أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 03:03 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • الحوثيون والعملات الرقمية.. جبهة تمويل تتجاوز العقوبات

    د. محمد قباطي




    في زمن تتداخل فيه الجبهات العسكرية مع ساحات الفضاء السيبراني برز استخدام الحوثيين للعملات الرقمية كأداة مركزية لتمويل عملياتهم، متجاوزين العقوبات الدولية ومخترقين ثغرات في النظام المالي العالمي.

    تقرير حديث صادر عن TRM Labs المتخصصة في تحليلات الـBlockchain، كشف عن اعتماد متزايد من قبل الحوثيين على العملات المشفرة لشراء المعدات الحربية وتمويل عملياتهم، وفي أبريل 2025 فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات جديدة شملت البنك الدولي اليمني، وشخصيات مرتبطة بالجماعة، إلى جانب ثماني محافظ رقمية حوّلت أكثر من 900 مليون دولار إلى كيانات محظورة، بينها وسطاء روس وشركات عسكرية.

    الأخطر هو تدفق ما يزيد عن 330 مليون دولار إلى محافظ رقمية مرتبطة بالإيراني سعيد الجمل، المدرج سابقًا على قوائم الإرهاب لدوره في تمويل شبكات مثل حزب الله وفيلق القدس والحوثيين.

    منذ 2017 شرع الحوثيون في تعدين العملات الرقمية عبر أدوات مثل Coinhive باستخدام مزود الإنترنت الوطني "يمن نت"، ما يشبه استعمارًا رقميًا للبنية التحتية في المناطق الخاضعة لهم. ومع تدهور النظام المصرفي، لجأ السكان أنفسهم للعملات المشفّرة لتجاوز الحواجز البنكية، ما أسهم في ترسيخ اقتصاد ظل رقمي، تتركز أنشطته بنسبة 63 % في منصات التمويل اللامركزي (DeFi)، حيث تغيب الرقابة.

    إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية في يناير 2024 لم تردع الجماعة، بل زادت نشاطها الرقمي بنسبة 270 % في إحدى المنصات المحلية مباشرة بعد القرار، في إشارة إلى تكيف الجماعة مع العقوبات واستفادتها من الشبكات المالية العابرة للحدود.

    في ضوء هذه التطورات، تجد الحكومة اليمنية والتحالف العربي أنفسهم أمام جبهة جديدة غير تقليدية. لم تعد المعركة في مأرب أو تعز فحسب، بل داخل شبكات لا مركزية، تشكّل أرضًا خصبة لتمويل الميليشيا وتعزيز تحالفاتها الإقليمية.

    ولمواجهة هذا التحدي، ثمة حاجة لاستراتيجية متعددة المحاور تشمل:

    - تأسيس وحدة سيبرانية متخصصة بتعقّب الأصول الرقمية بالتنسيق مع الحلفاء.

    - دعم البنك المركزي اليمني في رصد التحويلات المشبوهة ووضع لوائح مالية حديثة في المناطق المحررة.

    - الدعوة لمؤتمر دولي حول "تنظيم التكنولوجيا المالية في مناطق النزاع".

    إن ما يفعله الحوثيون ليس مجرد استخدام تقني، بل اختبار لقدرة النظام الدولي على فرض قوانينه في عصر تتفكك فيه الحدود الرقمية، حيث قد تتحوّل الجماعات المسلحة إلى كيانات موازية تتحدى الدولة الوطنية ذاتها.

المزيد من مقالات (د. محمد قباطي)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال