> دبي "الأيام" العرب اللندنية:
على وقع تهديدات إسرائيل بالردّ على هجوم صاروخي إيراني استهدفها مطلع الشهر الحالي، تعكس سلسلة اجتماعات دبلوماسية عُقدت مؤخرا بين طهران ودول الخليج، حرص الأخيرة على النأي بنفسها، لتجنّب أن تصبح جزءا من نزاع شامل يهدّد منطقة الشرق الأوسط.
وفي الآونة الأخيرة، تقرّبت الدول الخليجية الثرية التي لطالما كانت من الحلفاء التقليديين للغرب، من الجمهورية الإسلامية بعد أن شهدت العلاقات الخليجية – الإيرانية توترات على مدى سنوات.
وتقول المحللة في مجموعة الأزمات الدولية آنا جايكوبس، “تحاول دول الخليج الاستفادة من تحسّن العلاقات مع إيران لتجنّب أن تصبح جزءا من تصعيد بين إسرائيل وإيران”.
وأطلقت إيران في الأول من أكتوبر حوالي مئتي صاروخ على إسرائيل في هجوم هو الثاني المعلن لها على أراضي الدولة العبرية، في خطوة وصفتها بأنها ردّ انتقامي على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت بضربة إسرائيلية في السابع والعشرين من سبتمبر ومقتل قيادي في الحرس الثوري الإيراني معه، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في يوليو في عملية نُسبت لإسرائيل.
وبعد ساعات فقط على الهجوم، زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الدوحة حيث التقى مسؤولين كبارا بينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وهذا الأسبوع، على وقع تهديد إسرائيل بأنّ ردّها على طهران سيكون “قاتلا ودقيقا ومفاجئا”، زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السعودية وقطر.
ووفق خبراء، تعهّدت دول الخليج بأنها لن تسمح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوّي لشنّ هجوم على الأراضي الإيرانية.
وتوضح جايكوبس أن “دول الخليج تحاول فقط البقاء خارج الصراع من خلال التأكيد على عدم السماح لإسرائيل باستخدام أي من مجالاتها الجوية لشنّ أي هجمات وطمأنة إيران لهذا الواقع”.
وقبل وصول عراقجي إلى الخليج هذا الأسبوع، قال المحلل السعودي المقرّب من الحكومة علي الشهابي لوكالة الصحافة الفرنسية إن المملكة “ستؤكد أنها لن تسمح لأي طرف باستخدام مجالها الجوي لمهاجمة الطرف الآخر، كما ستوافق على أي دعوة إلى وقف إطلاق النار في لبنان أو غزة”.
وسبق أن تعرّضت كلّ من السعودية والإمارات الغنيتين بالنفط، لهجمات وتهديدات من جانب مجموعات مسلحة، بينها الحوثيون في اليمن الذين هاجموا منشآت نفطية سعودية بين 2019 و2022، ما أرغم المملكة في إحدى المرات على خفض إنتاجها من النفط الخام إلى النصف بشكل مؤقت.
والشهر الماضي، هدّد زعيم كتائب سيد الشهداء، الفصيل العراقي الموالي لإيران، الإمارات باستهدافها في حال اندلاع حرب إقليمية.
وقد يشكّل الحوثيون في اليمن تهديدا كبيرا للخليج. ففي الأشهر الماضية، أطلقوا العديد من المسيّرات والصواريخ نحو إسرائيل، في ما يقولون إنه “دعم” لفلسطينيي غزة حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ هجوم غير مسبوق شنّته الأخيرة على الدولة العبرية في أكتوبر 2023.
لكن هناك ما يشبه التهدئة غير المعلنة منذ أكثر من سنة بين الحوثيين والرياض التي تقود منذ 2015 تحالفا عسكريا ضدهم دعما للحكومة اليمنية، لكنّها أجرت عام 2023 مفاوضات معهم قادت إلى تراجع التوتر والعداء وتزامنت مع إعادة التواصل مع إيران الداعمة للحوثيين. لكن لا يزال يوجد في الخطاب الحوثي بشكل عام تحريض على السعودية ودول الخليج.
ويرى كبير محللي الشرق الأوسط في مجموعة “نافانتي” الأميركية محمد الباشا أنه “يجب أن تؤخذ تهديدات الحوثيين ضد السعودية على محمل الجدّ، بدلا من تجاهلها باعتبارها خطابا فارغا”.
