الجمعة, 20 يونيو 2025
130
كان عدد "الأيام" الغراء ليوم الخميس 19 يونيو الحالي يحمل رصدا لمآلات السقوط المحتملة للبقية الباقية من الدولة، الدولة بما هي منظومة قانونية أولا وأخيرا وأخلاقية أيضا.
فالحلف اللعين بين طرفي السلطة يعيش في واد والشعب يعيش في واد غير ذي زرع ولا ضرع.
والذين يبرأون الطرف الجنوبي من المسؤولية إما أنهم لا يشعرون بما يكابده المواطنون في المناطق الجنوبية أو أنهم مستفيدون من هكذا وضع جعلهم في ليلة وضحاها في خانة الأثرياء والمترفين ويعلمون أن حضور دولة النظام والقانون تعني سقوطهم في مزبلة التاريخ تلاحقهم لعنة الناس أينما حلوا.
معادلة مخيفة: المال مقابل السكوت والخنوع وتنفيذ الأجندة الخارجية.
يقول الأستاذ الكبير محمد علي باشراحيل في زاويته الأسبوعية (من أقوال العميد) لذات عدد الخميس: يحتمل أن يتحول الساسة إلى رجال انتهازيين تحت تأثير صراع الكتل الدولية ولغير مصلحة البلاد الوطنية، وهذه ظاهرة أخرى مؤسفة لا تقل في أثرها عن ظاهرة الفساد الداخلي.
الطامة الكبرى أن الحديث يجرى اليوم ليس عن سياسيين بالمعنى الاحترافي للكلمة، وإنما عن مناضلين -نعم مناضلين- كان لهم دورهم الذي لا ينكر في صفوف شعب الجنوب من أجل حريته واستعادة دولته، فنسوا ذلك النضال ونسوا ما وعدوا به شعبهم وتحالفوا مع القوى الشمالية اقتساما لكعكة السلطة بينما شعبهم في مناطق الجنوب المحررة يعيش على حافة الكارثة.
هل رأيتم أحدهم -من وزرائهم- قد سارع بتقديم استقالته؟ هل التحمت هذه القيادات بشعب الجنوب وتشاركت معه السراء والضراء وأيدت خروجه في مسيرات الجوع رجالا ونساء أم كانت مليشياتهم جاهزة لقمع المتظاهرين بمن فيهم النساء، والقمع هنا يتجاوز ما كان نظام علي عبدالله صالح وجلاوزته يمارسونه على شعبنا.
ما الذي يجري؟ ألسنا بحاجة لوقفة لمراجعة أنفسنا مما سببناه لهذا الشعب العظيم من معاناة ليس لها سابقة في تاريخنا المعاصر.
لقد خرج ممثلو هذا الشعب تباعا، قبيل العيد، لينعموا في نعيم الخارج عند أسرهم، وكانت هناك لقطة كاريكاتورية لرهط منهم تزينوا بأغلى البدلات الراقية ثم التفوا بكليتهم من أعلى سلم الطائرة ليرسموا علامة النصر بأصابعهم وهم يرسمون على شفاههم ابتسامات بلهاء.
لماذا علامة النصر؟ هل انتصروا على أهل عدن والجنوب القابعين في الظلام والحر الشديد وبمعى خاوية ومرتبات شحيحة لا تسد رمق عصفور.
وأشارت "الأيام" مذكرة الناس بإقالة د. أحمد عوض بن مبارك وهي مؤامرة -كما أزعم- تشارك فيها وتوافق عليها طرفا الحكم.
ومع ذلك، هل رأينا وزراء الحكومة يقدمون استقالاتهم كما هو العرف الدستوري؟ لا يمكن حدوث ذلك لأننا أمام مسخرة يندى لها الجبين.
إنهم وزراء كفاءات كما قال اتفاق الرياض، فأين هي الكفاءات التي استطاعت حل أزمات الوطن؟ لقد أصبح هؤلاء وهؤلاء هم أساس مشكلة الوطن.
يقول المحرر السياسي لـ "الأيام": ستجدون بعضا من هذه الكفاءات في إجازة مستمرة حول عواصم العالم والبعض الآخر من تلك الكفاءات يتم التقاطها من شوارع دبي وهي بحالة سكر شديد ومغمى عليها في قارعة الطريق، وهناك كفاءات أيضا في مراقص القاهرة.. إلخ.
ولم يغمط المحرر السياسي بعض الوزراء حقهم ممن يقضون جل وقتهم مع المواطنين.
هذه هي الصورة المتفحمة والأكثر قتامة في حياتنا اليوم كشعب جنوبي، وقد صدق طرفة بن العبد حين قال:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند