> محمود صديق:

من اليمين: محمد علي باشراحيل، حسين اسماعيل، علي سالم علي، عبدالرحمن جرجرة، محمد عبده قاسم وعبده ميسري في نيروبي
من اليمين: محمد علي باشراحيل، حسين اسماعيل، علي سالم علي، عبدالرحمن جرجرة، محمد عبده قاسم وعبده ميسري في نيروبي
بالرغم من إيماني العميق بالله وبكل ما جاء في كتابه العزيز {كل نفس ذائقة الموت} و{إنك ميّت وإنهم ميتون} إلا أنه لم يخطر ببالي أن تلك المكالمة التي اجريتها من لندن في نهاية شهر فبراير من العام الحالي مع صديقي وأخي صديق العمر علي سالم علي ستكون آخر اتصال بيني وبينه، إذ بعد حوالي خمسة وأربعين يوماً تقريباً تلقيت ذلك النبأ المؤلم والمؤسف إلا وهو انتقال روحه الطاهرة إلى باريها، حيث وافته المنية في القاهرة بعيداً عن عدن الغالية عليه وعلى أبناء عدن جميعاً محل ميلاده وكفاحه الوطني خلال سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي.. بعيداً عن أصدقائه وأبناء بلاده الذين أحبهم وأحبوه وأعطاهم الكثير من وقته وجهده ، ولكنها إرادة الله ولا راد لقضائه. وصدق الله القائل في كتابه {وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت}.

ولقد عرفت الفقيد رحمه الله رحمة الابرار في أواخر الخمسينات من القرن الماضي واستمرت العلاقة بيننا طوال هذه السنين.. وعرفته عن كثب .. فقد كان إنساناً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.. كان أخاً حميماً لإخوانه، وفياً لأصدقائه، مواطناً صالحاً ومحباً لوطنه .. وكان رجلاً هادئاً في كلامه وفي علاقته بالآخرين.. كان يتحلى بأخلاق عالية فلم يخاصم احداً ولم يشتم أحداً قط طوال حياته.. كما عرف عنه تقديم المساعدة المالية للطلبة المبعوثين للدراسة في مصر والمملكة المتحدة، وكان لا يتردد في مساعدة كل من قصده أو طرق بابه الذي ظل مفتوحاً في وجه المواطنين حتى أثناء توليه الوزارة في حكومة السيد حسن علي بيومي والسيد زين عبده باهارون (رحمهم الله رحمة الأبرار) فلم يتغير ولم يتكبر ولم يتنكر لأحد ممن عرفهم قبل توليه الوزارة.

كما عُرف رحمه الله بمواقفه الوطنية والشجاعة أثناء توليه الوزارة، حيث قدم استقالته بعد حادث قنبلة المطار عام 63م احتجاجاً على ما تبع ذلك الحادث من اعتقال الأخ المناضل خليفة عبدالله حسن بتهمة إلقاء القنبلة على المندوب السامي والوفد المرافق له، واعتقال عشرات من المواطنين من أبناء عدن وإعلان حالة الطورئ في البلاد مسجلاً بذلك موقفاً وطنياً شجاعاً أملاه عليه ضميره وواجبه الوطني تجاه بلاده وأبناء بلاده. ولكن ذلك الموقف الشجاع أغضب المسؤولين، إذ تعرض لمحاولة اغتيال من مجهولين عندما كان جالساً في سيارة شقيقه المرحوم بإذن الله المناضل محمد سالم الذي كان يقبع في السجن مع زملائه الأحرار الا أنه بفضل من الله قد نجا الفقيد وزملاؤه الذين كانوا معه في السيارة من تلك المؤامرة الدنيئة وخاب ظن المتآمرين. وعندما ضاقت به السبل بعد تلقيه الأذى من قبل بعض الجهات في تلك الفترة العصيبة التي مرت بها البلاد والتي يعرفها الجميع ولا داعي لذكرها، ترك كل ما يملك مسلماً أمره لله شاكياً ظلم العباد لرب العباد. رحمك الله يا أبا محمد وبسام وأسكنك فسيح جناته إنه نعم المجيب.. وسلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً.. وليس لدى ما أقوله سوى قول الله عز وجل {وبشر الصابرين الدين إذا أصابهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون} وإن العين لتدمع وإن القلب ليخشع لفراقك يا علي سالم.