> بكين «الأيام» العرب:

بدأ وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، اليوم، زيارة إلى العاصمة الصينية بكين، للتشاور مع المسؤولين حول "تحديات العام المقبل" على وقع تغيرات جيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وذلك قبل أقل من شهر على عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.

وبحسب تقارير إعلامية إيرانية، من المقرر أن يناقش عراقجي، خلال هذه الزيارة "التحولات الإقليمية والدولية، إضافة إلى تبادل وجهات النظر حول العلاقات الثنائية وتنفيذ برنامج التعاون الشامل أيضا".

وأفادت وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا)، أمس، بأن عراقجي، وصل إلى العاصمة بكين.

وقال عراقجي، في تصريحات للصحافيين عقب وصوله، إن "البرنامج النووي ومساعي رفع الحظر عن إيران ستواجه وضعا جديدا في العام الجديد".

وشدد على ضرورة "المشاورات مع الصين في هذا الصدد"، دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل.

وأضاف أن العلاقات الثنائية بين طهران وبكين "كانت ولا تزال جيدة".

وأكد عراقجي، أنه "من الطبيعي أن نواصل أفكارنا المشتركة حول مختلف القضايا"، وفق "إرنا".

وأوضح أن "هذه الزيارة جاءت في الوقت المناسب".

واستبق عراقجي زيارته بمقال نشرته صحيفة "الشعب" اليومية تحدث فيه عن فصل جديد من التعاون الاستراتيجي بين إيران والصين. وقال "تأتي رحلتي للقاء الأصدقاء القدامى في الصين بعد الاجتماع الناجح للقادة في قازان على هامش أول ظهور رسمي لجمهورية إيران الإسلامية باعتبارها العضو الرئيس في "البريكس"، في ظل وضع مهم وتاريخي وفي ظل التطورات العالمية والإقليمية، حيث أصبح مسار التعاون العملي بين البلدين أوسع من ذي قبل باتفاق القادة".

وهذه الزيارة الأولى لعراقجي، إلى الصين منذ توليه منصب وزير الخارجية، بحسب ما أعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي، الخميس.

وبعد فوز ترامب في الانتخابات الرئاسية، ازدادت التكهنات بشأن نهج الإدارة الأميركية القادمة تجاه طهران.

ويقول محللون إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تؤدي إلى تشديد العقوبات النفطية الأميركية على إيران، مما قد يُقلّص الإمدادات العالمية. لكن هذا السيناريو قد ينطوي على مخاطر جيوسياسية، من بينها احتمال إثارة غضب الصين، أكبر مشترٍ للنفط الإيراني.

وقال ترامب، في حملته الرئاسية، إن سياسة الرئيس جو بايدن، المتمثلة في عدم فرض عقوبات صارمة على صادرات النفط، أضعفت واشنطن، وزادت جسارة طهران، مما سمح لها ببيع النفط وجمع الأموال، والتوسع في مساعيها النووية، ودعم نفوذها عبر جماعات مسلَّحة.

لكن اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه إيران يعني أيضاً اتخاذ إجراءات صارمة ضد الصين التي لا تعترف بالعقوبات الأميركية، وهي أكبر مشتر للنفط الإيراني.

وأقامت الصين وإيران نظاما تجاريا يستخدم في الغالب اليوان الصيني وشبكة من الوسطاء؛ تحاشيا لاستخدام الدولار، ورغبة في الابتعاد عن الجهات التنظيمية الأميركية، مما يجعل إنفاذ العقوبات أمراً صعباً.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، نقلت وكالة رويترز عن محللين أن عودة إدارة ترامب إلى استراتيجية "الضغوط القصوى" على إيران قد تؤدي إلى انخفاض صادرات النفط الخام الإيرانية مليون برميل يومياً.

ولا يستبعد محللون ومصادر مطلعة في إيران إمكانية حدوث انفراجة بين طهران وواشنطن في عهد ترامب، ولكن دون استعادة العلاقات الدبلوماسية.

وتأتي زيارة عراقجي إلى بكين في وقت أشير فيه سابقًا إلى أن إيران مصممة على العثور على مشترين للنفط المرسل إلى ميناء "داليان" الصيني، قبل عودة ترامب إلى البيت الأبيض.

وتخشى السلطات في طهران من أن تؤدي عودة ترامب إلى تقليص قدرتها على الوصول إلى شحنات النفط الموجودة في "داليان"، التي تُقدَّر قيمتها بنحو مليار دولار. ولهذا السبب، أُمرت قوات الحرس الثوري الإيراني ببيع النفط المحظور المخزن في ميناء "داليان"، الواقع في شمال شرقي الصين، من خلال شركات وسيطة.

وتوجد لدى إيران مخاوف جمة من أن تؤدي عودة سياسة "الضغط الأقصى"، التي تبناها ترامب سابقًا، إلى تقييد وصولها إلى هذه الموارد النفطية.

وبحسب تقارير إعلامية فسيتم استخدام الاعتمادات المالية لشركات إيرانية مقرها الصين لبيع هذه الشحنات النفطية.

إلى ذلك تشعر بكين بقلق كبير من تداعيات وصول ترامب للبيت الأبيض، خاصة وأنه تعهد في حملته الانتخابية على غرار ما فعلت منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، بممارسة ضغوط على الصين في مجالات عدة.

وفي المجال التجاري، وعد ترامب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على كل واردات الولايات المتحدة من المنتجات الصينية.

وقالت المديرة المشاركة لبرنامج الصين وشرق آسيا في مركز "ستيمسون" للأبحاث في واشنطن، يون سون، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن ترامب يرغب في "استعادة توازن معين في التبادلات التجارية بين الولايات المتحدة والصين". وأضافت "ومع ميله إلى ممارسة أكبر مقدار من الضغط قبل التوصل إلى اتفاق، أتوقع أن يفرض هذه الرسوم الجمركية".

ومن المنتظر أن تدفع هذه السياسات الحكومتين الصينية والإيرانية لتنسيق مواقفهما في مواجهة تهديدات الإدارة الأميركية الجديدة.