ما بعد أن وصلت الناس لحالة من اليأس والإحباط!!

بل ووصلت لما هو أخطر من ذلك وهو فقدان الثقة في أيٍ كان، فكم كثر من يقول لهم ويمنّيهم بكلمات وأناشيد جميلة، وخطب وطنية رنانة، وكلما مر يوم استاء الوضع أكثر حتى وصلنا إلى ما وصلنا إليه من وضع مأساوي يصعب على شعراء وحكماء وأدباء كل العصور وصفه.

لذلك توقعوا بأن يتجه الناس في يوم ما نحو المجهول بل إلى الشيطان لينقذهم مما هم فيه، فالكرامة غالية والجوع كافر، والصبر منهم قد بلغ مبلغه، وإن كانوا على علم بأنه شيطان، ولسان حالهم "وماذا عمل لنا من كنا نظن بأنهم ملائكة وبأنهم أخوة لنا وبأن ما نحن فيه سيحرك ضمائرهم ويرقق قلوبهم لأوضاعهم" .

ولكن للأسف كل هذا تبخر وتطاير، وأصبح واقعاً مريراً، وبالرغم من كل تلك المعاناة، لازال قادتنا يسعون طمعاً في ملذات وشهوات الدنيا، وفي المناصب والأموال.

فلا تتفاجئوا يوماً أيها المسؤولون والقادة الذين لولا أولئك البسطاء ما كنتم تتربعون اليوم على سدة الحكم الذي للأسف لم تحافظوا عليه لتحفظوا ماء وجوهكم وكرامة شعبكم، بل قبلتم بمن أذاق شعبكم الويل وتحالفتم معهم ضد أمتكم، فما الذي نفع تحالفكم معهم!!

بالنسبة لهم فتلك غنيمة وفوز كبير لكونهم منبوذين من شعبهم وكانوا أشبه بالأموات ولاقيمة لهم هناك في الشمال، وأنتم يا قادتنا الكرام أحييتموهم من جديد ورحبتم بهم وقربتموهم منكم فازدادوا قوة وسيطرة لا على الشعب بل حتى عليكم لأنكم بعتم شعبكم ولم تتمسكوا بالثوابت والعهود التي أقسمتم عليها، وأجلستموهم على صدر كل جنوبي مكلوم، مقهور، فما من بيت إلا وبه شهيد وجريح، إلا وبه جراح وأنين ونواح، ليس من أعدائهم الذين أعلنوا الحرب عليهم في صيف عام 94م ولا عام 2015م، لا فكيف يسمونهم أعداء محتلين وقد أصبحوا الآن شركاء معكم!!

بل أنتم في نظر الشعب من قتلهم ، من جوعهم، من بوقف التعليم أجهلهم، من بمنع كل الخدمات عنهم عاقبهم، من بالذل والمهانة والمعاشات عذبهم، أنتم أيها القادة والزعماء والساسة الجنوبيون من طعنتم شعبكم وخذلتموهم ونكثتم عهودكم، وبعتم ببخس دماء شهدائكم، وهي والله أغلى من مناصبكم ومن ثرواتكم وحاشيتكم..

لذا لا تلوموا شعب الجنوب إن خرج يوماً غاضباً وفي وجهه شر مستطير، رافضاً وجودكم بعد أن كنتم أمله في التغيير، وهو الذي صبر عنكم الكثير، وانتظر منكم الكثير، ولكنكم بعتم شعباً لن تجدوا مثله نصير، وسلّمتم أرضاً وهوية مامثلها خير، واستلمتم مقابل ذلك فتات حقير، فإلى متى سيستمر هذا المصير؟ ومتى تفيقون والشعب كله بضعفكم أصبح أسير؟ وقيدتم حريته وانتهكتم كرامته اليوم أكثر من أمس بكثير، فمالذي بقي له وأنتم في حال يسير، وهو يصطلي كل يوم بنار السعير.. فلا تلومونه يوماً إن أعلن عليكم النفير.