«زمان كنت بغش الشاي بنشارة خشب وأبيعه في بواكي.. شكلها حلو مكتوب عليها شاي أبو أصـول.. كسبت والمـاركة بقالها اسم وسَمَّعِت.. وفجـأة النشـارة غليت والنجارين اتملعنوا؟. عبينـا الشاي من غير نِشـارة.. تعرف حصـل إيه ؟.. اتخرب بيتي وفَلِست.. الزبـاين طفشت، وقالوا عليـا غشيت الشاي.. مش بقولك مغفليـن».. هذه كلمات جميل راتب ليحيى الفخراني، في فلم الكيف، إنها باختصار تتحدث عن إفساد الذوق والوعي الجمعي للمجتمع، في التجارة والاستهلاك يفسد الذوق العام ببيع أشياء منخفضة الجودة.
الموظف يأخذ الرشوة جهارا نهارا من الناس ويسميها حقي، وبعد أن ينجز المعاملة يتمنن على البسطاء وفي الغالب يكون المواطن ممتن للغاية نتيجة إنجاز معاملته ويعتبر ماقدمه الموظف المرتشي خدمة جليلة.
كثير من الظواهر التي أصبحت لدينا أمر عادي جدا ومستساغة رسخها النظام البائد في إفساد ممنهج للذوق العام لدرجة أنه عندما يخرج مسؤول ما عن الإطار العام للفساد ويحاول أن يكون لديه بعض النزاهة أو الشفافية ينعت بالفاشل والضعيف والمهزوز ويتحسر البعض على زمن الفساد الجميل حتى قال أحدهم ..مما يميز فلان انه يأكل ويؤكل.
أمام الوطن مرحلة صعبة من البناء ليس بناء ما دمرته الحرب بل بناء الإنسان وإصلاح فكره المشوه الذي أصبح يعتبر اللصوصية والقتل والنهب حرفة وأحد علامات الرجولة.