> تكتبها: خديجة بن بريك
الشهيد نبيل محمد علي مجدع، من أبناء البريقة بعدن، مواليد 1992م، كان في السنة الثالثة كلية المجتمع، تخصص (IT) تكنولوجيا المعلومات، كان شابا طموحاً شغوفا بالعلم، معروفا بين زملائه بأخلاقه العالية، وعند تخرج دفعته من الكلية بعد الحرب أطلقوا اسمه على دفعتهم المتخرجة وفاءً وإخلاصا منهم لزميلهم الشهيد الذي ضحى بحياته من أجل وطنه بعد أن لبى نداء الوطن للتصدي للمليشيات الحوثية العفاشية التي شنت الحرب على المحافظات الجنوبية في نهاية مارس 2015م.
يقول والده: «كان آخر لقاء لي بابني صبيحة يوم استشهاده عندما كنت عائدا من صلاة الفجر إلى البيت حيث وجدته يلبس ثيابه ويتأهب للخروج، وكان رفاقه في انتظاره خارج البيت، نظرتُ إليه فأدرك التساؤُل في نظراتي وقال: سنذهب اليوم في عملية تمشيط لبعض المناطق حول عدن، وأخبرني بأن أصدقاءه في انتظاره حيث كان على عجلة من أمره، إلا أني أخبرته بأن عدن تحررت وأنهم عملوا ما عليهم من واجب، ولم يتبق سوى عمل الفنيين ونازعي الألغام وما شابه ذلك، وهذا ليس عملهم، وكان من عادته أن يخبرنا عند ذهابه للجبهة، إلا في صبيحة ذلك اليوم حيث لم يكن يريد إزعاجنا كما قال لي، وعندما رأيته مصرا على الذهاب ودعته وخرج».
ويردف قائلا: «وفي مساء ذلك اليوم بتاريخ 3/8/2015م تلقينا خبر استشهاده هو وأربعة عشر من رفاقه كانوا على متن سيارة (شاص)، حيث كان مع مجموعة القائد وجدي حمودي وانفجر فيهم لغم أرضي أثناء تمشيطهم حدود مدينة عدن إلى أن وصلوا مناطق الرباط وصبر بلحج».
وفي الذكرى الثانية لاستشهاده كتب والد الشهيد رسالة يخبره بما آلت إليه أوضاع البلد جاء فيها: «تطل علينا الذكرى الثانية لاستشهادك في ساحات المعركة أنت ورفاقك، نعلمُ أنكم خرجتم آنذاك لغاية نبيلة واستبسلتم ودفعتم دماءكم وأرواحكم لتحقيقها فحققتموها وانتقلتم بذلك إلى بارئكم، فلكم الجزاء عند الله، ونسأل الله تعالى أن يتقبلكم قبولا حسناً. ذلك ماحققتموه أنتم، فماذا حققنا نحن بعدكم؟ هل حذونا حذوكم؟ وهل سرنا على دربكم ونهجنا عقيدتكم وأكملنا مشواركم؟ وهل لامسنا شيئا من أهداف ما ضحيتم من أجله؟ وهل جنينا ما زرعتموه أم حصده غيرنا؟ أم أننا في الطريق إلى قطف الثمار إن كانت هناك ثمار قد أينعت؟.. لا أدري ماذا أقول لأخبرك.. وينتابني شعور أحياناً بأنني عاجزٌ عن إدراك ما نحن فيه وإلى أين يأخذنا مصيرنا؟، وهناك خجل يراودني في أن أجرؤ على أن أُقارن بين ما قدمه كل منا ومنكم، فالفرق لايزال شاسعا، فلا أرى كياناً لدولةٍ قد أُقيم، ولا أنظمة أو قوانين قد استتبت، ولا استقرارا معيشيا لحياة الناس قد استكمل، ولا أرى تنمية، ولا إنتاجا ولا أدخنة تتصاعد من معاملنا، والأهم من ذا وذاك لا أرى فكرا يقود عقولنا، ولا نُخباً ثقافية تحمل المشاعل لتنير طريقنا، ولا مشروعا يُجمِع الكل عليهِ ليخرجنا من دوامتنا ويضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح للوصول إلى مُبتغانا.