أخر تحديث للموقع
اليوم - الساعة 04:00 ص بتوقيت مدينة عدن

مقالات الرأي

  • معاشاتهم أقل من 15 دولارًا شهريًا!

    محمد علي محمد أحمد




    أي إهانة وأي ظلم هذا؟تحت وطأة الظروف الاقتصادية القاهرة وانهيار العملة المحلية الذي يكتوي بناره عامة الشعب، تغض الرئاسة والحكومة ومعها كل دوائر الدولة والمسؤولين طرفها عن شريحة من المجتمع ظلت لسنوات طوال تعاني بصمت أشد المرارة.

    إنهم المتوفون والمتقاعدون، أولئك الذين قضوا زهرة شبابهم وقدموا عصارة جهدهم في خدمة هذا الوطن، تاركين خلفهم إرثًا من العطاء والوفاء والإخلاص.

    وفي حين ينعم المتقاعدون في دول العالم المتحضر بحياة كريمة ورعاية شاملة تكافئ سنوات خدمتهم..

    يُترك متقاعدونا وأسر المتوفين منهم يصارعون قسوة العيش بفتات من المعاشات التي لا تسد رمقهم ولا تحفظ كرامتهم الإنسانية، ينتظرونها بفارغ الصبر مفترشين الأرض في طوابير طويلة في صورة مهينة مذلة تدمي قلب كل من يرى النساء وكبار السن الذين أتوا مجبرين على عكاز لاستلام مبلغ من المال لا يساوي حتى قيمة كيس أرز 20 كيلو!

    يا الله.. أنُزِعَت الرحمة من قلوبكم لِتُملَئ غلظةً وخُيَلاء؟

    فكيف ترجون الرحمن الرحيم أن يرفع عنّا البلاء، وينصرنا على الأعداء، وينزل علينا الأمن والأمان والرخاء، كلا، فكما خُنتُمُ الأمانة يكون الجزاء ؟ فيا للعجب! ويا للعار!

    إن قيمة ما يتقاضاه أولئك الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الوطن أقل من 15 دولارًا شهريًّا!

    أي مهانة وأي ظلم هذا؟. فمن توفاه الله وهو على رأس عمله، أو بعد تقاعده تاركاً أسرته بلا معيل، ألا يستحق من الوطن وقفة وفاء حقيقية؟

    وأولئك الذين أجبرتهم الظروف الصحية أو العمرية على التقاعد، ليصبحوا حبيسي جدران أربعة ويعانون قلة ذات اليد، ألا يستحقون حياة كريمة تحفظ لهم ماء الوجه بعد سنوات العطاء.

    إن تجاهل هذه الفئة المهمة ليس فقط جحودًا بحقهم، بل هو مؤشر خطير على فقدان البوصلة القيمية لدى مؤسسات الدولة، فكيف يمكن بناء وطن مزدهر ومستقر على أكتاف أجيال تشعر بالخذلان والإهانة؟

    إننا نناشد القيادة السياسية والحكومة المستقيلة منها والقادمة أن تُولي هذه القضية أولوية واهتمامًا عاجلًا وفائقًا دون تسويف أو تأخير .

    وأولى الخطوات نحو جبر هذا الخلل الفادح تكمن في تسوية أوضاعهم المعيشية بشكل عاجل وعادل، بما يتماشى مع التسويات التي طالت موظفي الدولة عمومًا حتى اللحظة وفي كل تسوية لاحقة.

    إن تحقيق العدالة يقتضي تطبيق هذه التسوية بأثر رجعي، مع الأخذ بالاعتبار الانهيار المستمر للعملة المحلية أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى، والارتفاع الجنوني في أسعار السلع الأساسية وتكاليف المعيشة الباهظة، فمطالبهم ليس رفاهية، بل هو الحد الأدنى من متطلبات الحياة الكريمة التي يستحقونها.

    لقد حان الوقت لترجمة عبارات التقدير والثناء التي حرموا منها، إلى أفعال ملموسة، وحان الوقت لإقرار تسويات عادلة تتماشى مع الواقع الاقتصادي المرير لتحفظ لتلك الفئة المظلومة كرامتها وحقها في حياة إنسانية لائقة، حان الوقت لأن تستفيق القلوب وتتحرك الضمائر قبل أن يطوي النسيان صفحة أولئك الأبطال المنسيين .

    إن صرخات الألم التي تخنق حناجر المكلومين، ومعاناتهم التي ظلت تلازمهم عشرات السنين دون لفتة انسانية، وهي قضية حقوقية لفئة مسحوقة، كان لها الفضل في نمو اقتصاد الوطن آنذاك، ينبغي أن تهز تلك الصرخات أركان المسؤولين وتدفعهم إلى تحمّل مسؤولياتهم التاريخية، لا أن تقوم بتهميشهم وتتركهم وأسرهم يستمرون في المعاناة أبدَ الدهر دون حلول مرضية وتسوية مقنعة وعادلة.

    فهل من ضمير حي يستشعر حجم المأساة؟

المزيد من مقالات (محمد علي محمد أحمد)

Phone:+967-02-255170

صحيفة الأيام , الخليج الأمامي
كريتر/عدن , الجمهورية اليمنية

Email: [email protected]

ابق على اتصال