> سلوى صنعاني:
للخروج من دائرة العزلة والضجر ألجأ أحياناً للخروج إلى الشارع، لا لقصد حاجة أقتنيها، ولا لغرض يستدعي ذلك ولكن ينتابني شعور بالاكتئاب، أشعر بأن جدران المنزل متجهمة وتكاد تطبق على أنفاسي فألوذ بالفرار إلى الشارع.
ومن حظي التعس أنني من سكان كريتر التي أضحت الحياة فيها لا تطاق لشدة الإزعاج والزحمة. كريتر لوحدها بشوارعها وأزقتها وأسواقها مزدحمة لدرجة يشعر فيها المرء بالضيق فكان وضعي أشبه بالمستعين بالرمضاء من النار. فلا تمر بالأرصفة إلا وتتعثر بمفارش الباعة، تصم أذنيك أصواتهم المنبعثة من مكبرات الصوت للفت انتباه الناس إلى وجودهم وإلى بضاعتهم واجتذابهم إليهم.
وهناك ضجيج يضاف إليه وهو جوقة أبواق السيارات التي يطلقها السائقون بمناسبة ومن دون، تلك الأبواق لها أصوات شبيهة بأصوات الحيوانات أو المطافئ أو الإسعاف، فلو كانت هذه الأخرى موجودة لن تميزها لعلو أصوات هذه الأبواق حتى يصعب معه التمييز، كل ذلك على مرأى ومسمع من رجال المرور الذين هم في وضع لا يحسد عليه بل هم أدعى للإشفاق عليهم من غيرهم.
كل ذلك حاولت احتماله بغية التطلع في وجوه الناس الذاهبة والآيبة والمتجولة واستقرائها معظمها متجهمة ومهمومة، تعكس ما في أعماقهم ووجدانهم .
هناك شباب يتسكع البعض منه، والبعض الآخر يتخذ من ركن الحارة بجانب كشك للتمبل مجلساً لهم يطلقون ضحكات مشينة وألفاظاً تتبرأ منها الأخلاق ومنها ما يخدش الحياء العام، ولا ألومهم، فربما هي الطريقة الوحيدة لديهم للترفيه والتعبير عما في أعماقهم من كبت وهزائم ألحقتها بهم الحياة، فمنهم من تخرج منذ سنين بعيدة تفصله عن أحلام التخرج وبناء الحياة المنشودة بعد الحصول على وظيفة تمكنه من توظيف ما حصده خلال سنوات الدراسة في خدمة وطنه من حصيلة وقدرات وتشعره بأنه جزء من هذا الوطن الغالي الذي ينتمي إليه.. ثم التأهل والزواج ممن حلم بها وأحبها وإنجاب قرة الأعين.. وبناء الأسرة السليمة بتوافر أبسط شروط بنائها. كل ذلك تبخر والأحلام تلاشت شيئاً فشيئاً، والتي كانت متقدة خبت تدريجياً وخفت ضوءها وانطفأ بعد أن أوصدت كافة الأبواب في وجهه وأغلقت كل الطرق أمامه.
وهكذا يجدون في لمتهم مع بعض عزوة في مواجهة المجتمع بتحد سافر لأخلاقه العامة والخروج عن سلوكه الاجتماعي وانضباطه بالضجيج والفوضى، التي اتخذوها وسيلة لمعاقبة الجميع.
ثم تأتيك فئة المتسولين وردحهم المتواصل وهم بمجموعهم يكادون يفوقون أعداد مرتادي الأسواق، ينتشرون بصورة غوغائية، يشعرك بالملل إلحاحهم وملاحقتهم لك بالهروب من الشارع والعودة لأدراج المنزل للوذ به وهكذا وجدت نفسي بين شقي الرحى، ولكن المنزل قد يكون أرحم من جحيم الشارع ومن ظواهر الفوضى التي أضحت أبرز سماته. ومن تلك الوجوه العابسة لربما وسط كل ذلك تلمس شيئاً واحداً جميلاً وهو ابتسامات الصغار الذين يلهون غير مدركين أعباء الحياة وسط السيارات والزحمة، بعد أن فقدوا كافة المتنفسات حتى تلك الأرصفة التي تحميهم من المركبات المارة قد احتلها باعة المفارش وكراسي المقاهي التي ظهرت في الحارات مؤخراً فجأة وكأنها نبت شيطاني.. هذا عوضاًَ عن الطَرقات الحديدية العالية الصادرة عن الباعة المتجولين لأسطوانات الغاز، كل ذلك ولا تجد من تلجأ إليه للجمهم.
