> «الأيام» فاروق الجفري:

ليس من المعقول أن يتخيل كل من قام ببطولة فيلمه الأول أنه أصبح من النجوم (كبار الممثلين)، ولو أن من تخيل أنه قد أصبح نجما بعد فيلمه الأول واكتفى بإحساس النجومية بداخله انتظارا لما سيحمل له الغد بعد فيلمه الثاني لكان هذا محتملا، ولكن من وصل بخياله إلى النجومية أصبح يصافح من حوله (بأطراف أصابعه)، وإذا تكلم معهم فإن الكلمات تخرج من فمه بطيئة وغير محددة المعالم، متصورا أن هذا هو الأسلوب الذي يتبعه النجوم، وإذا تحدث أمام كاميرات التلفزيون أو ميكروفات الإذاعة، فإنه دائما صاحب نظريات، لا في الفن فقط ولكن في الفلسفة والاقتصاد أيضا! وأصبح الوطن العربي يواجه هذه النوعية من أصحاب الإحساس بالنجومية بشكل متعدد الصور بعد أن غزت حياتنا مجموعة من الأفلام الكوميدية التي قام ببطولتها لأول مرة مجموعة من الشباب الذين كانوا يقومون من قبل بأدوار ثانوية، ولكنهم استطاعوا بذكائهم، التسلل من الأبواب الخلفية ليصلوا إلى أدوار البطولة المطلقة، وحقيقة أن الأفلام التي قاموا ببطولتها حققت قدرا كبيرا من الدخل المادي، ربما لم تحققه أفلام كبار النجوم الذين أكدوا وجودهم على مدى سنوات طويلة، إلا أن هذا لايعطي النجوم الناشئة مثل هذا الإحساس الذي انعكس على تصرفاتهم في صور متعددة.

إن هؤلاء الذين يعيشون وهم النجومية لمجرد أن أجرهم قد يصل إلى الملايين يحتاجون إلى وقفة طويلة مع أنفسهم، وهم يواجهون الغير، فليس معنى نجاح أفلامهم الأولى ماديا، وكلها من نوع الكوميديا، أنهم أصبحوا بالفعل من كبار الممثلين، بدليل أنهم يملون شروطهم، وأن هناك من يستمع إلى هذه الشروط، بل وينفذها.

إن هؤلاء الذين ظهروا في حياتنا كأبطال للأفلام الكوميدية أو الذين مايزالون في الطريق من أصحاب المواهب الفنية التي لاينكرها عليهم أحد مايزال الطريق أمامهم طويلا، ويحتاجون إلى تأكيد هذا الموهبة، وهذا لن يحدث إلا من خلال تجارب طويلة وقاسية، فطريق الفن ليس مفروشا دائما بالورود، ولكن الشيء المؤكد هو وجود الشوك في الطريق.. فهل يتنبه هؤلاء الذين يعيشون في وهم النجومية أن الأشواك في انتظارهم قبل أن يلتقوا الورود!.