تلعب اللحوم دورًا مهمًا في الاقتصاد اليمني والأمن الغذائي، فهي تشكل سلعة تجارية ذات قيمة غذائية عالية لكنها تساهم بشكل محدود في الناتج المحلي الإجمالي، كما تساهم في توفير فرص العمل وهي مصدر دخل ومصدر هام لإنعاش الاقتصاد الريفي.

تشهد الأسواق المحلية ارتفاعًا حادًا في أسعار اللحوم خاصة في أوقات الأعياد والمناسبات الدينية لعدة عوامل منها، الأزمة الاقتصادية وتدهور الوضع المعيشي وتدهور سعر صرف الريال وضعف القدرة الشرائية وارتفاع نسب التضخم كمحصلة لكل تلك العوامل وغيرها من المؤثرات تحدث اضطرابات في أسواق اللحوم مترافقة مع غياب الرقابة الرسمية على الأسواق.
  • الوضع الراهن في سوق اللحوم
تساهم تقلبات سعر الصرف وارتفاع تكاليف النقل وارتفاع أسعار الوقود بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية في زيادة تكلفة الحوم. كما أن انخفاض قيمة العملة المحلية يؤدي إلى ارتفاع تكلفة السلع المستوردة بما في ذلك اللحوم.
  • العوامل المؤثرة على تجارة اللحوم
إن أهم العوامل المؤثرة على إنتاج وتجارة اللحوم تشمل النزاعات والأزمات الإنسانية التي تؤثر على الثروة الحيوانية وضعف البنى التحتية للأسواق والطرق وكذلك قلة الخدمات البيطرية والدعم الحكومي لمربي المواشي وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل والذبح يؤدي إلى انخفاض الربحية للمزارعين مما يحد من المنافع من تربية الماشية والدواجن ويزيد الاعتماد على الواردات، كما أن هناك مشكلات تتعلق بتخلف نظام التسويق التقليدي واستغلال الوسطاء في رفع الهوامش التسويقية، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار للمستهلك النهائي وتقليل القدرة التنافسية في الأسواق.

إن المنافع من إنتاج اللحوم تذهب بدرجة كبيرة لغير المنتجين، حيث يستفيد الناقلون والموزعون والبائعون المباشرون أو المصدرون للحيوانات الحية إلى دول الجوار أكثر من المنتجين، وبالتالي يقل الحافز لديهم لزيادة الإنتاج الحيواني مع غياب أي اهتمام من السلطات المختصة في التخفيف من هذا الاختلال لصالح المنتجين.
  • واردات وصادرات اللحوم
تؤثر على تجارة استيراد وتصدير اللحوم عوامل كثيرة فسبب الاعتماد على الواردات هو نقص الإنتاج المحلي، حيث يعاني قطاع الإنتاج الحيواني في اليمن من انخفاض الإنتاج المحلي نتيجة الصراعات المتواصلة ونزوح المزارعين والجفاف وتراجع الأعداد الحيوانية مما يساهم في عدم توفير الكميات الكافية لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان. نتيجة لذلك تعتمد اليمن على استيراد اللحوم، حيث يتحمل اليمن فاتورة واردات ضخمة حيث يستورد ما يزيد قيمته عن مليار دولار سنويا من اللحوم والأعلاف فقط وهو ما يمثل عبئًا نقديًا كبيرًا على الميزان التجاري. وأهم أنواع اللحوم المستوردة اللحوم الحمراء واللحوم البيضاء (الدواجن). إضافة إلى ذلك، تعتمد اليمن على استيراد أعلاف الدواجن والمواد الخام المتعلقة بها مما يؤثر على تكلفة اللحوم المنتجة وآلية تسعيرها في الأسواق المحلية وتستورد اليمن اللحوم الحية من القرن الأفريقي واللحوم المجمدة من عدة مصادر.