ومن حظي التعس أنني من سكان كريتر التي أضحت الحياة فيها لا تطاق لشدة الإزعاج والزحمة. كريتر لوحدها بشوارعها وأزقتها وأسواقها مزدحمة لدرجة يشعر فيها المرء بالضيق فكان وضعي أشبه بالمستعين بالرمضاء من النار. فلا تمر بالأرصفة إلا وتتعثر بمفارش الباعة، تصم أذنيك أصواتهم المنبعثة من مكبرات الصوت للفت انتباه الناس إلى وجودهم وإلى بضاعتهم واجتذابهم إليهم.
وهناك ضجيج يضاف إليه وهو جوقة أبواق السيارات التي يطلقها السائقون بمناسبة ومن دون، تلك الأبواق لها أصوات شبيهة بأصوات الحيوانات أو المطافئ أو الإسعاف، فلو كانت هذه الأخرى موجودة لن تميزها لعلو أصوات هذه الأبواق حتى يصعب معه التمييز، كل ذلك على مرأى ومسمع من رجال المرور الذين هم في وضع لا يحسد عليه بل هم أدعى للإشفاق عليهم من غيرهم.
كل ذلك حاولت احتماله بغية التطلع في وجوه الناس الذاهبة والآيبة والمتجولة واستقرائها معظمها متجهمة ومهمومة، تعكس ما في أعماقهم ووجدانهم .
هناك شباب يتسكع البعض منه، والبعض الآخر يتخذ من ركن الحارة بجانب كشك للتمبل مجلساً لهم يطلقون ضحكات مشينة وألفاظاً تتبرأ منها الأخلاق ومنها ما يخدش الحياء العام، ولا ألومهم، فربما هي الطريقة الوحيدة لديهم للترفيه والتعبير عما في أعماقهم من كبت وهزائم ألحقتها بهم الحياة، فمنهم من تخرج منذ سنين بعيدة تفصله عن أحلام التخرج وبناء الحياة المنشودة بعد الحصول على وظيفة تمكنه من توظيف ما حصده خلال سنوات الدراسة في خدمة وطنه من حصيلة وقدرات وتشعره بأنه جزء من هذا الوطن الغالي الذي ينتمي إليه.. ثم التأهل والزواج ممن حلم بها وأحبها وإنجاب قرة الأعين.. وبناء الأسرة السليمة بتوافر أبسط شروط بنائها. كل ذلك تبخر والأحلام تلاشت شيئاً فشيئاً، والتي كانت متقدة خبت تدريجياً وخفت ضوءها وانطفأ بعد أن أوصدت كافة الأبواب في وجهه وأغلقت كل الطرق أمامه.
وهكذا يجدون في لمتهم مع بعض عزوة في مواجهة المجتمع بتحد سافر لأخلاقه العامة والخروج عن سلوكه الاجتماعي وانضباطه بالضجيج والفوضى، التي اتخذوها وسيلة لمعاقبة الجميع.
ثم تأتيك فئة المتسولين وردحهم المتواصل وهم بمجموعهم يكادون يفوقون أعداد مرتادي الأسواق، ينتشرون بصورة غوغائية، يشعرك بالملل إلحاحهم وملاحقتهم لك بالهروب من الشارع والعودة لأدراج المنزل للوذ به وهكذا وجدت نفسي بين شقي الرحى، ولكن المنزل قد يكون أرحم من جحيم الشارع ومن ظواهر الفوضى التي أضحت أبرز سماته. ومن تلك الوجوه العابسة لربما وسط كل ذلك تلمس شيئاً واحداً جميلاً وهو ابتسامات الصغار الذين يلهون غير مدركين أعباء الحياة وسط السيارات والزحمة، بعد أن فقدوا كافة المتنفسات حتى تلك الأرصفة التي تحميهم من المركبات المارة قد احتلها باعة المفارش وكراسي المقاهي التي ظهرت في الحارات مؤخراً فجأة وكأنها نبت شيطاني.. هذا عوضاًَ عن الطَرقات الحديدية العالية الصادرة عن الباعة المتجولين لأسطوانات الغاز، كل ذلك ولا تجد من تلجأ إليه للجمهم.