسخة منه، أنها رصدت 15 حالة وفاة في قرى مديرية مقبنة غرب محافظة تعز، و30 حالة وفاة، و5 مفقودين، ونزوح أكثر من 500 أسرة في تهامة بمحافظة الحديدة، إضافة إلى وفاة وإصابة العشرات وتضرر 3571 أسرة في مديريات ميدي وحيران وأجزاء من مديرية حرض وعزلة بني حسن بمديرية عبس في محافظة حجة.
ودعت المنظمة الأمم المتحدة ووكالاتها العاملة في اليمن، ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والقطاع الخاص في اليمن للمبادرة بإغاثة آلاف العائلات المتضررة والتخفيف من المعاناة الإنسانية لعشرات آلاف الأشخاص، بينهم عدد كبير من النازحين.
وشددت المنظمة على ضرورة الإسراع بتقييم الخسائر البشرية والمادية وتقديم الاحتياجات الإغاثية الأكثر إلحاحًا، مشيرةً إلى تفشي وباء الكوليرا وعدم إمكانية السيطرة على الأمراض التي قد تنتشر في المناطق المنكوبة إذا لم تتخذ التدخلات الطبية اللازمة بشكل عاجل.
"الأيام" + "العربي الجديد".