ويوضح توربيورن سولتفيدت، كبير محللي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة “فيريسك مابلكروفت” الاستشارية لتحديد المخاطر، أن القلق الرئيسي الذي يراود دول الخليج ناجم من احتمال أن يشمل الانتقام الإيراني هجمات على منشآتها للنفط والغاز.
ويقول إن دول الخليج تضطلع بمهمة صعبة أكثر فأكثر هي “موازنة” موقفها، مضيفا أنها “تمكنت حتى الآن من البقاء على مسافة واحدة من (أطراف) النزاع الإقليمي المتصاعد من خلال النأي بنفسها قدر الإمكان”.
ويتخذ الأسطول الخامس للبحرية الأميركية الذي يُشرف على المنطقة، مقرا له في البحرين التي تستضيف أيضا منشأة بحرية بريطانية. ويقع المقرّ الرئيسي للقيادة المركزية للجيش الأميركي في الشرق الأوسط (سنتكوم) في قاعدة العديد في قطر.
والشهر الماضي، صنّفت واشنطن الإمارات التي تؤوي طائرات أميركية وقاعدة عسكرية فرنسية، شريكا دفاعيا رئيسيا للولايات المتحدة.
وفي حين أن الدول الغربية دانت بشدة الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، إلا أن دول الخليج العربي امتنعت عن التعليق، سعيا للحفاظ على توازنها الدقيق.
وحدها سلطنة عُمان المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع إيران، انتقدت موقف الدول الغربية. وكتب وزير خارجيتها بدر البوسعيدي على منصّة إكس “من السهل على بعض الحكومات أن تقف مكتوفة الأيدي وتدين الأفعال الإيرانية. لكن هذا لا يحل شيئا. ولا تحل شيئا أيضا السياسة المألوفة للدفاع عن إسرائيل”.
وتؤكد الباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط حفصة حلاوة أن “النأي بالنفس أمر ضروري بالنسبة للقوى الخليجية”.
وتوضح أن “دول الخليج تدرك تماما أنه رغم تعزيز علاقاتها الثنائية مع هؤلاء الخصوم الإقليميين (إيران وحلفائها)، إلا أنها تبقى عرضة للخطر في ظل وضع أمني متوتر”.
وفي الآونة الأخيرة، تقرّبت الدول الخليجية الثرية التي لطالما كانت من الحلفاء التقليديين للغرب، من الجمهورية الإسلامية بعد أن شهدت العلاقات الخليجية – الإيرانية توترات على مدى سنوات.
وتقول المحللة في مجموعة الأزمات الدولية آنا جايكوبس، “تحاول دول الخليج الاستفادة من تحسّن العلاقات مع إيران لتجنّب أن تصبح جزءا من تصعيد بين إسرائيل وإيران”.
وأطلقت إيران في الأول من أكتوبر حوالي مئتي صاروخ على إسرائيل في هجوم هو الثاني المعلن لها على أراضي الدولة العبرية، في خطوة وصفتها بأنها ردّ انتقامي على اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله في الضاحية الجنوبية لبيروت بضربة إسرائيلية في السابع والعشرين من سبتمبر ومقتل قيادي في الحرس الثوري الإيراني معه، ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران في يوليو في عملية نُسبت لإسرائيل.
وبعد ساعات فقط على الهجوم، زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الدوحة حيث التقى مسؤولين كبارا بينهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان.
وهذا الأسبوع، على وقع تهديد إسرائيل بأنّ ردّها على طهران سيكون “قاتلا ودقيقا ومفاجئا”، زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السعودية وقطر.
ووفق خبراء، تعهّدت دول الخليج بأنها لن تسمح لإسرائيل باستخدام مجالها الجوّي لشنّ هجوم على الأراضي الإيرانية.
وتوضح جايكوبس أن “دول الخليج تحاول فقط البقاء خارج الصراع من خلال التأكيد على عدم السماح لإسرائيل باستخدام أي من مجالاتها الجوية لشنّ أي هجمات وطمأنة إيران لهذا الواقع”.
وقبل وصول عراقجي إلى الخليج هذا الأسبوع، قال المحلل السعودي المقرّب من الحكومة علي الشهابي لوكالة الصحافة الفرنسية إن المملكة “ستؤكد أنها لن تسمح لأي طرف باستخدام مجالها الجوي لمهاجمة الطرف الآخر، كما ستوافق على أي دعوة إلى وقف إطلاق النار في لبنان أو غزة”.
