> «الأيام»عبد الهادي ناجي علي :

في الوقت الذي نسمع فيه كثيراً من الدعوات المتكررة من قبل فخامة رئيس الجمهورية، وحرصه الدائم في كل تناولته وأحاديثه وخطاباته المتنوعة، والتي يؤكد فيها على ضرورة الاهتمام بالتعليم المهني والتعليم الفني كنوع من التعليم الذي يعمل على حل مشاكل الفقر في المجتمع، وكذلك لما يمثله التعليم الفني والمهني من أهمية في حياة المجتمعات كلها، إلا أن الواقع يشكو من معوقات بدءا من المعلمين والمدربين في هذا التعليم ومروراً بالإدارات المشرفة عليه ووصولاً إلى الطلاب المستهدفين من هذا التعليم، وفي تعز ازدادت رقعة الشكوى من قبل المعلمين في معهد التدريب الفني والمهني بالحصب بتعز، فلا يمر شهر إلا ونتسلم في «الأيام» منهم شكوى حول معوقات ومشاكل التعليم، في الوقت الذي يشهد المعهد توسعاً بفتح أقسام جديدة، وقد رأينا أن هذا الموضوع يشكل قضية جوهرية تتطلب النزول إلى الموقع ونقل الهموم والمشاكل عن قرب من مصدرها.. وكان لـ «لأيام» هذا التحقيق .. فإليكم الجزء الأخير من التحقيق:


غياب التأهيل
< صالح سعيد سعد، عضو اللجنة النقابية بالمعهد قال: المشاكل الموجودة في المعهد كثيرة منها التجهيزات والقصور في عدد الكادر، غياب التأهيل للمدربين والمدرسين، خاصة وأنهم لم يحصلوا على أي دورة تدريبية منذ مدة طويلة من ضمنهم أنا. الأشياء التي تبعث على الأسى والحزن أن عدد الطلاب كبير في داخل المعهد، فمثلاً القسم يكون تجهيزاته مخصصة لعشرة طلاب ونحشر داخله 40 طالباً، ولنأخذ قسم المساحة التقني، فعندهم جهازان حديثان والطلاب 40 طالباً، ومجموع الحصص العملية 5 حصص في اليوم وبالتالي نصيب كل طالب من التدريب على الجهاز حوالي 10 دقائق في الأسبوع ، وفي الشهر 40 دقيق ، وفي السنة 4 ساعات ونصف، طبعاً الأجهزة هذه لا تواكب تطورات العصر ولا تقنية المؤسسات العملاقة في سوق العمل وبالتالي مخرجاتنا لا يمكن أن تغطي سوق العمل بالشكل المطلوب لأنها تفتقر إلى الحداثة وتفتقر إلى التدريب ..في قسم المساحة عندنا واحد متخصص هو الأستاذ جميل الاهدل، ومستواه دبلوم تقني مثلنا إنما البقية مدرسون بالهندسة المدنية ويدرسون القسم التقني ، وافتتحت أربعة أقسام بالقسم التقني ومشاكلها كثيرة، ورفضت خوض غمار التجربة أنا وبعض الزملاء وطرحنا بعض الأفكار ورفضوها وأصروا على افتتاحه وحشروا داخل كل قسم 40 طالباً بتجهيزات معدومة، فلا لوحات رسم ولا قاعات ولا كراسي للطلاب لأنهم أخذوا من الطلاب كراسي هذه السنة والغرض افتتاح أقسام ،لا مناهج ولا إعداد كادر بالشكل السليم .. ونحن سنتحمل نتائج المخرجات أمام الله وأمام الوطن .


مغني جنب أصنج!
< مطيع العزي محمد ردمان، مدرس في قسم الالكترونيات ،قال إن له 18 سنة في قسم الراديو ولم يحدث أي تغيير أو تقدم بل الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ ، والمعمل عبارة عن أخشاب، والتجارب تجرى على مسامير ولوحات خشبية، والأجهزة عبارة جهاز واحد (الاميتر) للقياس ، أما الأجهزة الأخرى فلا تستخدم إلى الآن، ولكل عشرة طلاب جهاز، وبعض الأجهزة يشتريها الطلاب على حسابهم، ولا توجد سبورة داخل القسم وهذا معمل صف .. والدورات لم نحصل عليها منذ دخلنا المعهد، والآن ليس معي من اسمي سوى مهندس لكن كعلم هندسة لا يوجد لأنه قد انتهى كاملاً فنحن أميون في الكمبيوتر و99% في المعهد لا يجيدون استخدامه، ولا يجيدون اللغة الانجليزية، ومتخلفون في كل شيء، والمناهج عبارة عن مجهود ذاتي وكل مدرس يعمل منهج على مزاجه .. وعندما تدخل المعهد لا تجد أي ترابط بين التدريس النظري والتدريس العملي .. عملنا وحدات تدريبية واجتهدنا وخسرنا وسلمناها قبل شهرين أو أكثر ولم نستلم مخصصاتها حتى الآن ..ومن ناحية التوجيه لا يوجد توجيه صحيح، فتجد مثلاً موجه ينزل وعنده أقل من بكالوريوس ويقوم بتوجيه جميع التخصصات، بينما تخصصه في جزء من الالكترونيات، ويأتي هنا ليأخذ بيانات شخصية فقط وينصرف لكن كتوجيه يعطيك الجديد ويوجهك بشكل صحيح لا يوجد .. لذلك فنحن نطالب بالتوجيه المتخصص .. كان من قبل المتخرج من القسم يجد له عملاً، الآن غيروا القسم من الالكترونيات إلى قسم راديو فيذهب المتخرج للتقدم للعمل في مصنع أو أي مكان فيرفض مع أنهم يدرسون كل شيء ، ونحن طالبنا ونطالب بتغيير التسمية ولكننا كـ (مغني جنب أصنج ).


