> عدن «الأيام» محمد رائد محمد:

يتعرض القطاع التربوي والتعليمي لانحسار شديد نحو انهيار تام في نظامه العلمي باليمن بشكلٍ عام، وفي الجنوب وخاصة العاصمة عدن المنارة العلمية والثقافية التي عرفت التعليم الحديث مبكرًا، وكان لها دور محوري في التنمية المستدامة بحكم مقوماتها الثقافية والفكرية والسياسية والاقتصادية.

ومن هذا المنطلق حضرت "الأيام" الندوة الحوارية حول إنقاذ التعليم في عدن التي أقامها المنتدى الثقافي العدني بالتنسيق مع عمادة كلية التربية في جامعة عدن صباح أمس الاثنين 28 أكتوبر 2024م، وذلك في مبنى الكلية بمديرية خور مكسر، حيث جمعت الندوة عددا من الاختصاصيين والأكاديميين والمهتمين بالشأن العام والتنمية المستدامة، وباحثين وطلابا.


يقول رئيس المنتدى الثقافي العدني أحمد ناصر حميدان، "نحن أقمنا هذه الندوة نظرًا لما آلت إليه الأوضاع التربوية من انحسار، حيث بدأ التعليم يتدهور، وباتت بلادنا تعاني كثيرًا، فالتعليم هو عمود من أعمدة التنمية والنهضة فلا يمكن أن تتطور أي دولة إلا به".

وأضاف حميدان أن الجميع ينتظر من القيادة السياسية أن تصدر قرارًا سياسيًا يُعيد الاعتبار للتعليم وللمعلم، موضحًا أن المعلم يطالب بإغاثة نفسه في خضم الأحوال الاقتصادية الصعبة التي يمر بها.
أحمد حميدان
أحمد حميدان

وتمنى رئيس المنتدى الثقافي العدني أن تصل صرخة المعلم إلى صناع القرار في الدولة، وتلقى تجاوبًا لدى المسؤولين بإذن الله تعالى.

من جهته، قال رئيس فريق التوجيه التربوي في مكتب وزارة التربية والتعليم بمديرية التواهي التربوي فؤاد عبدالقوي مرشد "بخصوص تدهور التعليم في عدن، فنحن قلنا وسنظل نقول: إن تحسين مستوى التعليم لا يُمكن أن يتم بمعزل عن التحسين المعيشي للمعلم"، مردفًا أن 70 % من مشاكل التربية والتعليم هي جراء الوضع المزري الذي آل إليه التربويون، وقد ساهم بشكل كبير إلى تدهور العملية التعليمية.

فؤاد عبدالقوي
فؤاد عبدالقوي
وذكر الموجه التربوي مرشد أن هناك أسبابا أخرى تسببت بتعثر التعليم منها قِـدَم المنهج المدرسي الذي يحتوي على كثافة في الموضوعات لا تلبي الواقع ولا تساعد على رفد احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى اهتراء وضعف البنية التحتية.

وأكد رئيس فريق التوجيه التربوي في التواهي أن تدني المستوى المعيشي لأولياء أمور الطلاب عكس بنفسه على وضع الطلاب، فينتج عنه تشتت ذهني لديهم، ولا يستوعبون الدروس، ولا يتمكنون من مواكبة الانخراط في التعليم، وهو ما يؤدي إلى هبوط مستواهم الدراسي، مضيفًا أنه يعمل في الميدان ويعلم بهذه المشكلات المختلفة عن قرب وبشكل يومي، أما بخصوص حقوق المعلم فقد تحدث الكاتب والنقابي التربوي جمال مسعود علي ناصر قائلاً "إنه تطرق أثناء الفعالية حول محور مهم تضمنته الندوة وهي الحقوق المهدرة للمعلم، إذا أن ما يتلقاه التربوي من مردود لا يرتقي للأعمال الكبيرة التي يقدمها المدرس للطلاب كمربي للأجيال".


