> استطلاع/ صلاح الجندي
بين فكي كماشة قوة الشرعية والانقلابيين تقع قرية الرحبة جنوب مديرية جبل حبشي، وتبعد عن مركز محافظة تعز 28 كيلو متر، حيث يقضي ما يزيد عن 400 أسرة حياتهم وسط ظروف بالغة الصعوبة جراء حصار الانقلابيين لها من الجنوب والغرب والشرق، فيما تتمركز قوات الجيش الوطني في مدخلها الشمالي، مطبقين من خلاله حصارا خانقا، جعل سكانها أمام موت حتمي، ومتسببًا بحرمان عشرات الأطفال من ممارسة حياتهم وحرمانهم حتى فرحة العيد الذي مر بدون ملامح.
تفتقد قرية الرحبة لأي منجز يذكر للجمهورية، ويعتمد معظم الأهالي فيها على حوالات المغتربين بشكل أساسي، وقليل في الزراعة وتربية المواشي، كما تُعد البوابة الجنوبية لجبل حبشي، وتحاذي جنوبًا الكدحة بمديرية المعافر ومديرية مقبنة غربا.
بعد اجتياح الانقلابيين للكدحة صمدت قوات من الجيش الوطني تابعة للواء 17 على أطرافها المحاذية للسوق، قبل أن تنسحب جراء الهجوم العنيف للمليشيات مخلفة معاناة في أوساط المواطنين في المناطق التي انسحبت منها.
وسلّم الجيش الوطني زمام قيادة المعارك فيها لكتائب أبو العباس وكتائب الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب، التي تخوض معارك يومية في السلسلة الجبلية المحيطة بالقرية، لاسيما سلسلة جبل حصن الدرب الاستراتجي الذي يُمثّل قلب المعركة ويفصل قرية الرحبة عن قرى العفيرة المتناثرة على طول الطريق الرئيس، الرابط سوق البرح ومفرق المخا بالحجرية وتعز.
ويرى مختصون بأن المعارك في محيط حصن الدرب الاستراتجي باتت ضربًا من الجنون، ما لم يكن هناك تدخلاً للطيران، وفرق لنزع الألغام التي زرعها الانقلابيون حوله.
وما بين معارك الكر والفر المتقطعة بشكل يومي، يبقى المدنيون الذين يستوطنون وادي الرحبة، في قرى صغيرة هي "زبد، والأحصاب، وحمرة، وما تبقى من سكان قرية الذنبة المحاذية لسوق الكدحة"، كقصة مؤلمة شاهدة على حرب مجنونة وقذائف تنهال على رؤسهم يوميا.
*معاناة خدمية
يُعاني سكان القرية من انعدام المشاريع الخدمية كمشروع المياه، حيث يعتمد السكان بالحصول عليه من الآبار الجوفية وبالطرق التقليدية (الرشا والدلو) أثناء توقف القصف المتبادل.
وتسبب القصف بوقوع عدد من المدنيين ممن فضلوا البقاء في منازلهم رغم خطورة الوضع، والذين يشكلون النسبة الكبيرة ممن نزحوا إلى مناطق مختلف إلى مدينة تعز والمسراخ والمعافر والذين لا تتجاوز نسبتهم 15%.
وكانت القرية قد استقبلت 110 أسر نازحة من موزع، بعضها فضلت البقاء في عشش صغيرة تقع على مقربة من وادي ابن خولان بجبل حبشي، فيما سكن الآخرون مع السكان الأصليين في القرية.
ووفق أحد الناشطين - فضل عدم ذكر اسمه - "فإنه لا يوجد في القرية أية وحدة صحية وإن سكانها يلجؤون للعلاج في الوحدات الصحية بالقرى المجاورة (كالأشروح أو الكدحة) أو مستشفيات وعيادات مديني النشمة وتعز، ويتطلب الوصول إليها السير على الأقدام، نتيجة للألغام المزروعة من المليشيات لمنع تقدم الجيش الوطني"، مضيفًا: "أيضاً مدرسة صلاح الدين بالرحبة أصحبت الدراسة متوقفة فيها منذ اندلاع الحرب في القرية".
موت وحصار
تشكل الزراعة و الرعي أهم موارد أهالي قرية الرحبة إلى جانب مساعدات المغتربين، وبسبب عدم دخول الآلات الزراعية (الحراثات) خوفًا من الألغام توقفت الزراعة بشكل كلي، ويخشى بعض المواطنين أن تكون السيول قد جرفت بعض الألغام إلى حقولهم الزراعية.
