> تقرير/ صلاح الجندي
باتت محافظة تعز تقف على تحديات بحجم مشروعها الوطني الكبير المتمثل بتحرير واستعادة الدولة وتفعيل مؤسساتها، وتصويب مسار المعركة وانحرافاتها الكارثية، نظرًا لِما تشهده المدينة من تحديات في داخلها المحرر والتي لا تقل في مخاطرها عن خطر الحصار والتجويع والقصف، إن لم تفق ذلك التحدي.
يأتي ذلك مع محاولة أطراف في المحافظة لفرض سيطرتهم على مفاصل الدولة، والاستحواذ على المناصب القيادية في الجيش، لتسخيرها لتحقيق مصالحها التي عجزت بالوصول إليها في بعض المناطق المحررة، فاتجهت على إثرها إلى العمق التعزي عِوضًا تراهن عليه لإحكام قبضتها على مشهده.
محاولة لفرض السيطرة
ومع إعلان قائد القوات السعودية نية التحالف إنشاء معسكر متقدم بإحدى المناطق الخاضعة لسيطرة اللواء 35 مدرع خلال زيارة نادرة لريف تعز، سارعت جماعة الإصلاح إلى مقاتلة من تراهم خصوما لمشروعها، بغية سيطرتها على المحافظة.
وأتت هذه الزيارة والإعلان عقب أسابيع من تخرج كتيبة من اللواء 35 مدرع الذي يقوده العميد ركن عدنان الحمادي، وتلقت تدريبات خاصة بعدن تحت إشراف التحالف.
وفرض الإصلاح سيطرته على المحافظة بعد تفجر المواجهات بينه وبين السلفيين داخل المدينة وإبعاد السلفيين من المشهد.
ويرى الإصلاح في فرض سيطرته على المدينة آخر ورقة من شأنها أن تضمن له حضورًا في أي تسوية سياسية قادمة، لاسيما بعد صعوبة عودته إلى الجنوب، وإدراكه بأن معظم مناطق الشمال تحت قبضة قوات الحوثي الانقلابية، فضلاً عن غيابه عن المناطق الساحلية.
وهذا ما يؤكده الصحفي عمار علي أحمد ويضيف: “إن الإصلاح وجه معركته بعد إزاحة أبو العباس من المشهد داخل المدينة نحو محافظ تعز وصلت حد الاعتداء على حراسته، ليتوجه مؤخراً بعد فشله إلى فرض سيطرته على مدينة التربة آخر ورقة من شأنها أن تضمن له حضورًا في أي تسوية سياسية قادمة”.
وأوضح أحمد في تصريحه لـ«الأيام» أن “المعركة على اللواء 35 مدرع بدأت حينما شن قيادة المحور المحسوبة على الإصلاح حربًا إدارية ومالية وصلت حد نقل المئات من عناصر اللواء وتوزيعها على الألوية الأخرى، والتي لم تجدِ نفعًا لاسيما مع قرار فصل اللواء عن المحور وإلحاقه بالمنطقة العسكرية الرابعة”.
أجندة مشبوهة
ويرى مختار الفهيدي، وهو طالب في جامعة تعز، أن “مسلسل الأجندة المشبوهة للإخوان مستمر لنحو سنتين في تعز، منطلقين في ذلك بتجميد الجبهات مروراً بافتعال مواجهات مسلحة ضد رفقا السلاح”، حد قوله.
صراعات جانبية
فيما قال رضوان الحاشدي: “بات حزبا ينتهج صراعات جانبية كلما تم العزم على تحرير المدينة، بغرض إشغال الناس عن التحرير، خدمة حساباته المرتبطة بدولة قطر الداعمة لتمددهم للسيطرة على المحافظة وإحكام قبضتهم”.
مليشيات إرهابية
وأوضح المواطن أحمد دبوان أن ما حدث مؤخراً في التربة من قِبل ما وصفها بـ“مليشيات الإخوان” أمر متوقع حدوثه.
تحطيم المشاريع الصغيرة
ويعتقد عبدالله هزاع، وهو ناشط سياسي من أبناء الحجرية، أن “هناك توجها ممنهجا لجر الحجرية إلى مربع اقتتال في محاولة بائسة لاستهداف وضرب الجيش الوطني وخلق صراعات داخلية لا تخدم الشرعية”.