مناهج لم تعتمد
< عبد الرحمن الزر يقي، في قسم التلفزيون، قال: إن الأدوات التي تعمل 50% والباقي قديمة ومرمية في المخازن، والجديد نحن موعودون بها ، وإلى حد الآن لم تصل، والمنهج رؤوس أقلام أما كمنهج رسمي فلا يوجد، وقد أعددنا مناهج وإلى الآن لم تعتمد لا المناهج ولا فلوسنا.


لم نبدأ بالدراسة نهائياً
< فارس رياض عثمان ،طالب في المستوى الثالث بالتعليم الموازي قال: إلى حد الآن درسنا سنتين والسنة الثالث لم نبدأ بالدراسة فيها نهائياً بحجة أن أول سنة ندرس المواد العملية وثاني سنة ندرس المواد الثقافية و العملية والسنة الثالثة تدرس المواد الثقافية والعملية مثل الفترة الصباحية ...في بعض الطلاب خرجوا من الفترة الصباحية ويواصلون التعليم الموازي بنفس المستوى .. والى حد الآن درسنا المستوى الأول والمستوى الثاني وأتينا لنختبر المواد الثقافية فقالوا لنا ممنوع الاختبار.


ولم نجد الجواب المقنع
< الطالب منير عبد القادر محمد عثمان ، قال: قدمنا أكثر من شكوى لوكيل وزارة التعليم الفني والتدريب المهني بصنعاء عن طريق الفاكس، وقدمنا شكاوى للأستاذ فيصل، مدير مكتب تعز، والأستاذ جمال سفيان هنا مدير المعهد، ووجدنا نفس المواعيد الكاذبة، ولا يوجد اهتمام بالطالب كي يواصل دراسته ، ويقولون لنا ارجعوا بكرة وبعد يومين وثلاث، ونحن من بعد العيد ونحن نتابعهم باستمرار، ولم نجد الجواب المقنع من أحد حتى الآن، هل نواصل دراسة أو لا بالتعليم الموازي؟