فيما أضطر النازحون إلى بيع ما يمكلون من أغنام وأبقار وغيرها من الأنعام بأثمان بخص، فيما نفقت آخرى بفعل الحرب، وأفاد سكان محليون لـ«الأيام» أن "أفراد يتبعون طرفي القتال يعمدون إلى ذبح أغنامهم أثناء تواجدها في مراعيها".
ويقول الصحفي أشرف المزندي لــ«الأيام»، هو أحد سكان القرية: "إن طرفي النزاع يتحملون معاناة السكان في الرحبة، وعليهم أن يراعوا استهداف المدنيين".
ولفت المزندي إلى أن "أسرته لا تستطيع زيارة أقاربهم منذ قرابة العام، نتيجة لانتشار الألغام في الطرق الرئيسية للقرية ومنافذها، وكذا تلغيم الطرق الفرعية بين قرى الرحبة الأربع، متسبًبا بحرمان المواطنين من التنقل داخل القرية ذاتها، حيث سبق أن حصدت الألغام بالقرية أروح أسرة، بينما كانت تحاول الخروج منها".
يتابع المزندي حديثه بالقول: "إن المنظمات الإنسانية العاملة في المدينة مُغيبة تمامًا هذه القرية من سجلاتها، ومعظم النازحين الذي نزحوا منها يشكون أيضًا من عدم حصولهم على المساعدات، باعتبار أن القرية ضمن جبهة الكدحة التابعة لمديرية المعافر، وتتبع إداريًا جبل حبشي، وبسبب العشوائية التي تعمل بها المنظمات فإن جهلها للمنطقة يجعلها تستعين بمشائخ ووجاهات يعملون على حرمان الرحبة من الإغاثة"، موضحًا أن "نحو 50% من السكان عجزوا عن النزوح، نتيجة الفقر المتقع الذي يعانون منه، وتوقف مصادر الدخل الخاص بهم".
ويحصل المواطنون في القرية على المواد الغذائية والغاز المنزلي من بقالات صغيرة، أصبحت شبه خالية بعد إغلاق الطرق، وبحسب الزميل أشرف "فإن موت وحصار تتعرض له قرية الرحبة غرب محافظة تعز".
انتهاكات خارج سجلات المنظمات
«الأيام» رصدت انتهاكات شهدتها القرية وأهلها وفقاً لشهادات مباشرة لم توثقها أية منظمة، وكشفت الروايات عن حصد الألغام لقرابة 8 من الأهالي سقطوا بين قتيل وجريح، وتعرض امرأتين لقنص، إحداهما أم لأربعة أطفال.
فيما تسببت قذيفة جهل الأهالي مصدرها، بمقتل بيان سعيد ثابت عبده (18 عاما) وإصابة أخيها مدين (26عام)، وتعرض المواطن محمد سالم أحمد حيدر (40 عاما) لإصابات، نتيجة لانفجار لغم أرضي بالقرب من منزله، والذي أدى إلى استشهاد نجله عبدالله (16 عاما) بالإضافة إلى الطفل جابر وسيم هائل محمد (10أعوام).
إلى ذلك أدى انفجار لغم آخر إلى استشهاد (نسيم) أم لخمسة أطفال وزوج بات مختل عقليًا، وسرعان ما لحق بها أخوها الأصغر عبدالله إسماعيل أحمد غالب (16عاما)، فيما أصيب حمزة عبده أحمد غالب (15عاما) وأخته ياسمين بجروح بالغة، وهو ما تسبب بصدمة عنيفة أقعدت الأب على فراش الموت، قبل أن يلقى حتفه بعد رحيل ياسمين بأشهر قليلة.
كما تعرضت إفتهان عوض ثابت بن ثابت كانت - أم لأربعة أطفال - إلى طلق قناص بالرأس، فيما تعرضت الطفلة هوازن عبدالله محمد غالب لطلقة طائشية، ولم يتمكن الأهالي من إسعافها إلا بعد هدوء وتيرة الموجهات بين الجيش الوطني والمليشيا الانقلابية، فضلاً عن تعرض عشرات المنازل ومسجد إلى قصف مدفعي.
