> «الأيام» بلقيس:

أطلق رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، في خطابه الأخير بمناسبة عيد الفطر، وعودًا كبيرة، مؤكدًا أن استعادة صنعاء وبقية المدن الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثي، باتت أقرب من أي وقت مضى، وأن بشائر النصر تلوح في الأفق.

بدا خطاب الرئيس العليمي، وكأنه محاولة لاستعادة الحماسة وبث التفاؤل، في مشهد موحش سياسيًا وعسكريًا، لكن بعد يومين فقط غادر العليمي عدن التي وصلها قبل ثلاثة أسابيع عائدًا إلى الرياض، بعد غياب دام أربعة أشهر دون أن يحقق أي اختراق سياسي أو عسكري يذكر، وهو ما أعاد تساؤلات حول جدية القيادة في إدارة معركة الدولة، في ظل تدهور اقتصادي خانق وانقسامات سياسية داخل المجلس الرئاسي، وغياب أي مشروع وطني واضح لمواجهة الانقلاب؟.

في ظل هذه التناقضات يتسع الفارق بين ما يقال وما ينجز، وتزداد أزمة الثقة، لتبدو بشائر النصر في نظر كثيرين مجرد صدمة في فراغ.

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، د. فيصل الحذيفي: "أنا حاولت قراءة خطاب الرئيس العليمي نصًا، وأسمعه شفاهية، لعلي أجد في مضمونه ما يحمل من رسائل تستدعي الانتباه، حتى نبني عليها بعض الآمال أو بعض التحاليل، أو بعض قراءة الأفق والمستقبل، لكن للأسف وجدت خطابًا "أجوف"، صوته مرتفع ومحتواه فارغ، ووددت لو كنت أجد شيئًا يستحق الإشادة".

وأردف:"تعليقات المواطنين على الخطاب في الفيس بوك كانت كلها جلدًا لرشاد العليمي ولمجلسه، وهذا يعني أن الناس يرسلون رسائلهم، لكن لا أحد يسمع لهم".

وزاد:"المنجز الوحيد الذي فعلًا ما زال مشروعًا، وهو المنجز الذي نستطيع أن نقول بأنه موجود في الخطاب، هو أنهم أنجزوا مسودة النظام الأساسي لمجلس القيادة الرئاسي".

وقال:"ثلاث سنوات ينجزون نظامًا أساسيًا وما زال يحتاج إلى عرضه على مجلس النواب، والله أعلم سيحتاج إلى ثلاث سنوات أخرى".

وأضاف: "إذا كانوا أنجزوا فقط مسودة، أنا ممكن أنجزها أو أي خبير دستوري، خلال ثلاثة أيام، خبير دستوري ممكن ينجز مشروع دستور بأسبوع، وهؤلاء ثلاث سنوات أنجزوا لنا مشروع النظام الأساسي والقواعد المنظمة لمجلس القيادة، كيف يتعاملون مع بعضهم؟ وما هي مهامهم؟".

وتساءل:"ماذا سينجزون من مهام صعبة؟ وكم يحتاجون من الوقت؟"، مضيفًا: "يبدو لي أنهم يحتاجون إلى 100 سنة إذا كان النظام الأساسي أخذ منهم جهدًا ثلاث سنوات".

وأردف:"نحن كنا نستبشر استعادة الدولة عندما كانت القوات المسلحة قريبة من أرحب، ووراءها نهم والجوف، وكنا نستبشر استعادة الدولة عندما كانت ثلثي مدينة الحديدة بيد السلطة الشرعية، لكن بعد انسحابها إلى الخوخة في الحديدة، وبعد انسحاب كل القوات وتركوا الجوف مستباحًا للحوثيين، وأصبحوا فقط يتمحورون في مأرب، لم نعد نجد أي تباشير خير، أو أي احتمالات".