تجهيزات جديدة
< والتقينا بالأستاذ جلال سفيان، مدير إدارة المعهد الفني والتدريب المهني، وطرحنا عليه جانباً من معاناة المدرسين بالمعهد حيث قال: التوسعة موجودة وهناك تجهيزات جديدة مثل قسم التبريد وقسم السيارات رغم النقص فيه وقسم الإلكترونيات .. وقال إن مشاكلهم تتركز في تأهيل الكادر (المدرس والمدرب) وفي التجهيزات، فلا بد أن يكون هناك تدريب وتأهيل للمدرس بحيث لا يبقى على نفس الطريقة القديمة في عملية التدريس، مستخدماً الأدوات القديمة الصينية أو الروسية، فيفترض أن يكون هناك تأهيل مع كل تجهيزات جديدة، فالمدرس الآن لا يملك أي فكرة عن التجهيزات الجديدة في المعهد .. وقسم النجارة يعاني عدم وجود التجهيزات الجديدة ،فالمكائن الموجودة منذ افتتاح المعهد أصبحت قديمة وعفى عليها الزمن .. كذلك قسم اللحام غير مكتمل والموجود لاي في بالغرض ولن يلبي الجودة .. وعن التعليم الموازي والمشكلة المثارة من قبل المنتسبين إليه قال هو جزء من التعليم المنتظم ولكن بطريقة مختلفة، وهو تعليم مواد تخصصية واختبارهم وزاريا ويخرج بشهادة (ماهر) وليس دبلوم .. ومحذوف عليهم المواد الثقافية التي تشكل صعوبة على الطالب . وعن توقف طلاب المستوى الثالث من هذا التعليم قال: المشكلة حول ذلك هي مشكلة مالية بحتة، وحتى الآن ونحن نتابع من أجل حصول المدرس على حقوقه شهرياً بدلاً من السنة، لأنها تشكل عبئاً للمدرس، وبعض المدرسين يُضربون لأنهم لم يحصلوا المبالغ المستحقة، والطلاب يظلون تائهين بسبب تلك الإجراءات التي ينفذها المدرس، وبالنسبة لطلاب سنة أولى هم يدرسون الآن طبيعي جداً والمستوى الثاني كذلك ماشي، والمستوى الثالث إلى الآن لم تصلنا معلومات من الوزارة حول الموضوع رغم أن برنامجهم كان واضحاً، والتوقيف هو من الوزارة .. وقال إن الطلاب كانوا قد تقدموا للامتحان في المواد الثقافية، وكانت هناك موافقة ولكن تعليمات جاءت فجأة من الوزارة وقت الاختبارات بتوقيف دخول الطلاب المواد الثقافية ودخولهم في ثلاث مواد، وأضاف إن المخصصات المتوفرة لدورة واحدة ولا يمكن فتح ثلاثة مستويات في وقت واحد في غياب الاعتماد لها .. وعن الطاقة الاستيعابية للمعهد قال: الطاقة الاستيعابية ألف ومائة وسبعون طالباً بالنسبة للمهني والتقني. وقال: إن الطاقة الاستيعابية كانت كبيرة جداً حاولنا عمل بعض الحلول لمواجهة الإقبال. وقال نحن بحاجة إلى خمسة معاهد في تعز لتستوعب كل الطلاب .. وقال إن المباني الجديدة بصدد استيعاب الزيادة في أعداد الطلاب المتقدمين للتعليم المهني، وقال: إن هناك أربعة أقسام تقنية تم افتتاحها (المساحة، المعماري، التكييف والتبريد والإنشاءات ).


مدير عام التعليم الفني
< وبعد هذا كله كان لا بد من أن تحمل «الأيام» كل التساؤلات التي طرحها المعلمون والمدربون وبعض الطلاب وتضعها أمام الأخ مدير عام التعليم الفني والتدريب المهني بتعز الأخ فيصل مجاهد، الذي تحدث إلينا بقوله: في البداية نشكر الصحيفة على تسليط الضوء على التعليم الفني وهمومه ، ونشكركم على زيارتكم لنا .. وباختصار شديد وضع التعليم الفني أفضل بكثير جداً من السابق، وبالنسبة للتأهيل لدينا خطط سنوية داخلية وخارجية وأمامك وثائق تؤكد ذلك سواء للمشاركين الذين عادوا أو ما زالوا يتأهلون أو مرشحين لخطة هذا العام كما تقوم الشركات الموردة للتجهيزات بتدريب الكادر على تلك التجهيزات وأخذ برنامجين في فبراير ومارس 2005 في الالكترونيات في الحصب والكهرباء في الحوبان .. وعن العلاوات السنوية قال: الجميع يتسلمها ولم يحرم أحد ، والتسويات وبالأخص ما حدث في العام الماضي أنه تم الاجتماع بشؤون الموظفين بحضور أحد أعضاء النقابة، وتم التوجيه بالبد ء وبحسب الأولوية .. وعند بدء التسويات استمرينا في تلقي إضافات للموظفين على مجموعات بحجة عدم استيفاء بعض الموظفين لوثيقة معينة، ولم تصل إلينا شكاوى إلا وتم حسمها ولم نبلغ بأي عرقلة إلى بعد انتهاء موعد التسويات، أما أن من يقوم بأعمال إضافية لا يتسلم مستحقاته فغير صحيح، قد تتأخر نظراً لإجراءات مالية معقدة وطلب وثائق إضافية وخلافه، لكن لم يحرم أي فرد من استلام حقه .


عيوب في المنهاج
< وعن العيوب في المناهج قال:لا أستطيع أن أقول إن هناك عيوباً في المنهاج لأني لست مختص مناهج، والمختصون عملوا عملهم وأرسلوه إلى الميدان، والمدرس أو المدرب طُلب رأيه وعمل ذلك عبر استمارة تغذية راجعة، ومختصو المناهج ناس ليسوا من السماء وإنما كانوا مدرسين معنا وتم اختيارهم من الميدان وتم تأهيلهم في هذا المجال، وإن وجد عيب أو قصور فقد تم استدعاء القطاع الخاص للمشاركة في المناهج وبالتأكيد قالوا ملحوظاتهم، إضافة إلى إشراكهم في الامتحانات، وبالتالي ملحوظاتهم رفعت، ولم يأت هذا العمل إلا لمعرفة الاختلالات والتغلب عليها من وجهة نظري، من خلال تعزيز العلاقة أكثر وأكثر مع سوق العمل والمجلس المحلي للتعليم .