ويقضي الأهالي في منطقة الرحبة هذا العام مع أطفالهم حياة يملؤها الخوف والمعاناة، بل حرمتهم الحرب من بسمة وفرحة العيد ولبسه الجديد، وزادت معاناتهم لظروفهم المعيشية، وبات الموت يكاد يكون حتميا، بعد تمركز الطرفين في جبالها باتجاهاته الأربع، وهو ما جعل الأهالي بين مطرقة وسندان حرب الانقلابين والشرعية، وغياب دور المنظمات الإنسانية المعنية.
تفتقد قرية الرحبة لأي منجز يذكر للجمهورية، ويعتمد معظم الأهالي فيها على حوالات المغتربين بشكل أساسي، وقليل في الزراعة وتربية المواشي، كما تُعد البوابة الجنوبية لجبل حبشي، وتحاذي جنوبًا الكدحة بمديرية المعافر ومديرية مقبنة غربا.
بعد اجتياح الانقلابيين للكدحة صمدت قوات من الجيش الوطني تابعة للواء 17 على أطرافها المحاذية للسوق، قبل أن تنسحب جراء الهجوم العنيف للمليشيات مخلفة معاناة في أوساط المواطنين في المناطق التي انسحبت منها.
وسلّم الجيش الوطني زمام قيادة المعارك فيها لكتائب أبو العباس وكتائب الشهيد عبدالرقيب عبدالوهاب، التي تخوض معارك يومية في السلسلة الجبلية المحيطة بالقرية، لاسيما سلسلة جبل حصن الدرب الاستراتجي الذي يُمثّل قلب المعركة ويفصل قرية الرحبة عن قرى العفيرة المتناثرة على طول الطريق الرئيس، الرابط سوق البرح ومفرق المخا بالحجرية وتعز.
ويرى مختصون بأن المعارك في محيط حصن الدرب الاستراتجي باتت ضربًا من الجنون، ما لم يكن هناك تدخلاً للطيران، وفرق لنزع الألغام التي زرعها الانقلابيون حوله.
وما بين معارك الكر والفر المتقطعة بشكل يومي، يبقى المدنيون الذين يستوطنون وادي الرحبة، في قرى صغيرة هي "زبد، والأحصاب، وحمرة، وما تبقى من سكان قرية الذنبة المحاذية لسوق الكدحة"، كقصة مؤلمة شاهدة على حرب مجنونة وقذائف تنهال على رؤسهم يوميا.
*معاناة خدمية
يُعاني سكان القرية من انعدام المشاريع الخدمية كمشروع المياه، حيث يعتمد السكان بالحصول عليه من الآبار الجوفية وبالطرق التقليدية (الرشا والدلو) أثناء توقف القصف المتبادل.
وتسبب القصف بوقوع عدد من المدنيين ممن فضلوا البقاء في منازلهم رغم خطورة الوضع، والذين يشكلون النسبة الكبيرة ممن نزحوا إلى مناطق مختلف إلى مدينة تعز والمسراخ والمعافر والذين لا تتجاوز نسبتهم 15%.
وكانت القرية قد استقبلت 110 أسر نازحة من موزع، بعضها فضلت البقاء في عشش صغيرة تقع على مقربة من وادي ابن خولان بجبل حبشي، فيما سكن الآخرون مع السكان الأصليين في القرية.
ووفق أحد الناشطين - فضل عدم ذكر اسمه - "فإنه لا يوجد في القرية أية وحدة صحية وإن سكانها يلجؤون للعلاج في الوحدات الصحية بالقرى المجاورة (كالأشروح أو الكدحة) أو مستشفيات وعيادات مديني النشمة وتعز، ويتطلب الوصول إليها السير على الأقدام، نتيجة للألغام المزروعة من المليشيات لمنع تقدم الجيش الوطني"، مضيفًا: "أيضاً مدرسة صلاح الدين بالرحبة أصحبت الدراسة متوقفة فيها منذ اندلاع الحرب في القرية".
موت وحصار
تشكل الزراعة و الرعي أهم موارد أهالي قرية الرحبة إلى جانب مساعدات المغتربين، وبسبب عدم دخول الآلات الزراعية (الحراثات) خوفًا من الألغام توقفت الزراعة بشكل كلي، ويخشى بعض المواطنين أن تكون السيول قد جرفت بعض الألغام إلى حقولهم الزراعية.
فيما أضطر النازحون إلى بيع ما يمكلون من أغنام وأبقار وغيرها من الأنعام بأثمان بخص، فيما نفقت آخرى بفعل الحرب، وأفاد سكان محليون لـ«الأيام» أن "أفراد يتبعون طرفي القتال يعمدون إلى ذبح أغنامهم أثناء تواجدها في مراعيها".
