> واشنطن "الأيام" العرب اللندنية:
بعد مرور شهرين فقط على تنصيبه رئيسا للولايات المتحدة لولاية ثانية، بات واضحا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يقود ثورة في السياسة الخارجية الأميركية، ستؤدي إلى انقلاب النظام الدولي رأسا على عقب من خلال زعزعته لاستقرار المؤسسات الراسخة وأنماط التعاون الدولي المستقرة وتدميرها.
وفي تحليل نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي يقول ستيوارت باتريك الزميل البارز ومدير برنامج النظام العالمي والمؤسسات الدولية في المؤسسة إن الولايات المتحدة بعد أن ظلت منذ عام 1945 تلعب دور المدافع والضامن الرائد لنظام عالمي مفتوح ملتزم بالقواعد، في ظل القانون الدولي، ترفض الآن منطق التعددية، بما في ذلك الالتزام بأيّ قيود على ممارسة نفوذها، أو تحمل مسؤوليات القيادة والاستقرار العالميين.
ويشير باتريك الذي تركز أبحاثه على الأسس المتغيرة للنظام العالمي، ومستقبل الأممية الأميركية، ومتطلبات التعاون متعدد الأطراف إلى أن السياسة الخارجية لم تشهد مثل هذا التغيير الجذري بالنسبة إلى نطاقه وسرعته إلا كرد فعل على أحداث كبرى مفاجئة مثل الهجوم الياباني على بيرل هاربور أثناء الحرب العالمية الثانية أو هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن.
في الوقت نفسه كان التغيير الجذري في الحالات السابقة يستهدف بناء أطر للتعاون والعمل متعدد الأطراف لاحتواء المخاطر التي تهدد المصالح العليا للولايات المتحدة. لكن مع ترامب يتجه هذا التغيير نحو تدمير الإطار المؤسسي للتعاون العالمي الذي طالما اعتبره العالم أمرا مسلّما به.
ويقول باتريك إنه مع حلول الذكرى 250 لاستقلال الولايات المتحدة ونجاح ثورتها الأولى ضد الاحتلال البريطاني، يبدو أن ترامب قد أطلق ثورة أميركا الثانية لكنها هذه المرة ضد العالم الذي صنعته واشنطن تقريبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وتتردد أصداء هذه الثورة في السياسة الخارجية الأميركية عالميا، إلى الدرجة التي أصابت حلفاء الولايات المتحدة القدامى بالذهول من تحولات إدارة ترامب، بدءا من احتضانها لروسيا السلطوية، وانتهاء بتفكيك برامج ومؤسسات التنمية الدولية، مرورا بتجاهل حلفاء واشنطن من الدول الديمقراطية، حسب قول باتريك.
ويرصد باتريك مؤلف كتب “حروب السيادة: التوفيق بين أميركا والعالم” وكتاب “الروابط الضعيفة: الدول الهشة والتهديدات العالمية والأمن الدولي” في تحليله ملامح جوهرية تجسد سياسة ترامب الخارجية.
وأول هذه الملامح هو التخلي عن الدور القيادي لأميركا في النظام العالمي. ففي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، دافعت الإدارات الأميركية المتعاقبة عن نظام دولي منفتح وملتزم بالقواعد، واستثمرت فيه، مع ترسيخ النفوذ الأميركي في المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، وحلف شمال الأطلسي (ناتو) ومنظمة الأمم الأميركية.
وعلى النقيض من ذلك، يرى ترامب، بل ويرحب، بعالم لا قيمة فيه للأعراف والقواعد، حيث تكون جميع العلاقات عبارة عن صفقات تجارية، وتعكس نتائجها في نهاية المطاف ممارسة سافرة للسلطة.
الملمح الثاني هو الإيمان بفكرة السيادة المطلقة. فإدارة ترامب تتبنى تفسيرا دفاعيا ومشوها للسيادة، يشكك في المنظمات والمعاهدات الدولية. ويرفض الالتزامات متعددة الأطراف، مستندا في ذلك إلى حجج واهية مفادها أنها تقيد حرية الولايات المتحدة في العمل وتعرّض الحكم الدستوري للخطر، بينما تسمح للأطراف الأضعف بالتكتل ضدها.