أما في مجال الصادرات فتعمل بعض السياسات الحكومية بين وقت وآخر لحماية الأسواق المحلية، حيث تصدرت الحكومة إجراءات لحماية مخزون اللحوم والسوق الداخلي إذ تم إصدار قرارات وزارية بمنع تصدير اللحوم والمنتجات الحيوانية خلال فترات معينة مثل شهر رمضان وذلك لضمان توفر هذه المواد الغذائية لتأمين طلب المواطن في ظل ارتفاع أسعارها وتراجع القدرة الشرائية وساعد ذلك في التأثير على حجم الصادرات، كما يؤثر على حجم الصادرات بالزيادة أو النقص حالة انفتاح أو إغلاق أسواق الجوار وخاصة المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان وهما الوجهات الرئيسية لصادرات اللحوم الحية.
  • تجارة اللحوم في مدينة عدن
تشهد تجارة اللحوم في مدينة عدن نشاطًا ملحوظًا نظرًا لأهمية هذا القطاع في تلبية حاجات السوق في المدينة وتلبية احتياجات السكان وتعبر حالة تجارة اللحوم في المدينة عن الحالة العامة لهذا القطاع على مستوى البلد.

تشهد تجارة اللحوم في المدينة أزمة في هذه الفترة بعد مرور شهر رمضان الكريم والاستعداد للاحتفال بعيد الأضحى المبارك، حيث يزيد الطلب ويقل العرض بشكل حاد مع زيادة جنونية في الأسعار مترافق مع ارتفاع مستوى التضخم مدفوعًا بانهيار سعر الصرف وزيادة في الطلب مع زيادة عدد سكان المدينة بشكل ملحوظ.

في احتفال عيد الفطر المبارك الماضي، شهدت المدينة أزمة حادة بسبب ارتفاع الأسعار وقلة المعروض وندرته مع تخلف خدمات المسالخ وقلة عددها وفوضى توزيعها في المدينة وغياب دور السلطة المحلية عن تنظيم ورقابة هذا القطاع مع اضطراب واضح في سلاسل الإمداد المحلية والخارجية وزيادة الطلب من دول الجوار على الحيوانات الحية على حساب المستهلك المحلي الذي يعاني بشدة من انتشار الفقر وضعف دخل الفرد وانهيار القدرة الشرائية بشكل غير مسبوق.

ولتبيان أسعار بعض أنواع اللحوم في ملاحم مدينة عدن في النصف الثاني من شهر أبريل للكيلو جرام وبالريال العدني كالتالي:

لحم بقري 25 ألف ريال.

لحم عجل 26 ألف ريال.

لحم ضان 22 ألف ريال.

لحم غنم 25 ألف ريال.

دجاج حي 10 ألف ريال.

دجاج مجمد 7 ألف ريال.

وللعلم فإن الأسعار تختلف من ملحمة لأخرى ومن مدينة لأخرى في العاصمة عدن، حيث قد تزيد أو تقل عن الأسعار المشار إليها أعلاه أما على مستوى البلد فإن الأسعار متفاوتة جدا. ومع حلول عيد الأضحى المبارك نتوقع زيادة الأسعار بشكل كبير حيث سيمر العيد عند الكثير بدون أضحية.

يعاني سكان عدن والبلد عموما من انتشار البطالة والفقر والمجاعة والتضخم وانهيار العملة، وبالتالي عدم القدرة على شراء اللحوم للتحول اللحوم من سلعة استهلاك ضرورية إلى سلعة كمالية.
  • حلول مستقبلية
من الضرورة بمكان تعزيز الإنتاج المحلي، حيث تشير المعطيات إلى أن تحسين الإنتاجية في قطاع الثروة الحيوانية وتقديم دعم حكومي أكبر لمربي المواشي يمكن أن يساهم في تقليل الاعتماد على الواردات، كما أن تطوير البنى التحتية للأسواق والمسالخ مع إدخال أساليب تسويق حديثة قد يساعد في خفض التكاليف وتحسين الكفاءة. كما يتطلب حل أزمة سوق اللحوم تنفيذ عدد من الإصلاحات والسياسات التجارية

منها تنظيم الصادرات في حالة توافر فائض من الإنتاج مع حماية السوق الداخلي قد يساهم في تعزيز النمو الاقتصادي في هذا القطاع، كما يجب تشجيع الإنتاج الحيواني وتربية الدواجن ودعم الأسر المنتجة في هذا النشاط في الريف وتأسيس مراكز للطب البيطري وتقديم قروض مسهلة للمنتجين وتنظيم تجارة اللحوم وتأسيس مسالخ حديثة والرقابة على الأسعار وعلى الجودة وتضييق حجم الاعتماد على الخارج من خلال زيادة الإنتاج المحلي بإشراف فعال من الجهات الحكومية المختصة، كما يتوجب الحفاظ على السلالات المحلية ووقف تجريف الثروة الحيوانية كما حصل مع الأبقار البلدية.

* رئيس مؤسسة الرابطة الاقتصادية