​بينما تواجه الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا، أدى توقف صادرات النفط والغاز—بسبب هجمات الحوثيين على ميناء الضبة وتهديداتهم لمنشأة بلحاف—إلى خنق الإيرادات العامة وتهديد بقاء الدولة. وفي ظل جمود المسار الدبلوماسي واستمرار الحوثيين في استخدام الضغط الاقتصادي كسلاح، أصبح من الضروري التفكير في خيارات غير تقليدية لاستعادة التصدير وإنقاذ المالية العامة.

أحد هذه الخيارات مستلهم من التاريخ. ففي حرب الثمانينات بين العراق وإيران، لجأت الكويت إلى إعادة تسجيل ناقلاتها النفطية تحت العلم الأمريكي، ما أتاح للبحرية الأميركية حمايتها ضمن عملية “الإرادة الصامدة” Operation Earnest Will، وبالتالي استمرار التصدير رغم تهديدات إيران. فهل يمكن تكييف هذا النموذج ليمنح اليمن مخرجًا مشابهًا؟

قد يشكل تسجيل ناقلات النفط والغاز اليمنية تحت أعلام الولايات المتحدة أو بريطانيا عامل ردع للحوثيين، لما قد يترتب على استهدافها من تبعات دولية. هذا المسار يمكن أن يوفر شريان حياة اقتصادي لليمن، بشرط أن يحظى بدعم من التحالف العربي وتنسيق غير معلن مع العواصم الغربية المعنية.

لكن هذا الخيار محفوف بالتحديات. فضعف سيادة الحكومة اليمنية يعقّد أي ترتيبات قانونية مباشرة مع القوى الدولية. كما أن واشنطن ولندن قد لا ترغبان في الانخراط العسكري المباشر ما لم تُمس مصالحهما الحيوية. أما شركات الشحن والتأمين، فلن تغامر دون ضمانات أمنية صارمة من أطراف قادرة وموثوقة.

ومع ذلك، يبقى هذا النموذج جديرًا بالطرح— ليس كنسخة مطابقة من تجربة الثمانينات—ولكن كمبادرة جديدة تستند إلى تحالف ثلاثي بين الحكومة اليمنية، ودول الخليج، وشركات الشحن الدولية. يجب أن يُعاد تقديم التهديد الحوثي كخطر إقليمي ودولي على أمن الملاحة، لا مجرد أزمة محلية، تمامًا كما جرت معالجة القرصنة في القرن الإفريقي أو التهديدات الإيرانية في مضيق هرمز.

الهدف ليس التصعيد، بل الردع. ومن خلال البحث في خيارات تسجيل السفن، والتنسيق الخليجي، والحماية القانونية الدولية، يمكن لليمن أن يستعيد بعض السيطرة على موارده، ويرفع كلفة التصعيد أمام الحوثيين. رفع هذا الملف إلى مستوى الأمن البحري الدولي قد يكون السبيل الوحيد لكسر الجمود واستعادة المورد الاقتصادي الأهم للبلاد.