وانطلاقا من هذا التصور وجه ترامب وزير خارجيته ماركو روبيو بمراجعة كل المعاهدات الدولية التي وقّعتها الولايات المتحدة والمنظمات الدولية المنضمة إليها وتقديم توصيات بالمعاهدات والمنظمات التي يجب الانسحاب منها بحلول أواخر يوليو المقبل.
ثالث الملامح هو تشويه الغرب وتحالفاته مع الولايات المتحدة. ففي تناقض سافر مع كل الرؤساء الأميركيين السابقين، لا يبدي ترامب أيّ تضامن مع الدول الديمقراطية المتقدمة الأخرى التي تشكل مع الولايات المتحدة معسكر “الغرب”.
على سبيل المثال يتعامل ترامب مع حلف الناتو باعتباره لا يزيد على صاروخ حماية، متجاهلا الهوية الجماعية التي شكلت ملمحا لأنجح حلف في التاريخ.
والملمح الرابع لثورة ترامب المدمرة في السياسة الخارجية هو إحياء مناطق النفوذ. وتتجلى رؤية ترامب للعالم، المركّزة على القوة، في سعيه إلى إقامة منطقة امتياز حصري للولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي. فتصميمه على ضم جزيرة غرينلاند وقناة بنما، وضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الحادية والخمسين، ونشر الجيش على حدود المكسيك، يحيي مبدأ مونرو.
وهذه الممارسات تؤدي إلى نفور جيران الولايات المتحدة وحلفائها منها، في الوقت الذي تضفي فيه المشروعية على جهود مماثلة تبذلها موسكو وبكين، على التوالي، لإعادة تأكيد سيطرتهما على “الجوار القريب” لروسيا في شرق أوروبا والهيمنة على بحر الصين الجنوبي بالنسبة إلى بكين.
خامس الملامح هو تجاهل القانون الدولي. فعلى عكس أسلافه، سعى الرئيس الأميركي عبثا، إلى إضعاف النظام القانوني الدولي. لكن عودته إلى السلطة تتيح له فرصة أخرى لإنجاز هذه المهمة الخطيرة سواء على صعيد تجاهل حقوق الإنسان أو السعي لتوسيع النفوذ الإقليمي..
وقد انحاز بالفعل إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين في حربه ضد أوكرانيا، كما يدافع وزير دفاعه بيت هيجسيث عن الجنود الأميركيين الذين ارتكبوا جرائم حرب، في حين يتبنى مستشاره للأمن القومي مايكل والتز استخدام القوات المسلحة ضد عصابات المخدرات في المكسيك.
أما سادس الملامح فهو تفضيل العلاقات الثنائية القائمة على التنمر. ففي ضوء نهجه القائم على منطق الصفقات التجارية في العلاقات الدبلوماسية وعقد الاتفاقات الدولية، يفضل ترامب، كما هو متوقع، التفاوض مع الدول الأخرى بشكل ثنائي، بدلا من الأطر متعددة الأطراف التي تقل فيها أهمية القوة الأميركية. وحيثما يتطلب الأمر عملا جماعيا، يفضل ترامب ترتيبات محورية تضمن وجود زمام الأمور في قبضة الولايات المتحدة، كما هو الحال في اتفاقيات أرتميس لاستكشاف الفضاء. وهذا الملمح يفسر نفور الرئيس الأميركي من الاتحاد الأوروبي، وقوله المتكرر إنه “شكل لخداع الولايات المتحدة“.
