> علاء أحمد بدر:

25 عامًا بعد إعلان اليوم العالمي للشباب.. هل تغير واقع شباب عدن؟
الشباب.. تحديات كبيرة وفرص ضائعة في خضم الأزمات الاقتصادية


> في 17 ديسمبر عام 1999م، أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها 120/54 أن 12 أغسطس سيعلن يومًا دوليًا للشباب عملًا بالتوصية التي قدمها المؤتمر العالمي للوزراء المسؤولين عن الشباب "لشبونة، 8 - 12 أغسطس 1998م".

وأوصت الجمعية بتنظيم أنشطة لإعلام الجمهور بغية دعم هذا اليوم الدولي كوسيلة لإذكاء الوعي ببرنامج العمل العالمي للشباب الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1996م "القرار 50/81".

ومن هنا من العاصمة عدن وبعد مرور 25 عامًا على هذا الإعلان كيف هو حال الشباب فيها؟
وأين هو موقعهم من مشاركتهم في قيادة وطنهم؟
وهل تحققت لهم آمالهم وتطلعاتهم؟
وكيف وجدوا واقع البلاد في خضم أزمات متعددة تعصف بها لا سيما منها اقتصادها على وجه التحديد؟

للإجابة عن هذه الأسئلة التقت "الأيام" بعدد من الشباب واستذكرت معهم محطات حياتهم بدايةً عندما كانوا يحلمون في المرحلة الابتدائية، ومرورًا بطموحهم في تحقيق حلمهم أثناء دراستهم بالثانوية العامة، وانتهاءً بتخرجهم من الجامعة واصطدامهم بالواقع المرير في وطنهم.

وكانت أولى لقاءاتنا مع فضيلة القاضي الشاب عهد جميل عثمان سالم عضو نيابة الضرائب والجمارك والأوقاف الابتدائية في العاصمة عدن والذي قال "بعد مرور 25 عامًا على إعلان منظمة الأمم المتحدة اليوم العالمي للشباب ما زال شباب العاصمة عدن يعانون من مشاكل عديدة من عدة نواحي في وطنهم الغالي، ولكن لا يسعنا إلا أن نقول الحمد لله رب العالمين على كل حال، فبالرغم من هذه الظروف العسيرة إلا أن البعض عاد إلى وعيه وإدراكه عن ارتكاب المخالفات، وآخرون ما زال يخوض في حروب ومشاكل وجرائم عديدة اندمج فيها خلال هذه الفترة التي تمر بها.

 عهد جميل
عهد جميل
وأفاد عضو النيابة أن تنمية مهارات الشباب من أبناء الوطن يجب أن تستغله حكومة بلادنا الاستغلال الأمثل بتوفير الوسائل اللازمة التي يحتاجها سوق العمل الحالي والمستقبلي والذي يُـعزز من دورهم وبشكل ملموس في التنمية الشاملة والمستدامة، والإسهام في بناء مستقبل مزدهر لمدينة عدن في المستقبل القادم بإذن الله تعالى.

وتابع عهد جميل متحدثًا أن إعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة أن يكون للشباب يومًا عالميًا هذا يعتبر اعترافًا بالأهمية الاستراتيجية لمكانة الشباب في المحافل على مستوى كل الدول، وأن من أهم ما تقدمه البلدان لشبابها هي إتاحة التوظيف والعمل اللائق وريادة الأعمال للشباب المتخرجين من الجامعات بغية تعزيز التنمية المستدامة العادلة والشاملة، واستكمالاً للخطط الرامية إلى الدور الحاسم الذي يلعبه الشباب في بناء السلام وتعزيز حلول التنمية.

ويؤكد القاضي عهد جميل أنه ومما لا شك فيه فإن هناك ارتباطًا وثيقًا بين العنصر الشبابي وبين تحقيق السلام والتنمية المستدامة، ففي المجتمع الذي ينعم بالسلام يمكن للاقتصاد أن يزدهر وبناءً عليه الوفرة في فرص العمل، وتعزيز الوصول إلى الخدمات، مما يؤدي إلى تحسين سبل العيش، ومن ناحية أخرى تعمل حلول التنمية الشبابية على تعزيز الاقتصادات المرنة ونظم الحكم القوية والبنية الأساسية الأفضل، مما يؤدي إلى الحد من الفقر وعدم المساواة.