وزاد: "هم يعولون اليوم على ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية، يعولون عليها بأنها ستعيد لهم الدولة، بينما الولايات المتحدة لها أهدافها، ومن ضمن أهدافها الحقيقية غير المعلنة هو تجريب قنابل وصواريخ ذكية ودقيقة ووجدوا أرضًا للقتال، وهي اليمن، أرض معقدة جغرافيًا، ومعقدة في الصراع، ولديها مبررات ومشروعية دولية، بأنها تدافع عن حرية الملاحة الدولية لصالح جميع دول العالم، ولصالح الأمم المتحدة".

وذكر أن "الجندي، اليوم، على الأرض يرابط في جبهات القتال ضد الحوثي، وبطنه مربوط بحجر، فماذا عساه هذا المقاتل الشجاع المناضل الحر الأبي، الذي يقدم دمه مقابل أن يُعطى راتبًا، 80 ألفًا أو 100 ألفًا، أي لا يزيد عن 40 دولارًا، هذه كارثة".

وقال: "هناك معلومات تقول بأن الرواتب الإعاشة للخارج تصل إلى 110 ملايين دولار، بينما رواتب الناس في الداخل لا تتجاوز 30 مليون دولار، هذا يعني أن هناك كوارث".
  • مشروع خاسر
يقول الباحث والكاتب، د. ثابت الأحمدي: "إن الحوثي نفسه كعنز السوء كما يقال تبحث عن مديتها بظلها، الحوثي يصنع سقوطه بنفسه يومًا بعد يوم، وبالتالي مسألة سقوطه النهائي، أو إعلان سقوطه النهائي أمر وشيك على الحافة".

وأضاف:"الحوثي ليس له من مؤهلات للبقاء، ولا شرط واحد، لا علاقة لنا نحن بالضربات الأمريكية، والرهان بدرجة أولى على المشروع الحوثي نفسه، مشروع خاسر، مشروع كهنوتي مستبد وقديم، لا ينفع لهذا العصر مطلقًا".

وتابع:"الحوثي لا يحكم بقدراته أو بقوته كجماعة أو عصابة، إنما سطا على الدولة، على جيش الدولة ومال الدولة، وإعلام الدولة وسلطة الدولة، ثم قبض على الشعب بهذه السلطة، ليس له قوة من نفسه تؤهله للحكم ولا للبقاء، الحوثي يتحكم ولا يحكم، وهناك فرق بين التحكم والحكم.”

وأردف:"نحن نثق بقيادة الشرعية ونثق بقيادتنا السياسية بشكل عام، والإجماع المحلي والإقليمي والدولي، على زوال الحوثي، وإنهائه بات وشيكًا.”

وزاد:"في الحقيقة حصل تلاعب من بعض القوى الإقليمية والدولية سابقًا، وربما المحلية أيضًا، أو الفصائل المحلية، فيما يتعلق يعني بصدق وجدية المواجهة مع هذه الجماعة، لكن مؤخرًا عرف الناس حقيقة هذه الجماعة، ومن ثم حصل الإجماع مؤخرًا محليًا وإقليميًا ودوليًا، وبات سقوط الحوثي وشيكًا ولن يطول خلال المرحلة القادمة.”

وقال:"القضية اليمنية مختلفة كثيرًا عن أي قضية في المنطقة العربية، أولًا، اليمن واقعة تحت الفصل السابع حتى الآن، وأي دولة تحت الفصل السابع لها حكمها وأحكامها، وتختلف اختلافًا جديًّا في تعقيداتها".

وأضاف:"رئيس مجلس القيادة حد علمي زار الرياض بطلب في إطار مشاورات لمستجدات جديدة، ربما تفصح عنها الأيام القادمة، والحكومة اليمنية موجودة في الداخل في عدن، رئيس الوزراء موجود في عدن، أغلب الوزراء موجودين في عدن، وأغلب مسؤولي الدولة موجودين في عدن وفي مأرب وفي تعز".