> بغداد "الأيام" العرب:

​تبرّأ العراق من الضلوع في مساعدة إيران على تهريب نفطها المشمول بالعقوبات الأميركية المفروضة على طهران ووجه اتهاما مباشرا للإيرانيين باستخدام التزوير وذلك بنبرة غير معهودة في الخطاب العراقي الرسمي تجاه الجارة الشرقية تعكس رغبة حكومة رئيس الوزراء محمّد شياع السوداني في أخذ مسافة عنها وعدم تحمّل تبعات الضغوط القصوى التي أعادت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تسليطها عليها.

وقال وزير النفط العراقي حيان عبدالغني إن ناقلات نفط إيرانية احتجزتها قوات أميركية في الخليج استخدمت وثائق عراقية مزورة.

وأعادت الإدارة الأميركية فرض أقصى الضغوط على إيران، في عودة إلى السياسة التي استخدمتها خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى والتي تسعى إلى عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على عائدات صادراتها النفطية من أجل إبطاء تطويرها لسلاح نووي.

ويواجه العراق وضعا حساسا بسبب تلك السياسة الأميركية كونه مرتبطا بإيران في مجال الطاقة الكهربائية ويستورد منها الكهرباء وكذلك الغاز المستخدم في توليدها، الأمر الذي وضع سلطاته في مأزق بعد أن أعلنت واشنطن عن عدم تجديد الإعفاء الاستثنائي من الالتزام بالعقوبات والممنوح لها لمواصلة الاستيراد.

كما أنّ تهما تلاحق بغداد بمساعدة الإيرانيين على الالتفاف على العقوبات وذلك بعدم جديتها في مواجهة عمليات تسريب عملة الدولار التي يحصل عليها العراق من الولايات المتحدة إلى إيران، وهي عمليات تديرها وتشرف عليها قوى محلية حليفة للنظام الإيراني.

ومع وجود إدارة أميركية صارمة وحازمة في مواجهة إيران وإنهاء تمددها في عدد من بلدان المنطقة ومنعها من امتلاك سلاح نووي لم يعد بوسع السلطات العراقية تحمّل ما قد تتخذه واشنطن من إجراءات إضافية تجاه طهران.

وتخضع الحكومة العراقية في تعاطيها مع أزمة الطاقة الناتجة عن عدم تجديد الإعفاء الأميركي لضغط مزدوج تفرضه، من جهة، ضرورة التحرّك السريع لإيجاد بدائل للغاز والكهرباء الإيرانيين قبل حلول فصل الصيف، ومن جهة مقابلة، حتمية مسايرة الأحزاب والفصائل الحليفة لطهران والحريصة على استدامة نفوذها والحفاظ على امتيازاتها ومصالحها في العراق بما في ذلك اتخاذه متنفسا للالتفاف على العقوبات الأميركية والحصول على عملة الدولار الشحيحة لديها بسبب تلك العقوبات.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية مؤخرا أن إدارة الرئيس دونالد ترامب أنهت إعفاءات كانت تسمح بموجبها للعراق بشراء الكهرباء من إيران.

وأضاف أن قرار عدم تمديد الإعفاء المنتهية صلاحيته “يضمن عدم السماح لإيران بأي قدر من المتنفس الاقتصادي أو المالي” مشيرا إلى أن حملة ترامب تجاه إيران تهدف إلى “إنهاء تهديدها النووي وتحجيم برنامجها للصواريخ الباليستية ومنعها من دعم الجماعات الإرهابية.”

ويبدو العراق الذي طور نظامُه القائم بشكل رئيسي على حكم الأحزاب الطائفية علاقات واسعة سياسية واقتصادية ومالية مع إيران مشمولا بتبعات السياسة الأميركية تجاه طهران.

وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية قبل أيام عقوبات جديدة على إيران تستهدف فردا واحدا وعددا من الكيانات والسفن من بينها مصفاة نفط صينية تابعة للقطاع الخاص يشتبه في قيامها بشراء ومعالجة النفط الإيراني. وشملت العقوبات أيضا تسعة  كيانات وناقلات مستخدمة عن شحن ملايين البراميل من النفط الإيراني.

وأكد وزير الخزانة الأميركي أن هذه العقوبات تأتي ضمن سياسة الضغط الأقصى التي تنتهجها الإدارة الأميركية تجاه إيران.

وسُئل عبدالغني عمّا إذا كان قد تلقى رسائل من الولايات المتحدة بشأن احتمال فرض عقوبات على شركة تسويق النفط الحكومية سومو بسبب انتهاكها للعقوبات المفروضة على إيران. وأجاب في تصريحات للتلفزيون الرسمي العراقي “وصلت إلينا بعض الاستفسارات الشفهية بأن هناك ناقلات نفط تم احتجازها في الخليج من قبل القوات البحرية الأميركية وكانت تحمل قوائم شحن عراقية.” وذكر أنه لم تكن هناك “أي رسائل تحريرية.”

وقال “اتضح أن هذه الناقلات إيرانية تابعة للجمهورية الإسلامية الإيرانية تستخدم وثائق عراقية مزورة،” مضيفا “وضحنا للجهات المعنية بكل شفافية وهم أيضا تأكدوا من ذلك”.

وتعتبر إيران أن دور العراق الجار والحليف بالغ الأهمية من أجل بقاء اقتصادها صامدا في ظل العقوبات. لكن مصادر قالت إن بغداد التي تجمعها شراكة مع واشنطن وطهران تخشى الوقوع في مرمى سياسة ترامب للضغط على إيران.

وأفادت وكالة رويترز في وقت سابق بأن شبكة معقدة لتهريب الوقود ازدهرت في العراق خلال السنوات القليلة الماضية بطرق من بينها استخدام وثائق مزورة. ويعتقد بعض الخبراء أن الشبكة تدر مليار دولار على الأقل سنويا لإيران ووكلائها.

وبيّن الوزير أن شركة سومو تبيع النفط الخام حصريا للشركات التي تملك مصافي، ولا تورده لشركات تجارية. وقال إن هذا المخطط يقف وراءه عدد من التجار، مؤكّدا “سومو تعمل بكل شفافية ولم ترتكب أي خطأ في عملية تصدير النفط”.