> كتب/ د. مروان هائل عبدالمولى
الهدف الرئيسي المعلن للقوات السعودية، التي تقاتل من أجل استعادة مدينة الحديدة ومينائها، هو وقف إمدادات الأسلحة الإيرانية للحوثيين كالمعدات العسكرية بكل أشكالها وعلى وجه الخصوص الصواريخ الباليستية التي يهاجم بها الحوثيون السعودية بشكل متكرر، وهناك هدف غير معلن استراتيجي ومهم للسعودية ودول عربية أخرى تشارك في القتال ضد الحوثيين وهو تأمين الخط الملاحي الدولي امتداداً من قناة السويس حتى باب المندب، بسبب أهميته الاقتصادية لهذه الدول، ولكن السعودية هي أكثر الدول تضررا من بقاء الحوثيين كقوة عسكرية في اليمن تدعمهم إيران، ليس على المستوى الاقتصادي فقط، وإنما بسبب التهديد الإيراني المباشر عبر ذراعها الحوثي للأمن القومي السعودي أولا ولدول الخليج العربي المتحالفة معها ولمصالحها ومصالح شركائها وحلفائها ثانيا، وثالثاً هو صراع أسواق موارد الطاقة الخفي بين المملكة العربية السعودية وإيران، فالدولتان هما من أكبر منتجي موارد الطاقة ويتنافسون باستمرار على أسواق منتجات التصدير الرئيسية للنفط والغاز الطبيعي، وبالنسبة للبلدين سلامة وأمن الممرات البحرية لهذه التجارة مسألة حياة أو موت لاقتصاد الدولتين، وهو ما بدا واضحاً في التصريحات الإيرانية الأخيرة بالتهديد بإغلاق مضيق هرمز إذا ما أقدمت الولايات المتحدة الحليف التاريخي القوي للسعودية على منع وإيقاف صادرات النفط الإيراني، وإصرار التحالف بقيادة السعودية على تحرير الحديدة و مينائها.
الغريب بالنسبة للسعودية هو القلق الكبير للمنظمات الدولية المختلفة بما في ذلك مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إزاء النشاط المتجمد لميناء الحديدة وخروج سيطرته القريبة من أيدي الحوثيين دون أن تبدي هذه المنظمات الدولية ذرة قلق على المدنيين في مناطق قتال شرس ومشتعل مثل جبهة البيضاء ومكيراس وصعدة، والأغرب للسعودية هو الصمت الدولي إزاء تحويل الحوثيين مقرات ومستودعات الأغذية التابعة للأمم المتحدة في الحديدة لمخازن أسلحة وثكنات عسكرية تابعة لهم، وهو ما دفع بالسعودية للتنبه لمن يقف خلف إيقاف تحرير المدينة ومينائها، وتصميم الرياض على تحرير المدينة بالكامل من قبضة الحوثيين لإدراكها أن الحرب الفعلية هي مع إيران وداعميها الدوليين من وراء الكواليس، إيران التي تحاول ألا تفوت أي فرصة لإزعاج منافستها الإقليمية الرئيسية السعودية وتهديد مصالحها وأمنها القومي، وفي الرياض بالتأكيد يفهمون قواعد اللعبة العسكرية وما خلفها من مصالح إستراتيجية واقتصادية ونفوذ، ولذا فإن الموقف السعودي للسيطرة على الحديدة يزداد قوة وإصرار لقطع أي اتصال بحري للحوثيين حتى ولو باسم استلام المساعدات الإنسانية، وبالطبع طهران لن تقف مكتوفة الأيدي، وستحاول بالتأكيد منع السعودية من الحصول على النصر العسكري، مع أن النصر هناك بالنسبة للسعودية أصبح مسألة وقت ووقت قصير جدا، لكنه ضروري ومهم من أجل استقرارها وأمنها القومي، وأمن واقتصاد المنطقة بكاملها.