ويقول الصحفي أشرف المزندي لــ«الأيام»، هو أحد سكان القرية: "إن طرفي النزاع يتحملون معاناة السكان في الرحبة، وعليهم أن يراعوا استهداف المدنيين".
ولفت المزندي إلى أن "أسرته لا تستطيع زيارة أقاربهم منذ قرابة العام، نتيجة لانتشار الألغام في الطرق الرئيسية للقرية ومنافذها، وكذا تلغيم الطرق الفرعية بين قرى الرحبة الأربع، متسبًبا بحرمان المواطنين من التنقل داخل القرية ذاتها، حيث سبق أن حصدت الألغام بالقرية أروح أسرة، بينما كانت تحاول الخروج منها".
يتابع المزندي حديثه بالقول: "إن المنظمات الإنسانية العاملة في المدينة مُغيبة تمامًا هذه القرية من سجلاتها، ومعظم النازحين الذي نزحوا منها يشكون أيضًا من عدم حصولهم على المساعدات، باعتبار أن القرية ضمن جبهة الكدحة التابعة لمديرية المعافر، وتتبع إداريًا جبل حبشي، وبسبب العشوائية التي تعمل بها المنظمات فإن جهلها للمنطقة يجعلها تستعين بمشائخ ووجاهات يعملون على حرمان الرحبة من الإغاثة"، موضحًا أن "نحو 50% من السكان عجزوا عن النزوح، نتيجة الفقر المتقع الذي يعانون منه، وتوقف مصادر الدخل الخاص بهم".
ويحصل المواطنون في القرية على المواد الغذائية والغاز المنزلي من بقالات صغيرة، أصبحت شبه خالية بعد إغلاق الطرق، وبحسب الزميل أشرف "فإن موت وحصار تتعرض له قرية الرحبة غرب محافظة تعز".
انتهاكات خارج سجلات المنظمات
«الأيام» رصدت انتهاكات شهدتها القرية وأهلها وفقاً لشهادات مباشرة لم توثقها أية منظمة، وكشفت الروايات عن حصد الألغام لقرابة 8 من الأهالي سقطوا بين قتيل وجريح، وتعرض امرأتين لقنص، إحداهما أم لأربعة أطفال.
فيما تسببت قذيفة جهل الأهالي مصدرها، بمقتل بيان سعيد ثابت عبده (18 عاما) وإصابة أخيها مدين (26عام)، وتعرض المواطن محمد سالم أحمد حيدر (40 عاما) لإصابات، نتيجة لانفجار لغم أرضي بالقرب من منزله، والذي أدى إلى استشهاد نجله عبدالله (16 عاما) بالإضافة إلى الطفل جابر وسيم هائل محمد (10أعوام).
إلى ذلك أدى انفجار لغم آخر إلى استشهاد (نسيم) أم لخمسة أطفال وزوج بات مختل عقليًا، وسرعان ما لحق بها أخوها الأصغر عبدالله إسماعيل أحمد غالب (16عاما)، فيما أصيب حمزة عبده أحمد غالب (15عاما) وأخته ياسمين بجروح بالغة، وهو ما تسبب بصدمة عنيفة أقعدت الأب على فراش الموت، قبل أن يلقى حتفه بعد رحيل ياسمين بأشهر قليلة.
كما تعرضت إفتهان عوض ثابت بن ثابت كانت - أم لأربعة أطفال - إلى طلق قناص بالرأس، فيما تعرضت الطفلة هوازن عبدالله محمد غالب لطلقة طائشية، ولم يتمكن الأهالي من إسعافها إلا بعد هدوء وتيرة الموجهات بين الجيش الوطني والمليشيا الانقلابية، فضلاً عن تعرض عشرات المنازل ومسجد إلى قصف مدفعي.
ويقضي الأهالي في منطقة الرحبة هذا العام مع أطفالهم حياة يملؤها الخوف والمعاناة، بل حرمتهم الحرب من بسمة وفرحة العيد ولبسه الجديد، وزادت معاناتهم لظروفهم المعيشية، وبات الموت يكاد يكون حتميا، بعد تمركز الطرفين في جبالها باتجاهاته الأربع، وهو ما جعل الأهالي بين مطرقة وسندان حرب الانقلابين والشرعية، وغياب دور المنظمات الإنسانية المعنية.