عدد غير قليل من السياسيين والمحللين اليمنيين والعرب يجمعون بأن الوحدة اليمنية تحققت بتسرع غير مدروس، مما أدى إلى انتكاستها، والجنوبيون ونخبهم السياسية ولأسباب مختلفة اندفعوا نحو الوحدة لشيئين أولها: الهروب من مآلات التطورات السياسية وخاصة بعد انهيار الحليف الأقوى للجنوب "الاتحاد السوفييتي"، وثانيهما الإيمان منهم بأن الوحدة هي الطريق الأسلم لبناء دولة قوية ومزدهرة اعتماداً على قدرتي البلدين البشرية والمادية، لكن بالمقابل لم يكن الطرف الآخر في صنعاء ينظر للأمر بنفس المنحى، وإنما جعل الوحدة هي فرصة ثمينة للانقضاض على الجنوب ونهب ثرواته وخيراته وتهميش كوادره وشعبه، ودون الدخول في تفصيلات ما حدث بعد الوحدة كان يفترض من الإخوة في صنعاء الإقرار بفشل الوحدة كما أقرت مصر وسوريا بفشل وحدتهم لأنها لم تحقق مصالح الشعبين، والتعاطي بجدية مع رغبة الجنوبيين باستعادة دولتهم، والتعايش معهم بسلام بدلا من الحروب المتكررة التي جرت على البلاد الكوارث والتدهور الاقتصادي والاجتماعي، وبنت جدرًا من الكراهية بدلا من بناء صروح المحبة والإخاء.
تطورات الأحداث بعد فشل الوحدة جعلت الجنوبيين يشكلون حاملا سياسيا يقودهم إلى هدف استعادة دولتهم، المجلس الانتقالي المكون بدعم من دول التحالف استطاع أن يعيد بناء قوة عسكرية كانت بمثابة استعادة للقوة العسكرية والأمنية التي تم الإجهاز عليها من قبل نظام صنعاء، وحقق الانتقالي بدعم شعبي بعض الإنجازات السياسية، ولا أحد ينكر ارتكابه لبعض الأخطاء والتقصير، إلا أنه أقدم على فعل التغيير على الساحة الجنوبية ومن أهمها تحرير الأرض ومقاومة أعداء الجنوب بكل أصنافهم وتلوناتهم، والسعي الحثيث لاسترداد الدولة، وقدم شعب الجنوب آلاف الضحايا في سبيل ذلك.
*اختصاصي تطوير مؤسسي"