وفي تحليل نشره موقع مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي يقول ستيوارت باتريك الزميل البارز ومدير برنامج النظام العالمي والمؤسسات الدولية في المؤسسة إن الولايات المتحدة بعد أن ظلت منذ عام 1945 تلعب دور المدافع والضامن الرائد لنظام عالمي مفتوح ملتزم بالقواعد، في ظل القانون الدولي، ترفض الآن منطق التعددية، بما في ذلك الالتزام بأيّ قيود على ممارسة نفوذها، أو تحمل مسؤوليات القيادة والاستقرار العالميين.
ويشير باتريك الذي تركز أبحاثه على الأسس المتغيرة للنظام العالمي، ومستقبل الأممية الأميركية، ومتطلبات التعاون متعدد الأطراف إلى أن السياسة الخارجية لم تشهد مثل هذا التغيير الجذري بالنسبة إلى نطاقه وسرعته إلا كرد فعل على أحداث كبرى مفاجئة مثل الهجوم الياباني على بيرل هاربور أثناء الحرب العالمية الثانية أو هجمات 11 سبتمبر 2001 على نيويورك وواشنطن.
في الوقت نفسه كان التغيير الجذري في الحالات السابقة يستهدف بناء أطر للتعاون والعمل متعدد الأطراف لاحتواء المخاطر التي تهدد المصالح العليا للولايات المتحدة. لكن مع ترامب يتجه هذا التغيير نحو تدمير الإطار المؤسسي للتعاون العالمي الذي طالما اعتبره العالم أمرا مسلّما به.
ويقول باتريك إنه مع حلول الذكرى 250 لاستقلال الولايات المتحدة ونجاح ثورتها الأولى ضد الاحتلال البريطاني، يبدو أن ترامب قد أطلق ثورة أميركا الثانية لكنها هذه المرة ضد العالم الذي صنعته واشنطن تقريبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وتتردد أصداء هذه الثورة في السياسة الخارجية الأميركية عالميا، إلى الدرجة التي أصابت حلفاء الولايات المتحدة القدامى بالذهول من تحولات إدارة ترامب، بدءا من احتضانها لروسيا السلطوية، وانتهاء بتفكيك برامج ومؤسسات التنمية الدولية، مرورا بتجاهل حلفاء واشنطن من الدول الديمقراطية، حسب قول باتريك.
ويرصد باتريك مؤلف كتب “حروب السيادة: التوفيق بين أميركا والعالم” وكتاب “الروابط الضعيفة: الدول الهشة والتهديدات العالمية والأمن الدولي” في تحليله ملامح جوهرية تجسد سياسة ترامب الخارجية.
وأول هذه الملامح هو التخلي عن الدور القيادي لأميركا في النظام العالمي. ففي العقود التي تلت الحرب العالمية الثانية، دافعت الإدارات الأميركية المتعاقبة عن نظام دولي منفتح وملتزم بالقواعد، واستثمرت فيه، مع ترسيخ النفوذ الأميركي في المؤسسات متعددة الأطراف مثل الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، وحلف شمال الأطلسي (ناتو) ومنظمة الأمم الأميركية.
وعلى النقيض من ذلك، يرى ترامب، بل ويرحب، بعالم لا قيمة فيه للأعراف والقواعد، حيث تكون جميع العلاقات عبارة عن صفقات تجارية، وتعكس نتائجها في نهاية المطاف ممارسة سافرة للسلطة.
الملمح الثاني هو الإيمان بفكرة السيادة المطلقة. فإدارة ترامب تتبنى تفسيرا دفاعيا ومشوها للسيادة، يشكك في المنظمات والمعاهدات الدولية. ويرفض الالتزامات متعددة الأطراف، مستندا في ذلك إلى حجج واهية مفادها أنها تقيد حرية الولايات المتحدة في العمل وتعرّض الحكم الدستوري للخطر، بينما تسمح للأطراف الأضعف بالتكتل ضدها.
وانطلاقا من هذا التصور وجه ترامب وزير خارجيته ماركو روبيو بمراجعة كل المعاهدات الدولية التي وقّعتها الولايات المتحدة والمنظمات الدولية المنضمة إليها وتقديم توصيات بالمعاهدات والمنظمات التي يجب الانسحاب منها بحلول أواخر يوليو المقبل.
