> "الأيام" القدس العربي:
وصل إلى صنعاء، أمس الإثنين، المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس جروندبرج، في زيارة تأتي بعد عامين من زيارته الأخيرة، وعقب اختتام زيارة لمسقط أجرى خلالها مباحثات مع مسؤولين عُمانيين، وكبير مفاوضي جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) مُحمّد عبد السلام.
وفي بيان لمكتب المبعوث، قال إن “الزيارة لصنعاء تأتي في إطار جهوده المستمرة لحث “أنصار الله” على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام”.
وأضاف: “كما أنها جزء من جهوده المستمرة لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية”.
وأشار البيان إلى أن المبعوث يخطط لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها.
وتشير تقارير إلى أن المبعوث الأممي سينقل خلال هذه الزيارة، التي ستشهد لقاءات له مع قيادات في جماعة “أنصار الله”، مقترحات وأفكاراً جديدة بشأن الدفع بملف الحل السياسي، وفي مقدمتها ما يتعلق باستئناف تصدير النفط، والإفراج عن الأسرى والمعتقلين، وملف موظفي الأمم المتحدة المحتجزين بصنعاء.
كما تأتي هذه الزيارة في مرحلة أكثر تعقيداً يمر بها ملف السلام في اليمن، وسط تقارير إضافية تتحدث عن استعدادات لحرب شاملة تستهدف اليمن بذريعة إيقاف الهجمات البحرية والأخرى التي تستهدف العمق الإسرائيلي، وهو ما فشلت فيه ضربات وغارات التحالف الأمريكي البريطاني لمدة عام، الأمر الذي ارتفعت معه نبرة التهديدات الإسرائيلية باستهداف مدمر؛ الأمر الذي يضع هذه الزيارة في زاوية ضيقة، عما يمكن أن تحققه في ظل هذا الوضع المعقد.
وفي هذا السياق، اعتبر نقيب الصحافيين اليمنيين الأسبق، عبدالباري طاهر، أن زيارة المبعوث الأممي ليست سوى خطوة رمزية أشبه بإبراء الذمة في ظل تحركات القوى الإقليمية والدولية مثل إسرائيل لشن حرب وشيكة على اليمن.
وقال لـ”القدس العربي”: “الشيء المخيف أنه يحضّر شيئاً لليمن. هناك تحضيرات للعودة للحرب. ولكن الحرب هذه المرة ستكون أكثر قساوة وأكثر دماراً، لأن الحرب الآن ستشترك فيها اللجنة الرباعية وإسرائيل. والوضع الراهن لليمن، كما تعرف، بلد مدمر، محاصر، المجاعة تتجاوز الثمانين بالمئة، الأوبئة الفتاكة، الحصار الخارجي والحصار الداخلي”.
وأضاف: “الخشية الآن أن الذي تشهده المنطقة في غزة، في لبنان، في السودان، في سوريا سيطبق في اليمن، ولكن بصورة أكثر قساوة وأكثر دماراً. وتعرف الحالة العامة في اليمن، البلد ليس مؤهلاً لحرب. هناك حالة من التفكك بين الشمال والجنوب، بين الجنوب والجنوب، بين الشمال والشمال.
البلد يعيش أزمة شاملة وطاحنة. وواضح أن التحضير الآن هو للحرب”.
أردف: “ويبدو أن مجيء المبعوث الأممي في زيارة لصنعاء شكل من أشكال براءة الذمة، أي أنهم وصلوا إلى النهاية، وعجزوا عن الوصول إلى حل سياسي، فيكون الحل البديل، الذي هو الآن يكاد يكون جاهزاً، وهو ما يلجؤون إليه. المخاطر واضحة الآن.
مثلما عملوا مع صدام حسين ومع غزة. والزيارات تكون لذر الرماد في العيون، ولا تعني الكثير؛ لأن المسألة الآن هو الرهان على حل عسكري. والتجهيز للحل العسكري هو القائم، وذلك بات واضحاً من خلال تصريحات القادة الإسرائيليين. وكما دُمّرت غزة، لبنان، سوريا، السودان، الآن أيضاً اليمن لن يكون الاستثناء”.
واختتم جروندبرج، الإثنين، زيارته إلى العاصمة العُمانية مسقط، حيث التقى، الأحد، وكيل وزارة الخارجية، خليفة الحارثي، وعدداً من كبار المسؤولين العمانيين.
ووفق “تدوينة” في حساب مكتب جروندبرج على منصة “إكس”، فقد “ناقش مع المسؤولين العمانيين الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن”.
وقال جروندبرج إنه التقى أيضاً في مسقط، كبير مفاوضي جماعة “أنصار الله” (الحوثيون) مُحمّد عبد السلام.
وحث المبعوث الأممي على اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية.
وكانت آخر زيارة للمبعوث الأممي إلى صنعاء في يناير 2023، والتي قدّم خلالها أونلاين إحاطته لمجلس الأمن الدولي في اجتماعه بتاريخ 16 يناير.
وتزامنت زيارة المبعوث تلك مع زيارة وفد الوساطة العمانية إلى صنعاء.
وتوقفت تحركاته منذ نوفمبر الماضي، والذي التقى خلاله في الرياض بالسفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، وقائد القوات المشتركة، الفريق الركن فهد بن حمد السلمان، وجهات دولية، بمن فيهم سفراء الدول الخمس دائمة العضوية لدى مجلس الأمن. وركّزت المناقشات، حينها، “على الحاجة إلى خفض التصعيد والالتزام الموحد بتعزيز عملية سلام جامعة بقيادة اليمنيين”.
وأعلن المبعوث في ديسمبر 2023 توافق الأطراف اليمنية على خارطة طريق السلام، إلا أن هجمات جماعة “أنصار الله” في البحر الأحمر وفي العمق الإسرائيلي دفعت بواشنطن لإعاقة استمرار المضي في ترتيبات التوقيع على الخارطة، مطالبة أولاً بإيقاف الهجمات البحرية.