​كانت الفرص كبيرة أمام الجنوبيين لترتيب أوراقهم والدخول في غمار اللعبة السياسية بما يخدم الجنوب.

صحيح أن الأحداث كثيرة واللاعبين كثر وأهدافهم متداخلة حينًا ومتضاربة ومتشعبة، لكن كان بإمكان الجنوبيين التعاطي مع هذا الكم الهائل من الأحداث والأهداف وفق منظور سياسي دبلوماسي ينطلق من رؤية واضحة واستراتيجية دقيقة تقوم وتعمل وتتماشى مع كل حدث وهدف على حدة وتضع تصورات للتعاطي مع كافة الاحتمالات المستقبلية حتى لا تحدث لها أي إرباكات.

لكن الذي حدث أن اللاعب الخارجي كان الأخطر وهو الذي أجاد وضع استراتيجيته بما يخدم مصالحه وأدارها بكل سهولة بسبب تخبط وركود السياسة الجنوبية.
فالجنوبيون الذين أتيحت لهم بعض الفرص عملوا على استخدام إمكاناتهم لخلق تكتلات تقوم على ضرب أي تكتلات جنوبية أخرى وقطع الطريق عليها حتى لا تدخل في غمار الأحداث الجارية وتصبح لها مكانة تدفع اللاعب الخارجي للتواصل معها ودعمها.

وهكذا حصرت هذه القوى الجنوبية إمكاناتها وجهودها وتفكيرها في التعاطي السلبي مع القوى الجنوبية المفترضة وأنتجت لها قوالب الانتصارات التي تقوم على هكذا تصورات ضيقة ما جعل تعاطيها مع الأحداث والواقع تعاطي سلبي يشكل خطورة على واقع ومستقبل القضية الجنوبية ويضعفها كثيرًا بدلًا من تحصينها ضد أي ألاعيب سياسية قادمة.

لم تكن هذه القوى الجنوبية التي استفادت من الأحداث في الحصول على بعض الدعم المادي وحرية التحرك قد استفادت من هذه الأشياء لبناء قدرتها في إمكانية الخوض في أي مناورات تمكنها من جني استحقاقات إقامة دولة جنوبية تمنح الأخرين الثقة الكاملة في التسابق عليها لبناء علاقات استراتيجية تضمن لهم تحقيق مصالحهم ووجود دولة قوية تحمي هذه المصالح في المستقبل.