عدن العاصمة التي كانت سماؤها مملوءة بالضحك والابتسام، انسحبت منها اليوم القدرة على الابتسام، فعضلات فكها لا تساعدها على الابتسام، لقد أجبرتها الظروف القاهرة أن تباعد بينها وبين الابتسام.
بينما كانت عدن عندما يدخلها المرء، ويمر من أمام أبواب منازلها يسمع ضحكات رنانة منبعثة من بيوتها، أو يسمع آلة كمان تعزف الأغنية العدنية، أو نغمات عود مقهورة.
لقد أقفلت المسارح ودور السينما والتلفاز، فكان ذلك جزءاً من انغلاقها عن الضحك والابتسام.
وتفاوت الدخول بين موظفي البلاد، جعلت مرافق معينة تجتاز خط الفقر بقفزات الدانة، وأخرى تقع تحت قاع خط الفقر.
كل شيء في عدن صار خارج نطاق التغطية، فارتفاع الأسعار (الما نخوليه) هبَّط من مستوى القوة الشرائية، وأحالت الكثير من السكان إلى صفوف الفقر المدقع، فهل تلك أسباب موضوعية ومستدامة؟ أم أنها ظروف وقتية سوف تنقشع حين تنقشع أسبابها؟ أم أن كل ذلك إهانة لمدينة عدن التي
عاشت عصرا نالت فيه مستوى الريادة في الوطن العربي والشرق الأوسط؟
والإحصائيات التي جمعت عشوائياً من فترة سابقة، أكدت بأن عدن فقدت شهية ضحكاتها بنسبة «80 - 90 %» بسبب تعطل كل ما فخرت به عدن من تاريخها الطويل مع التجارة العالمية، وكانت أستاذة في تعليم الأمم فنون التجارة، والكسب، والأرباح، وتعلمت منها المناطق الريفية، ومن ثقافتها وأدابها وفنونها، ولكنهم لم يستوعبوا أركان النمو والتطور في عدن..
الكثير من الذين توصّوا بالمسؤولية على عدن لم يدركوا وظيفتها التجارية مع العالم، وعلاقتها الدولية بالأسواق العالمية، والخدمات المتبادلة بين عدن والعالم، من خلال السوق الحرة والميناء الحر والتجارة الحرة..
ومن يريد أن يعيد عدن إلى سابق عهودها فعليه أولاً أن يحمل فكراً مدنياً لوظيفة عدن المدنية، وإخلاء عدن من كل سياسة تنتمي إلى التسلح، ولا يمت بصلة لدور عدن التجاري، بل يكون ذلك الرجل المدني أهلاً للضحك والابتسام.