> بيونيس أيريس / ريو دي جانيرو «الأيام»د.ب.أ:

تمتلك البرازيل أكبر شبكة بنوك للبن الأمهات في العالم مجهزة بتكنولوجيا معالجة اللبن من الأمهات اللاتي يحملن فيروس إتش آي في المسبب لمرض الإيدز، بهدف تمكينهم من إرضاع أطفالهن الأصحاء دون تعريضهم لخطر الإصابة بالعدوى.

وبشبكتها الوطنية الرائعة التى تضم 192 بنكا، أثارت البرازيل الحماس لهذه الفكرة في أمريكا اللاتينية وبعض الدول الأفريقية التي ينتشر فيها مرض الإيدز.. وبحسب صندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) تكون فرصة الأطفال الرضع الذين يتغذون على لبن الأم في البقاء على قيد الحياة أثناء أول شهرين من ولادتهم أكثر بمقدار ست مرات، كما تساهم الرضاعة الطبيعية في إكساب الأطفال الرضع القدرة على الإدراك، وتساعد في الوقاية من الأنيميا، وتقلل خطر إصابة الأمهات بسرطان المبيض والثدى.

يذكر أنه عندما بدأ يظهر مرض الإيدز في الثمانينات واكتشف العلماء إمكان انتقال الفيروس عن طريق لبن الام أغلقت معظم بنوك اللبن في مختلف أنحاء العالم أبوابها ببساطة، غير أن البرازيل اتخذت القرار المثير للجدل بإبقاء بنوكها مفتوحة مع ضمان سلامة ألبان الأمهات عن طريق البسترة. وقال فرانز نوفاك الباحث في مجال ألبان الامهات بمؤسسة أوسوالدو كروز ومقرها ريو دي جانيرو لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) «لقد بذلنا جهودا مستميتة من أجل استمرار البنوك في عملها».. وقبل أكثر من نصف قرن قامت البرازيل مثل دول أخرى في العالم بفتح هذا النوع من البنوك كوسيلة لإرضاع الأطفال الذين لايوجد في ثدي أمهاتهم لبن كاف أو عدم وجوده على الإطلاق.. بحلول عام 1998، وبناء على مبادرة من وزارة الصحة البرازيلية ومؤسسة أوسوالدو كروز، تم التوسع في عدد بنوك الألبان، وامتدت لتصبح شبكة وطنية، وصار لها الآن منافذ في أكثر من 100 بلدة.

وتقوم هذه البنوك بالحصول على اللبن من آلاف الأمهات الأصحاء اللاتي لديهن وفرة منه واللاتي هن على استعداد لتكبد عناء شفطه منهن والتبرع به.. وجميع السيدات يتم فحصهن طبيا.. بعد ذلك يمر اللبن بمرحلة الانتقاء والتصنيف والبسترة حتى يتسنى التأكد من جودته حتى وصوله إلى الأطفال الرضع، كما يستفيد الأطفال الرضع الذين تحمل أمهاتهم فيروس إتش آى فى من هذا النظام، لكن في الفترة التي لايزالون فيها بالمستشفيات، ويقول نوفاك «بعد خروجهم من المستشفى لانستطيع توفير اللبن لهم، لأنهم يستهلكون كما هائلا.. فهؤلاء الأطفال الرضع يولدون في العادة بعد انتهاء فترة الحمل بالكامل، لذا فإن وزنهم يكون مكتملا».

وبعد إخضاع لبن الأمهات لعمليات البسترة الملائمة وإزالة الفيروس المسبب للإيدز منه فإنه يمكن معالجة اللبن المأخوذ من الأمهات المصابات بالفيروس واستخدامه في إرضاع أطفالهن.. علاوة على توسيع شبكتها الخاصة بها تقوم البرازيل بدور مهم في تصدير تقنيتها الخاصة بالبنوك إلى مختلف أنحاء أمريكا اللاتينية.

وقال نوفاك «يمكن جعل هذه التكنولوجيا تلائم جميع الدول في أمريكا الجنوبية لأنه تم تطويرها لكي تستخدمها الدول التي لديها موارد قليلة».. وفي عام 1997 تم إرسال فنيين فنزويليين إلى البرازيل لتدريبهم هناك، كما جرى ترجمة نشرات التعليمات الخاصة ببنوك لبن الأمهات من البرتغالية إلى الإسبانية.. كما ساعدت البرازيل الأرجنتين في هذا المجال، حيث تملك الأخيرة بنكين من هذا النوع.. ويوجد لدى باراجوي بنك واحد، وتخطط الإكوادور وجمهورية الدومينكان وهندراوس وكولومبيا وكوبا لإنشاء بنوك للبن الأمهات.

أما إسبانيا فقد حذت حذو أمريكا اللاتينية، وتود البرازيل تصدير هذه التكنولوجيا إلى بقية دول العالم، لكن ثبت أن هذا ليس بالأمر السهل.. وقال نوفاك «نبحث الآن كيفية جعل عملنا يتوائم مع أفريقيا، لكن توجد اختلافات جوهرية بسبب ظروف المناخ والظروف الصحية وشروط الصحة العامة». وتابع يقول «يتعين حفظ اللبن فور جمعه في درجة حرارة مخفضة، وهذه مسألة صعبة للغاية في أفريقيا».. ويلزم أموال إضافية حتى يتسنى استمرار بنوك لبن الأمهات في تأدية عملها، لكن يحظر قانونا على البنوك دفع مبالغ للأمهات مقابل الحصول على لبنهن.. ويشرح نوفاك ذلك قائلا إن الدول الفقيرة تدرك أنه ليس أمامها أي خيار سوى التشجيع على التبرع بلبن الأمهات، «وبالنسبة لنا كمجتمع من الصعب بمكان شراء اللبن المعدل للأطفال (الذين يولدون قبل الأوان) حيث إن ذلك مكلف للغاية».