وحريٌّ بنا القول والكلام للقاضي عهد جميل أن الشباب الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا يُـشكِّـلون تقريبًا 30% من السكان في اليمن ويواجهون العديد من التحديات المعقدة الناجمة عن الأزمة المستمرة والممتدة، بما في ذلك ارتفاع معدلات البطالة، ومحدودية الوصول إلى الخدمات الأساسية، وانعدام الأمن الغذائي، وبالتالي فإن احتمالات إقامة بناء وطن ينعم بالسلام وقادر على الصمود ستظل بعيدة المنال في ظل إهمال دور الشباب وعدم تزويدهم بالمهارات اللازمة للتعامل مع هذه القضايا.

من جانبه أكد الضابط الإداري في وحدة التدخل لمشكلات أراضي العاصمة عدن الشاب أنور سيف قاسم بن بريك بأن الشباب هم شركاء البناء والتنمية في الجنوب، داعيًا المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة إلى حماية الشباب ودعمهم لكي يندمجوا في مجتمعاتهم حتى يصبحوا رديفًا مساعدًا لتثبيت الأمن والاستقرار في الجنوب.

أنور سيف
أنور سيف
وأضاف ابن بريك أن فئة الشباب لديهم تطلعات كبيرة في سبيل اجتثاث الإرهاب وتعزيز القيم النبيلة التي يزخر بها طليعة شباب العاصمة عدن، مناشدًا الجهات الحكومية ذات العلاقة إلى تنمية مهارات الشباب وإكسابهم الثقة بما يمتلكون من قدرات عبر تمكينهم من قيادة بلدهم وتقديم كافة وسائل الدعم الممكنة.

وحول المثال الذي اقتدى به الشاب أنور بن بريك في حياته العملية والتي تطورت حتى وصلت إلى أن يكون ضابطًا إداريًا متمكنًا من عمله أرجع ذلك إلى ما استفاده وتعلمه من قائده المقدم كمال مطلق الحالمي قائد وحدة التدخل بمشكلات أراضي العاصمة عدن والذي يعتبر داعمًا للشباب، وحريصًا على أن يتلقى جنوده الشباب التحصيل العلمي الجامعي لبناء مؤسسة أمنية من الكفاءات المتسلحين بالعلم والسلاح لحماية العاصمة عدن والحفاظ على مكتسباتها العامة والخاصة.

أما الشاب حيدره الكازمي رئيس المنتدى الوطني للطفولة والشباب فيقول "أصبح وضع الشباب في بلادنا غير مستقر وبنسبة 90 % من الشباب لا يجدون الاستقرار المعيشي ولا الوظيفي ولا التعليمي ولا الاجتماعي، ويعانون من انعدام المقومات والركائز التي يستند عليها الشاب في حياتهم، وأصبحت أسباب إغوائهم عن دورهم الحقيقي في بلادنا متوفرة ويصلون إليها بسهولة وبدلًا من البناء يتم استخدامهم للهدم في مجتمعنا".

حيدرة الكازمي
حيدرة الكازمي
وأضاف الكازمي أن هذه الأسباب تستهدف الشباب لأنهم عمود المجتمع وأساسه فالمغرضين والحاقدين على الوطن يريدون تسهيل وصول الآفات والملهيات إلى أيدي الشباب والتي من أبرزها المخدرات بكافة أنواعها أو انخراطهم في التطرف والإرهاب أو ارتكاب الجرائم في ظل غياب التربية الأسرية والمجتمعية لهم.

وأشار رئيس منتدى الطفولة والشباب إلى أن قوى الظلام والشر تعمدت محاربة كل ما يساعدهم على تجاوز مراحل حياتهم بشكل إيجابي وبالتالي اعاقتهم عن كل ما هو مفيد.

وأشار حيدره إلى أن الشباب اليوم يعيش في وضع متذمر وإحباط وفراغ سلبي كبير، ومحدود الإمكانيات والتفكير، ولديه نظرة قصيرة للمستقبل ولا يخطط لأي طموح، وفي المقابل إقبال على الآفات والملهيات وكل ما هو مضر لحياته، وهناك نسبة بسيطة من الشباب الذين يكافحون ويعملون دون كلل أو ملل بعيداً عن الكسل  ليتجاوز هذا الوضع الذي نعيشه ويصنع الفرص الإيجابية المساعدة له حتى وإن كان في ذلك صعوبة ومشقة عليه، مضيفاً أن هذه النسبة البسيطة من الشباب يجب دعمها والعمل معها وتشجيعها لتتوسع وتؤثر بشكل أفضل على بقية الشباب في بلادنا.

