> "الأيام" إندبندنت عربية:
لجأ شخص يدعى عبدالغني الرازحي لإشعال النار في نفسه بغية الاحتجاج على مصادرة أرضه، في مغامرة كادت أن تودي بحياته لولا الجموع التي هبت لإخماد النيران على جسده، فيما كان يستهدف لفت نظر الحوثيين وسط فعالية أقاموها أمس الجمعة في ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرتهم.
- بين الظلم ومحاولة إخفائه
وتداول ناشطون مقطع فيديو للمواطن "الرازحي" الذي ينحدر من محافظة صعدة معقل الميليشيات الحوثية ومركز انطلاقها والمقر المفترض لزعيمها، وهو يرش البنزين على ملابسه وجسده ويصرخ "سأحرق نفسي أمامكم وأشتكي على عبدالمجيد الحوثي"، ثم أضرم النار في نفسه.
- تحت ستار غزة
وتداول نشطاء المقطع الذي يوثق الحادثة وتطرقوا للمشكلات الكبيرة المتعلقة بعمليات نهب الأراضي التي يشنها مسلحو وقادة الجماعة التابعة للمواطنين بحجة تبعيتها للدولة وقطاع الأوقاف في حملات محمومة نتج منها سقوط عدد من الضحايا عقب احتجاجات السكان في حوادث عدة.
واستعرض النشطاء هذه المظالم مع ما يدعيه الحوثيون عن مظلمة غزة وحديثه عن نصرتها في حين يمارس الظلم في حق اليمنيين.
وكتب السفير اليمني لدى منظمة الأمم المتحدة للعلم والثقافة "يونسكو" محمد جميح مقالاً قال فيه إن "الظالم لا ينصر المظلوم"، مؤكداً أن المواطن "أحرق نفسه، بعدما ضاق ذرعاً بظلم الحوثي له".
يضيف "اللافت أن هذا المواطن المظلوم اختار توقيتاً ذا مغزى، أحرق نفسه ليظهر للناس مظلوميته من قبل الحوثي فيما الخطيب الحوثي يتحدث عن مظلومية غزة".
وتابع "إذا سمعت من يقول إنه ينصر مظلوماً في غزة، بينما هو يمارس الظلم في اليمن، فاعلم أن نصرته لمظلوم غزة إنما هي للتغطية على ظلمه لمظلوم اليمن".
- انتقاد من الداخل
ولعل أشهر حوادث الاستيلاء قرار رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي، مهدي المشاط، الذي كشف عنه أخيراً وقضى بمنح مساحة شاسعة من حرم جامعة صنعاء إلى مستثمرين موالين للجماعة الحوثية تسببت بحالة من الغضب في الأوساط الأكاديمية اليمنية ومخاوف من الاستيلاء على بقية أراضي الدولة ومنشآتها الحيوية بالطريقة والحجج ذاتها.
وتعالت الانتقادات حتى من داخل الكيان الحوثي التي دعت إلى إيقاف ومحاسبة المشاط عليه.
- للقصة خلفيات
وسبق وتعالت أصوات المواطنين في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين احتجاجاً على عمليات المصادرة المحمومة التي تشنها سلطات الجماعة بحجة ملكيتها للدولة وخصوصاً قطاع الأوقاف.
وفي يونيو 2017 أنشأ الحوثيون لجنة تسمى "لجنة عقارات القوات المسلحة" قيادة ضابط حوثي يدعى "أبو حيدر عبدالله جحاف".
وأعلنوا حينها أنهم يهدفون لانتزاع أكثر من 19 ألف لبنة (اللبنة الواحدة وفق الحسابات الشعبية تقدر بـ 44 متراً مربعاً) في ضواحي صنعاء مثل مناطق الخانق وصرف والحشيشية وسعوان ووادي ظهر والروضة وفق ما نشرته وكالة سبأ التابعة لهم.
وقرر مجلس قضاء الحوثيين الأعلى الخامس من أبريل 2021 إحالة قضايا العقارات وما يعرف بالمزورات العقارية إلى محكمتي صنعاء والحديدة الجزائيتين، وإنشاء محاكم جزائية في جميع المحافظات.
وفي الثالث من مايو 2021، قررت سلطات الجماعة منع شراء أو بيع أي عقار إلا بعد الحصول على إفادة من "هيئة الأوقاف" التي أنشأها منتحل منصب "مدير مكتب الرئاسة" أحمد حامد تشدد على أن العقار ليس ملكاً لتلك الهيئة.
- أصوات مبحوحة
وإزاء ذلك، ينظم السكان المتضررون من القرارات الحوثية تظاهرات مستمرة للدفاع عن أملاكهم ومنازلهم، أمام مكتب النائب العام، ومجلس النواب التابع لسلطات الجماعة، وأنشأوا لهم صفحة خاصة على مواقع التواصل من أجل تغطية فعاليتهم ونشر مظالمهم، تدعى مدينة موظفي مكتب الرئاسة سعوان وأخرى لمنطقة السنينة.
وقالت منظمة سام للحقوق والحريات إن جماعة الحوثي تمارس انتهاكاً جسيماً في حق ملكية المواطنين الساكنين في مناطق مذبح والسنينة وسعوان في العاصمة صنعاء بحجة "المصلحة العامة والضرورة العسكرية".
مؤكدة أن انتزاع الأراضي والملكيات الخاصة ووضع الشروط التقييدية المفروضة التي تعوق تمتع المواطنين بحقهم في البناء والتعديل بحجة المصلحة العامة إلى جانب إنشاء المواقع العسكرية يشكل انتهاكاً جسيماً للحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي واليمني على حد سواء.
وأشارت "سام" في تقريرها إلى أن التنافس على ملكية الأراضي في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي توسع منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء وبروز صراع المصالح بين قياداتها، إذ تولى الجناح الذي يقوده محمد الحوثي مهمة مصادرة وإعادة تمليك مساحات كبيرة من الأراضي وانتزاعها من آخرين بحجة أنها أراضٍ تتبع الأوقاف أو أنها كانت مملوكة للدولة، مما انعكس بصورة كبيرة على المدنيين وهدد الآلاف بالتهجير القسري.
وكشفت المنظمة الحقوقية بأن الجماعة الحوثية لا تزال تعمل على تكثيف سيطرتها بصورة كبيرة على سوق العقارات وتسهيل مهمات قادتها في الاستيلاء على الأراضي المملوكة للدولة والأوقاف والسكان في المناطق المسيطرة عليها، مؤكدة تلقيها مئات الشكاوى التي تنوعت بين انتزاع الملكية وحرمان العشرات من البناء إلى جانب رفض مسلحين حوثيين تابعين لما يسمى "المكاتب الإشرافية" في صنعاء دفع إيجارات الشقق التي استأجروها من أصحابها، أو حتى الخروج منها، منذ فترة طويلة.