> القدس «الأيام» أ ف ب
دافع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن قراره السماح لقطر بنقل 15 مليون دولار إلى قطاع غزة لدفع متأخرات رواتب موظفي الدوائر الحكومية فيه، رغم وجود معارضة داخل حكومته، موضحا أن هذه الدفعات ستخفض من حدة التوتر وتحول دون وقوع أزمة إنسانية.
ويبدو أن تقديم الأموال القطرية جزء من محادثات من شأنها أن تجعل حركة حماس تنهي أشهراً من الاحتجاجات العنيفة على طول الحدود الشرقية للقطاع في مقابل تخفيف إسرائيل حصارها المفروض عليه منذ 2006.
وفي مؤشر آخر على نجاح جهود التهدئة، أقلّه في الوقت الراهن، شهد السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة وإسرائيل يوم جمعة ثانياً من الاحتجاجات المحدودة نسبياً.
وكانت هذه التصريحات التي أدلى بها نتانياهو مساء أمس السبت أول تعليق له على سماح إسرائيل بإدخال الأموال إلى القطاع الفقير الخاضع لسيطرة حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حركة "إرهابية". وقطر التي لا تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل هي حليف قديم لحماس.
ووصف زير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت الأموال بأنّها "اموال حماية" مدفوعة لمجرمين.
وقال نتانياهو "إنني أقوم بما في وسعي بالتنسيق مع العناصر الأمنية لإعادة الهدوء إلى بلدات الجنوب، إنما كذلك لمنع وقوع أزمة إنسانية"، في إشارة إلى البلدات الإسرائيلية القريبة من غزة وإلى تدهور الأوضاع المعيشية في القطاع.
وأكد نتانياهو أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تؤيد هذه الخطوة وقد صادق عليها وزراء الحكومة الأمنية.
ووقف موظّفو الدوائر الحكومية في قطاع غزة في طوابير طويلة الجمعة لاستلام رواتبهم المتأخرة بعد التمويل القطري في إطار جهود جديدة للتهدئة بعد أشهر من الاحتجاجات والصدامات التي خلفت أكثر من مئتي قتيل في الجانب الفلسطيني.
"رضوخا لحماس"
وسيتمّ توزيع ما مجموعه 90 مليون دولار على ستّ دفعات شهرية وفقا لسلطات القطاع، وذلك أساساً لتغطية جزء من رواتب عشرات آلاف الموظّفين الذين يعملون تحت إدارة حركة حماس في القطاع الذي يعاني من الفقر وانقطاع الكهرباء في حين تغلق مصر معبر رفح.
وتوقف الموظفون عن قبض رواتبهم بانتظام منذ عدة أشهر. ويعمل هؤلاء في مؤسسات السلطة التي سيطرت عليها حماس في العام 2007.
ويعد حدثاً استثنائياً أن تسمح إسرائيل التي تسيطر على كل معابر القطاع ما عدا معبر رفح بتمرير الأموال التي نقلت على شكل أوراق نقدية في حقائب، وفق ما أفاد مصدر في الجانب الفلسطيني من المعبر.
وواجه نتانياهو ضغوطا سياسية داخل إسرائيل ولا سيما من زعيمة المعارضة تسيبي ليفني التي اعتبرت ذلك "رضوخا لحماس" سيعزز نفوذها.
لكن مسألة السماح بدخول الأموال القطرية إلى قطر يتم استخدامها ضده من خصومه في اليمين واليسار.
"شراء هدوء قصير الأجل"
وأفاد الوزير بينيت عضو الحكومة الامنية المصغرة الإذاعة العامة الأحد "ربما تشتري هدوءا قصير الأجل، لكنك تجعل الجانب الآخر يعتاد على تطبيق العنف كطريقة لدفع مصالحه للأمام".
فيما أكّد وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان أنّه عارض "نقل الأموال إلى حماس".
وفي رام الله، انتقد مسؤول في منظمة التحرير الفلسطينية دخول أموال قطرية إلى قطاع غزة دون المرور عبر السلطة برئاسة محمود عباس، مؤكدا أن القيادة لم توافق عليها.
ويعد دخول الأموال القطرية إلى غزة أخر مساعدة قطرية توافق عليها الحكومة الإسرائيلية في الأسابيع الأخيرة.
وقررت قطر هذا الاسبوع تقديم مساعدات بقيمة خمسة ملايين دولار إلى خمسين ألف عائلة فقيرة في غزة.
وفي حين لم يعلّق المسؤولون الإسرائيليون على الأمر، ولم تكن عملية تمويل رواتب الموظفين تحت رعاية الأمم المتحدة، بدا أنّ إدخال الأموال يندرج في إطار الجهود الأوسع التي تبذلها مصر مع الأمم المتحدة عبر رعاية مفاوضات غير مباشرة بهدف إقرار تهدئة طويلة الأمد بين حماس وإسرائيل اللتين خاضتا ثلاث حروب منذ عام 2008.
ويشكل تحسين ظروف المعيشة، ولا سيما تسليم رواتب موظفي حماس عاملاً مهماً للتهدئة، إذ يعيش نصف سكان غزة تحت خط الفقر ويعاني 55% من البطالة في حين أن الاقتصاد في حالة انهيار، وفق البنك الدولي.