- موازنة
وسبق أن تعرّضت كلّ من السعودية والإمارات الغنيتين بالنفط، لهجمات وتهديدات من جانب مجموعات مسلحة، بينها الحوثيون في اليمن الذين هاجموا منشآت نفطية سعودية بين 2019 و2022، ما أرغم المملكة في إحدى المرات على خفض إنتاجها من النفط الخام إلى النصف بشكل مؤقت.
والشهر الماضي، هدّد زعيم كتائب سيد الشهداء، الفصيل العراقي الموالي لإيران، الإمارات باستهدافها في حال اندلاع حرب إقليمية.
وقد يشكّل الحوثيون في اليمن تهديدا كبيرا للخليج. ففي الأشهر الماضية، أطلقوا العديد من المسيّرات والصواريخ نحو إسرائيل، في ما يقولون إنه “دعم” لفلسطينيي غزة حيث تدور حرب مدمّرة بين إسرائيل وحركة حماس منذ هجوم غير مسبوق شنّته الأخيرة على الدولة العبرية في أكتوبر 2023.
لكن هناك ما يشبه التهدئة غير المعلنة منذ أكثر من سنة بين الحوثيين والرياض التي تقود منذ 2015 تحالفا عسكريا ضدهم دعما للحكومة اليمنية، لكنّها أجرت عام 2023 مفاوضات معهم قادت إلى تراجع التوتر والعداء وتزامنت مع إعادة التواصل مع إيران الداعمة للحوثيين. لكن لا يزال يوجد في الخطاب الحوثي بشكل عام تحريض على السعودية ودول الخليج.
ويرى كبير محللي الشرق الأوسط في مجموعة “نافانتي” الأميركية محمد الباشا أنه “يجب أن تؤخذ تهديدات الحوثيين ضد السعودية على محمل الجدّ، بدلا من تجاهلها باعتبارها خطابا فارغا”.
ويوضح توربيورن سولتفيدت، كبير محللي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مؤسسة “فيريسك مابلكروفت” الاستشارية لتحديد المخاطر، أن القلق الرئيسي الذي يراود دول الخليج ناجم من احتمال أن يشمل الانتقام الإيراني هجمات على منشآتها للنفط والغاز.
ويقول إن دول الخليج تضطلع بمهمة صعبة أكثر فأكثر هي “موازنة” موقفها، مضيفا أنها “تمكنت حتى الآن من البقاء على مسافة واحدة من (أطراف) النزاع الإقليمي المتصاعد من خلال النأي بنفسها قدر الإمكان”.
- وضع أمني متوتر
ويتخذ الأسطول الخامس للبحرية الأميركية الذي يُشرف على المنطقة، مقرا له في البحرين التي تستضيف أيضا منشأة بحرية بريطانية. ويقع المقرّ الرئيسي للقيادة المركزية للجيش الأميركي في الشرق الأوسط (سنتكوم) في قاعدة العديد في قطر.
والشهر الماضي، صنّفت واشنطن الإمارات التي تؤوي طائرات أميركية وقاعدة عسكرية فرنسية، شريكا دفاعيا رئيسيا للولايات المتحدة.
وفي حين أن الدول الغربية دانت بشدة الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل، إلا أن دول الخليج العربي امتنعت عن التعليق، سعيا للحفاظ على توازنها الدقيق.
وحدها سلطنة عُمان المعروفة بعلاقاتها الوثيقة مع إيران، انتقدت موقف الدول الغربية. وكتب وزير خارجيتها بدر البوسعيدي على منصّة إكس “من السهل على بعض الحكومات أن تقف مكتوفة الأيدي وتدين الأفعال الإيرانية. لكن هذا لا يحل شيئا. ولا تحل شيئا أيضا السياسة المألوفة للدفاع عن إسرائيل”.
وتؤكد الباحثة غير المقيمة في معهد الشرق الأوسط حفصة حلاوة أن “النأي بالنفس أمر ضروري بالنسبة للقوى الخليجية”.
وتوضح أن “دول الخليج تدرك تماما أنه رغم تعزيز علاقاتها الثنائية مع هؤلاء الخصوم الإقليميين (إيران وحلفائها)، إلا أنها تبقى عرضة للخطر في ظل وضع أمني متوتر”.