وأضاف التربوي مسعود أن السبب وراء عدم حصول المعلم على حقوقه هي الدولة التي لم تحدد اهتماماتها ومن أبرز تلك الأولويات السياسية التعليمية لدى الحكومة، مشيرًا إلى أنه في حال أبدت القيادة العامة للبلاد رغبتها في إنقاذ التعليم لانعكس ذلك في حال المعلم ولأصبحت مخرجات التعليم جيدة وأداء العملية التعليمية مستقرة.

جمال مسعود
جمال مسعود
ولفت النقابي جمال مسعود أن الحكومة أهملت النظر في الجانب التعليمي على حساب الجانب العسكري من خلال الإنفاق على الأسلحة في الحرب حتى تستعيد الدولة شرعيتها وسيادتها، وهو ما أثَّر على التعليم والذي وصل اليوم إلى مرحلة الخطر.

وقال الكاتب مسعود "إلى هنا وكفى فإن استمر الأمر على ما هو عليه بهذه الطريقة فقد تؤول الأمور إلى انهيار التعليم وتضرر المجتمع أكثر وأكثر.


من جانبٍ آخر، ناقش الحاضرون في الندوة الحوارية أسباب انحسار ودواعي التعليم في عدن، واستعرضوا أهم المشكلات وهي:

1 - تواجه مدارس التعليم العام نقصًا حادًا في الكادر المهني والمؤهل بعد توقف عشر سنوات لعملية التوظيف، وأصبحت معظم المدارس تتعامل وفق المدرس المتعاقد براتب ضئيل.

2 - تواجه مدارس التعليم العام نقصًا حادًا في الكادر المهني والمؤهل بعد توقف عشر سنوات لعملية التوظيف، وأصبحت معظم المدارس تتعامل وفق المدرس المتعاقد براتب ضئيل جدًا وغير مشجع لتطوير دور المعلم وتحسين مكانته.

3 - عزوف الشباب عن التأهيل الجامعي، وخاصًة في التخصصات العلمية، مما أدى إلى إغلاق كثير من أقسام كلية التربية في عدن.

4 - عدم تشجيع وتحفيز المعلم في تحسين معيشته ومكانته، وتطوير أدوات العمل والوسائل.

5 - نتيجة للنزاعات السياسية والعسكرية وأوضاع الحرب، مما تسبب بضعف الإدارة والرقابة والمحاسبة والتقييم السنوي والتشجيع والتكريم وفقدان الرؤية الصائبة.

وفي ذات السياق، فإن الندوة الحوارية التي شهدت إقبالاً وتفاعلاً كبيرين هدفت إلى ما يلي:

1 - وقف حالة التدهور في التربية والتعليم بالعاصمة عدن.

2 - بلورة خطة عمل موحدة للنهوض بالتعليم تجمع الجهود وتضع خارطة طريق واضحة للمستقبل تحدد التحديات والمخارج.

3 - إيجاد السبل الكفيلة  في ترغيب وتسهيل الانخراط وإعطاء المعلم حقوقه كاملة غير منقوصة مع تعزيز وتحسين مكانته الاجتماعية والمعيشية.

4 - تحفيز وتشجيع الطلاب للالتحاق بكلية التربية بأقسامها المختلفة لضمان استمرار رفد التعليم بمؤهلات وكفاءات لتعليم ذي جودة عالية.

5 - مطالبة الدولة بالإيفاء بالتزاماتها تجاه التربية والتعليم كحق مكفول دستوريًا لكل مواطن، وفتح باب التوظيف لإيجاد المعلم الكفؤ من خريجي كلية التربية بشكل استثنائي.

6 - المطالبة بعقد مؤتمر تربوي عام لإنقاذ التعليم.

7 - تقديم قرارات وتوصيات تهدف لإصلاح العملية التعليمية والتربوية ودور المعلم كححر الزاوية فيها.