ثالث الملامح هو تشويه الغرب وتحالفاته مع الولايات المتحدة. ففي تناقض سافر مع كل الرؤساء الأميركيين السابقين، لا يبدي ترامب أيّ تضامن مع الدول الديمقراطية المتقدمة الأخرى التي تشكل مع الولايات المتحدة معسكر “الغرب”.
على سبيل المثال يتعامل ترامب مع حلف الناتو باعتباره لا يزيد على صاروخ حماية، متجاهلا الهوية الجماعية التي شكلت ملمحا لأنجح حلف في التاريخ.
وقد أثار استعداد ترامب لمهاجمة الغرب، في ضوء نهجه العدائي تجاه حلف الناتو ومجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى والاتحاد الأوروبي قلق الشركاء.
ومع تآكل ثقة الأوروبيين بمدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع المشترك بموجب المادة الخامسة من ميثاق الناتو، بدأت ألمانيا محادثات مع فرنسا وبريطانيا بشأن إقامة منظومة أسلحة نووية مشتركة. كما قالت ممثلة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية كايا كالاس بعد اجتماع ترامب الكارثي في البيت الأبيض مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن “العالم الحر في حاجة إلى قائد جديد“.
والملمح الرابع لثورة ترامب المدمرة في السياسة الخارجية هو إحياء مناطق النفوذ. وتتجلى رؤية ترامب للعالم، المركّزة على القوة، في سعيه إلى إقامة منطقة امتياز حصري للولايات المتحدة في نصف الكرة الغربي. فتصميمه على ضم جزيرة غرينلاند وقناة بنما، وضم كندا إلى الولايات المتحدة لتصبح الولاية الحادية والخمسين، ونشر الجيش على حدود المكسيك، يحيي مبدأ مونرو.
وهذه الممارسات تؤدي إلى نفور جيران الولايات المتحدة وحلفائها منها، في الوقت الذي تضفي فيه المشروعية على جهود مماثلة تبذلها موسكو وبكين، على التوالي، لإعادة تأكيد سيطرتهما على “الجوار القريب” لروسيا في شرق أوروبا والهيمنة على بحر الصين الجنوبي بالنسبة إلى بكين.
خامس الملامح هو تجاهل القانون الدولي. فعلى عكس أسلافه، سعى الرئيس الأميركي عبثا، إلى إضعاف النظام القانوني الدولي. لكن عودته إلى السلطة تتيح له فرصة أخرى لإنجاز هذه المهمة الخطيرة سواء على صعيد تجاهل حقوق الإنسان أو السعي لتوسيع النفوذ الإقليمي..
وقد انحاز بالفعل إلى جانب نظيره الروسي فلاديمير بوتين في حربه ضد أوكرانيا، كما يدافع وزير دفاعه بيت هيجسيث عن الجنود الأميركيين الذين ارتكبوا جرائم حرب، في حين يتبنى مستشاره للأمن القومي مايكل والتز استخدام القوات المسلحة ضد عصابات المخدرات في المكسيك.
أما سادس الملامح فهو تفضيل العلاقات الثنائية القائمة على التنمر. ففي ضوء نهجه القائم على منطق الصفقات التجارية في العلاقات الدبلوماسية وعقد الاتفاقات الدولية، يفضل ترامب، كما هو متوقع، التفاوض مع الدول الأخرى بشكل ثنائي، بدلا من الأطر متعددة الأطراف التي تقل فيها أهمية القوة الأميركية. وحيثما يتطلب الأمر عملا جماعيا، يفضل ترامب ترتيبات محورية تضمن وجود زمام الأمور في قبضة الولايات المتحدة، كما هو الحال في اتفاقيات أرتميس لاستكشاف الفضاء. وهذا الملمح يفسر نفور الرئيس الأميركي من الاتحاد الأوروبي، وقوله المتكرر إنه “شكل لخداع الولايات المتحدة“.