وأكد هزاع أن “الحجرية بتأريخها الوطني والمتجذر، لن تنجر خلف دعوات المشاريع الصغيرة والضيقة، ولن تكن مسرحًا للتصفيات السياسية والعسكرية، ولن تكون وكرًا للمليشيات”.
وأضاف في حديثه لـ«الأيام»: “مثلما وقفت الحجرية في وجه الانقلابيين، ستكون عتية أمام كل المشاريع الصغيرة التي تحاول ضرب الشرعية والجيش الوطني وإقلاق السكينة العامة”.
استعداد لمعارك قادمة
ويقول التربوي عبدالله فرحان: “إن حزب الإصلاح عمل على اختلاق المبررات لشن حروبه ضد كتائب (أبو العباس) في قلب المدينة انتهت بخروجه منها، الأمر الذي بعث فيه دوافع التوسع ليصوب وجهته نحو خط تعز عدن ومدينة التربة ومحيطها، ليكرر الفعل نفسه ضد قوات اللواء 35 مدرع كمحاولة مستميتة لإزاحته جغرافيا على غرار إزاحة كتائب أبو العباس”.
فرض المعسكر
أما جميل حزام المقطري، وهو أحد أبناء مديرية الشمايتين، وأحد أعضاء اللجنة المجتمعية فيها فقال: “إن ما تشهده المديرية حاليًا سبق أن حذروا منه برفضهم لإقامة المعسكرات في المناطق المأهولة بالسكان، وكذا رفض استحداث ما سمي باللواء الرابع مشاة وإقامة معسكره في المعهد التقني، كون المنطقة آهلة بالسكان وحاضنة للنازحين، غير أنهم تفاجأوا باستحداث المعسكر من قبل مجاميع من خارج المنطقة”.
وأوضح المقطري أنه “ومنذ اليوم الثاني لوصول اللواء الرابع، بدأت تظهر المشاكل والاعتداءات على بعض المواطنين من أبناء المنطقة، على الرغم من التحركات الشعبية والحزبية والمدنية الرافضة لإقامته، خاصة وهو لواء غير رسمي”.
وأشار في تصريحه لـ«الأيام» إلى أن حالة التوتر التي تشهدها المنطقة بسبب سعي البعض لفرض المعسكر كأمر واقع على المنطقة وسكانها ورفض كل المناشدات، ورفض توجيهات محافظ المحافظة بضرورة خروج هذا اللواء، الأمر الذي قد تصل بسببه المنطقة إلى مالا يحمد عقباه.
جيش وطني وجيش حزبي
وتجزم الأستاذة والناشطة أروى الشميري من خلال متابعتها لمجريات الأحداث في تعز أن “الألوية التي يقوم بتفريخها حزب الإصلاح بصفته سلطة الأمر الواقع هدفها السيطرة على تعز وليس حماية تعز من الحوثي”.
وقالت أروى في تصرحها لـ«الأيام»: “إذا رجعنا لهدف الصراع مع كتائب أبو العباس من قبل اللواء 22 ميكا التابع لحزب الإصلاح، والذي يدار من مقر الحزب في شارع جمال سنجد أنه كان مفتعلًا ليتم إخراج الكتائب من تعز، كونها لا تدين بالولاء والطاعة لحزب الإصلاح.. ونشاهد الأمر يتكرر مع جيشنا الوطني الذي يمثله اللواء 35 مدرع، والذي يتم افتعال الصراع معه من قبل ألوية غير رسمية تابعة للحزب بغرض إخراج اللواء 35 مدرع من المناطق التي يسيطر عليها لتصبح مداخل تعز تحت سيطرة مليشيات حزب الإصلاح”.
خدمة للأعداء
وأوضح التربوي عدنان الأثوري ما حدث بالتربة من توتر بين اللواء 35 مدرع وبين اللواء الرابع مشاة بأنه يخدم أعداء تعز الحقيقيين.
وقال: “هذا الأمر مرفوض، كونه يعمل على إضعاف تعز”، مطالبًا جميع الأطراف بـ “تغليب مصلحة تعز على كل المصالح”.
وأضاف لـ«الأيام»: “بعد أن انتهت تلك الخلافات والاحتكاكات بين الفصائل داخل مدينة تعز أراد البعض ترحيل تلك الاحتكاكات إلى التربة بغرض فرض السيطرة على المدينة، التي بقيت على مدى ثلاث سنوات الملاذ الآمن لأبناء تعز، وهي التي احتضنتهم وفتحت جناحها للجميع، فهل تجازى التربة بإدخالها في المعمعة”.