بالرغم من الأوضاع السيئة؛ المصنوعة بعناية بيد حكام الأمر الواقع، وفي ظل الأجواء الحارة غير المواتية، إلا أن الوفاء لا يموت في صدور الأوفياء الذين أصروا على ركوب الصعب وإحياء الذكرى السنوية الأولى لوفاة الفنان القدير زين محمد أحمد (الراجل) بمبادرة من منتديات عدن ولحج تلقفها منتدى الوهط الثقافي لإنصاف فنان متمكن وإنسان رائع وتربوي مخضرم.


إنصافه ميتًا بعد أن تجاهلته حيُا الأوساط الرسمية المعنية في الدولة - كعادتها - دون أن يشتكي يوما أو يسأل أحدا أو يلجئ إلى مسؤول.

كان ابن الوهط زين الراجل من جيل السبعينيات من القرن الماضي فنيًا، تفتقت مواهبه الموسيقية في زهرة شبابه عازفا مجيدا لفنانين كبار أمثال الفنان الكبير حسن عطا والفنان سعيد العودي وآخرين، ثم عازفا ملازما للفنان الكبير محمد صالح حمدون وأخيه الفنان القدير مهدي حمدون ومشاركا بدأب في تأسيس وعمل فرقة الوهط الموسيقية بقيادة الفنان الكبير السيد أحمد اسكندر، لتملأ هذه الفرقة فضاءً فنيًا كانت الوهط ولحج بحاجة إليه.

وكانت الفرقة قد ضمت الى جانب السيد أحمد اسكندر الفنان محمد صالح حمدون وأخوانه مهدي وعلي حمدون ومحمد سالم الزجر ومحمد وعلي وعدنان زين الخواجة والموسيقي اللامع حسين عبدالهادي وعلي محلتي وزين الراجل وآخرين.


ومع أن الفنان زين الراجل بدأ حياته الفنية عازفًا مجيدًا على آلة العود إلى جانب إجادته العزف على آلة الكمان، إلا أنه قد ألزم نفسه العزف والأداء على النسق الكلاسيكي للمدرسة الغنائية اللحجية في طورها الثاني بعد القمندان بريادة الفنان الكبير فضل محمد اللحجي وامتداده الفنان الشيخ يحيى محمد فضل العقربي. وسار على ذات النهج فناننا القدير زين الراجل حتى وفاته في 2 يونيو 2024م. فغنى كثيرا وأحيا أمسيات ومخادر وفعاليات كثيرة في حوض لحج وعدن وأبين الثقافي، كما لحن أيضا من كلمات الشاعر المخضرم أحمد سعيد دبا وكان للفنان مهدي حمدون نصيب الأسد من تلك الألحان.

ذكر الأستاذ علي حيمد في مداخلة له في الأمسية المذكورة: إن الفنان زين راجل بدأ الغناء في برنامج (شاعر وفنان) التلفزيوني الذي كان يقدمه الأستاذ عبدالله باكداده عام 1999م، واستضاف فيه الشاعر الغنائي الكبير أحمد سيف ثابت، وتم إقناع زين راجل بالغناء فغنى مصاحبا الشاعر في تلك الأمسية، فكانت تلك بداية موفقة لمشوار زين في الغناء على مدى ربع قرن من الزمان.


ومع استقرار الفنان زين راجل في مدينة دار سعد بعد اقترانه بابنة الشاعر والمناضل الكبير مهدي علي حمدون صاحب ديوان (ضناني الشوق) وزع جهده الفني والموسيقي في منتديات عدن دون أن يغمط لحجا مكانتها في قلبه، فظل مشاركا هنا وهناك رغم مصاعبه الحياتية، فعرفته منتديات اليابلي والطيب والباهيصمي ومنتدى علي السيد ومنتدى الفنان الكبير محمد مرشد ناجي وبشكل دائم مشاركا في فعاليات منتدى خالد شائف.

وبتواضعه المعهود لا يتردد لحظة في إحياء حفلات الزواج لأصحاب الدخل المحدود ودون مقابل بمجرد أن يوجهه أحد إلى ذلك، كما أخبرني الأستاذ مسواط محمد مرشد ناجي.

لم يتغيب زين عن فعاليات منتدى الوهط الثقافي منذ تأسيسه في العام 1998م، وقد كان هو أحد مؤسسيه إلى جانب الفنان محمد صالح حمدون وآخرين.

وأخيرًا:

لم نكن لنتوقع في امسية الجمعة الماضية كل هذا الوفاء الذي تجلى في الحضور المتميز إلى منتدى الوهط الثقافي من عدن ولحج وأبين وحتى حضرموت، وبمستويين الكمي والكيف؛ حضر نواب برلمان ووكلاء وزارات منهم ثلاثة لوزارة الزراعة وحدها، وقادة عسكريين كبار وقضاة وأكاديميين وأدباء ورؤساء منتديات عدن ولحج وأبين الثقافية ورؤساء الاتحادات الأدبية وشخصيات اجتماعية وسياسية وشعراء وفنانين وعلى رأسهم الفنان الكبير محمد محسن عطروش.

كما ساهم في إنجاح الأمسية الاستثنائية الرائعة الأخ الأستاذ سالم بدر مدير المؤسسة الوطنية للأسمنت في لحج.