من جانبه تحدث الناشط الشبابي عبدالله محمد يوسف السباعي وهو من أبناء مديرية المعلا قائلًا "يشكل الشباب عنصرًا حيويًا في تحقيق التغيير والابتكار ولذا فإنه من الأهمية بمكان أن تُـخصِّـص الجمعية العامة للأمم المتحدة يومًا عالميًا للشباب وهي مناسبة اجتماعية للتركيز على دور مهارات الشباب في المجتمع الدولي والعربي، وفي هذا اليوم من كل عام يتم تسليط الضوء على الشباب في تقدم المجتمعات وللمناداة بحقوقهم من جانب الدول والحكومات".

عبدالله محمد
عبدالله محمد
وأكد الشاب عبدالله السباعي أن الشباب يمتلكون طاقات هائلة ورغبة قوية في تحسين العالم من حولهم، وأطالب من منبر "الأيام" باغتنام هذا اليوم الدولي لتدعيم وعي المجتمعات في العاصمة عدن نحو الصعوبات والمشكلات التي تواجه الشباب في بلادنا.

ومضى الناشط الشبابي قائلًا "نناشد الحكومة، وكذلك السلطات المحلية بتشجيع فئة الشباب في هذا اليوم بهدف تعزيز مفهوم الشراكة بين الأجيال، وكذا في تعليم الشباب وتأهيلهم وتمكينهم من أجل صياغة القرارات الصحيحة وإمكانية تطبيقها على المستوى الفردي والمجتمعي، بالإضافة إلى مناقشة العديد من القضايا التي تخصهم ومحاولة حلها".

ودعا عبدالله السباعي الشباب لأن يستفيدوا من خبرات الأكبر سنًا، لقيادة التحول في التنمية نحو مستقبل أكثر إشراقًا، منوهًا على أقرانه من الشباب اغتنام فرصة يومهم العالمي لزيادة الوعي بحقوقهم بهدف مواجهة التحديات والصعوبات التي تعترضهم، مختتماً في النهاية يجب على جميع الدول الاهتمام بدور الشباب و تنميتهم لأنهم عماد الحاضر و قوة المستقبل.

زيد ناصر
زيد ناصر
ومن وجهة نظر الشاب زيد ناصر زيد عبدالله وهو من أبناء مديرية المنصورة، فإن حال الشباب في العاصمة عدن لا يسر العدو قبل الصديق فعلى سبيل المثال لا يجد الخريجون وظائف تستوعبهم وذلك نتيجةً للوضع الصعب الذي تمر بها الدولة، مشيراً إلى أن عدد من خريجي الجامعات قاموا بافتتاح مشروعاتهم الخاصة كالبسطات، أو سائقي حافلات صغيرة ومع ذلك فإن خساراتهم أكثر من مكسبهم.

وأضاف زيد أن كثير من شباب العاصمة عدن باتوا يعانون من غلاء المهور والذي يسبب عزوفهم عن الزواج وإقبالهم إلى الانحراف أو ممارسة سلوكيات تقود إلى العنف في المجتمعات.

وبيَّـن الشاب زيد ناصر أن الشباب هم عماد الأمة وسر نهضتها وبناة حضارتها كذلك، وحضورهم مهم في صفوف بناة المجتمع، ولدى الشباب طاقة كبيرة يجب استغلالها في تطوير البنية التحتية للدولة، ولا بد من صقل مهارات الشباب على الإبداع في شتى المجالات.

قصي محمد
قصي محمد
واعتبر مدير عمليات كهرباء العاصمة عدن المهندس الشاب قصي محمد أحمد أن حال الشباب في عدن لا يسر نتيجةً للغلاء الفاحش، والفساد المستشري، ولكن نلاحظ أنه يوجد بعض الشباب في تُـسند إليهم مهام مساعدة لقيادة البلاد.

وبحسب رأي قصي فإنه لم تتحقق آمال وتطلعات الشباب في هذا الوقت من الزمان، وذلك على إثر الواقع المتأزم والذي لا يلبي تطلعات الشباب الطامح نحو التغيير الإيجابي، مضيفًا أن الوضع الاقتصادي للبلاد أثَّـر على نفسية الشباب واستنزف قدراتهم وأنهكهم ولم بعد بمقدورهم العطاء، فتدهور صرف العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، وتراجع قيمة الرواتب أعطت مؤشرات للشباب بأن هناك صعوبات تعترض طريقهم نحو النجاح.