​يقال، بأن بريطانيا التي لا تغيب عنها الشمس غادرت عدن وهي تحمل مشروع التحديث في المنطقة! ما الذي يعنيه ذلك وما المقصود من كونها حملت مشروع تحديث كان يمكن للطبقة السياسية والثورية الشابة أن تأخذ به لولا الحماس الثوري الزائد عن حده الذي أسهم في قيام بريطانيا أن تعمل على توجيه بوصلتها نحو الخليج العربي لتضع ذلك المشروع النهضوي بأيدي رجال الصحراء العربية. هل سبب ذلك هو فعلا (الحماس الثوري واتباع ثورة جمال عبدالناصر وحركة القوميين العرب)؟

أم أنها استدركت بشكل غير مسبوق بعد احتلال عدن ولمدة 129 عامًا أن الطبقة الحاكمة طبقة الثوريين لن يستجيبوا ولن يستطيعوا النجاح في حمل ذلك المشروع النهضوي وقتذاك وما يحمله للمستقبل البعيد الذي نشهده بأم أعيننا اليوم. لقد نقل ذلك المشروع النهضوي تلك البلدان إلى مصاف الدول والأنظمة الحقيقية وخلق فرص عمل جديدة ولم يكن عامل هدم في المنطقة أو العالم.

ولم يفقد حيويته ومشاركته لواقعه ومحيطه العربي، بل أخذ إمكانياته ووظفها خدمة للإنسانية.
وأي بلد في العالم له حساباته السياسية ولا ضير في ذلك، تكمن أهمية ذلك في تدوير المسؤولية وفتح آفاق جديدة ومساحات يمكن عبرها ومن خلالها أن نرفع من قدرات البشر ونحافظ على التنوع والاختلاف قدر الإمكان.

لقد اخترنا أن نكون في عدن والجنوب وحتى اليمن، أن تأخذنا تجارب الآخرين العقائدية والفكرية والتحكم فينا وعممناها على شعبنا وهويتنا وثقافتنا وعاداتنا، عسكرة الحياة المدنية، وهو ما نلمسه في حياتنا جيلا بعد جيل.

هل أخطأت بريطانيا بحق مستعمرة ومحميات الجنوب شرقها وغربها، أم أن تلك الطبقة الحاكمة هي التي راهنت بشكل خاسر على مستقبل البلد وشعبه؟
مشكلتنا أننا نستعدي بعضنا البعض ونخلق لأنفسنا أعداء محتملين وتدخل في صدام الحضارات ونحن فاشلون جملة وتفصيلا.