كثافة عدد للطلاب
< وحول الازدحام قال: الوزارة حددت العدد في كل شعبة، ويستطيع المعهد وفقاً لإمكانياته البشرية والتجهيزات أن يتجاوز ذلك العدد بشرط أن لا يكون ذلك على حساب النوعية، فمثلاً لدى تمرين معين يمكن تقسيم الطلاب إلى مجموعات تتناسب والمدربين وتحقيق الغرض، لكنني أتكلم عن ازدحام مع أن من الممكن عمل أكثر من حل والاستفادة القصوى من التجهيز الموجود في الورشة .. والمهم أن لا يؤثر العدد على النوعية، وهذا هو الهدف الذي جئنا من أجله، خاصة ونحن هنا في تعز نعاني كثافة في عدد الطلاب تفوق أي محافظة، ومخرجات التعليم العام من الأساسي والثانوي تشكل لنا أرقاماً مقلقة خاصة أن التعليم الفني والتدريب المهني ليس كالتعليم العام .


ضغط مشكلة السكن والتغذية
وعن التوسع في أقسام المعهد قال: حدث إغلاق لبعض التخصصات في المستوى المهني نظراً لعدم إقبال الطلاب عليها، وتم استحداث تخصصات أخرى في المستوى التقني وكان ذلك بمقترحات من أعضاء هيئة التدريس، أما التوسع في المديريات فنحن نتمنى أن نتمكن من ذلك في كل المديريات، لأن الطلاب المسجلين حالياً من مختلف المديريات، فإذا استطعنا توفير المعاهد في المديريات بالتأكيد أفضل للطلاب ولنا، حيث سخفف عنا ضغط مشكلتي السكن والتغذية .


هناك نوع من التنسيق
وحول التنسيق بين مخرجات المعاهد ومتطلبات السوق قال: في الحقيقة نعم فنسبة كبيرة جداً في المستوى التقني تجد أماكنها في سوق العمل، وبالنسبة للمستوى المهني فلا توجد لدي إحصائية دقيقة كون مجموعة تلحق بالتعليم الفني وأخري بالجامعات وآخرون يفضلون الأعمال الخاصة، لكن هذه المؤشرات تبشر بخير ونحن على تواصل مع القطاع الخاص واتحاد الجمعيات المهنية والحرفية حتى يكون هناك نوع من التنسيق، وذلك لتلبية احتياجاتهم على المدى القصير والطويل.


التعليم الموازي
وعن مشكلة طلاب المستوى الثالث موازي قال: في الحقيقة عدد من الطلاب اكتفى بما تحصل عليه، والطلاب البقية على مستوى كل تخصص لا يمكن أن يكونوا شعبة بحسب معايير وشروط تسيير برامج التعليم الموازي، وعلى أن تختبر الدفعة الجديدة وتصل إلى نفس المستوى يمكن فتح المستوى الثالث، مع العلم أن هناك ورشاً قريبة عن التعليم الموازي سيتم الوقوف فيها على مثل هذه الحقيقة للتعليم في المحافظة.

الأقسام الجديدة التي تم فتحها في الحصب: المباني والتكييف في المستوى التقني لهذا العام، وعدد الطلاب 4000طالب وطالبة بتعز، بالنسبة للامتيازات للطلاب القادمين من المديريات البعيدة والمحافظات السكن والتغذية .

أما بالنسبة للمعهد الذي في ورزان فهو يتبع التربية والتعليم، وكما تعلمون انه قد تعرض للسطو أكثر من مرة خلال حرب صيف 94 لكن ليس لدي معلومات عنه سوى كما أشرت وفي لقاء مع الأخ الوكيل المساعد أشير من قبل الأخ مدير المديرية بأنه مغلق من المحكمة ولا يمكن فتحه إلا بعد انتهاء الإجراءات من قبل المحكمة .

وفي الختام أود أن أؤكد على سؤالكم عن الشكاوى بالنسبة لتدريب الكادر، فقد اطلعتم بأنفسكم على البرامج الفعلية وأؤكد لكم أن البرامج تسير وفق خطط سنوية تشمل كافة أعضاء هيئة التدريس والإداريين ومشرفي السكن والتغذية ورؤساء الأقسام في الصحة والسلامة المهنية، والآن نحن بصدد التحضير لبرنامج الصيانة، حيث إن المختصين ينفذون البرنامج في محافظة الحديدة ويليها محافظة عدن ثم تعز .. أخيرا أتمنى أن أكون قد وفقت في نقل الصورة الحقيقية عن التعليم في المحافظة وأدعوكم لتكرار الزيارات والتأكد بأنفسكم ونقل الصورة الحقيقية للتعليم في المحافظة.