> فادا نغورما «الأيام» أ ف ب
خمدت الأسواق التي كانت تعج بالحركة، وأغلقت الحانات الشعبية أبوابها وتوقف السياح عن المغامرة بالتوجه الى الامكنة الجاذبة في المناطق التي يهددها زحف الجهاديين المسلحين في شرق وشمال بوركينا فاسو.
يقول امادو نصوري الذي يدير مسلخا للحوم متعثرا في مدينة فادا نغورما بشرق البلاد «في السابق ابان زمن لصوص الطرق السريعة، كنا نستطيع أن نتدبر الامور بشكل أفضل، لكن مع الجهاديين فان الأمر في غاية الخطر».
واضاف لوكالة فرانس برس «اليوم هناك مناطق لا يذهب اليها المرء لكي ترعى ماشيته بسبب الجهاديين»، موضحا أن أعداد الذين كانوا يتبضعون في الاسواق المحلية انخفضت.
وقد تخلت السلطات في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا إلى حد كبير عن مناطق في الشمال والشرق تصنف الآن أنها مناطق «محظورة» بسبب الهجمات المتكررة وخطر الاختطاف.
وقال مصدر أمني ان مجموعات أصغر تنشط أيضا مع عدد من المقاتلين يقدر بـ«نحو 500».
الفقر والإهمال
ويرحب البعض بالجهاديين بسبب ايديولوجيتهم بينما يريدهم الآخرون لمصالح اقتصادية، فالحكم الإسلامي المتشدد يحظر الضرائب التي تفرضها الدولة.
يتم وضع الأساس من قبل الدعاة الذين يعظون «الإسلام الحقيقي» بدلا من التعاليم «الخطأ»، وينددون بـ«دولة موسي»، في اشارة الى الغالبية العرقية التي تتركز في العاصمة واغادوغو.
يلعب الجهاديون ورقة خيبة الأمل ازاء «دولة موسي» ، وبناها التحتية الضعيفة ، وفشلها في توفير الضروريات مثل الكهرباء أو إمدادات المياه.
وقد غادر كبار المسؤولين الشمال الذي يفتقد الى المصانع أو اي نشاط اقتصادي آخر، ما يعني التخلي عن السكان الذين باتوا عرضة للاستغلال.
الهجرة مع رسالة
في الشمال، تتحرك الجماعات المسلحة بحرية عبر حدود البلاد التي يسهل اختراقها. كما تساعد الهجرات الموسمية لرعاة المواشي من الفولاني على نشر الرسالة الجهادية من خلال صغار الرعاة.
كما أن المدرسين معرضون للخطر بسبب معارضة الجهاديين الشرسة للتعليم العلماني الفرنسي، ما أدى الى إغلاق مئات المدارس في الشمال والشرق اثر تهديداتهم وهجماتهم.
المنطقة العازلة
يقول الصحافي غي ميشال بولوف العامل في صحيفة «ليه ايكو دو ليست» المحلية في فادا نغورما «هذه الأماكن منطقة عازلة ينعدم الامن فيها بشكل تام».
وواجهت سلطات هذه المدينة ضغوطا اضطرتها الى اغلاق خمس حانات شعبية «لأسباب أمنية».
وأضاف أن إغلاق الحانة أدى إلى توقف 60 شخصا عن العمل.
موت السياحة
قاد المرشد السياحي السابق عيسى سنكار الزوار إلى جرف بندياغرا المذهل مع كهوفه في مالي القريبة. لكنه يعمل ميكانيكيا الان.
ويقع المسافرون على الطريق إلى مالي فريسة للجهاديين، وأولئك الذين يعيشون على طول الحدود منشغلون بزراعة محاصيلهم. لا أحد يريد استفزاز الجهاديين.
يقول أحد السكان السابقين الذي فر من المكان «إنهم ليسوا بالضرورة موجودين طوال الوقت، لكن يمكنك أن تشعر بانهم هنا».
تقع المدينة قرب مناطق نفوذ للجهاديين، إن لم يكن تحت سيطرتهم.
وتابع في هذا السياق «أجد صعوبة في تأمين الطعام لعائلتي».
وتظهر الأرقام الرسمية أنه منذ بدء أعمال العنف الجهادية في مارس 2015 ، قتل أكثر من 200 شخص بينهم عدد كبير من العسكريين.
تُعزى معظم الهجمات إلى «جماعة أنصار الإسلام» التي ظهرت قرب حدود مالي في ديسمبر 2016 ، و«جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التي بايعت تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي».
وكانت «انصار الإسلام» أول قوة جهادية يتم تشكيلها داخل بوركينا فاسو مع انتشار العنف من مالي حيث استولى إسلاميون متطرفون على مدن الصحراء الكبرى عام 2012 قبل أن تطردهم القوات الفرنسية.
يبسط الجهاديون سيطرتهم تدريجا بشكل يرغم العاملين مع الحكومة وغيرهم ممن يعارضونهم على الفرار. وقد أدى العنف حتى الآن إلى نزوح نحو 40 ألف شخص.
ويرحب البعض بالجهاديين بسبب ايديولوجيتهم بينما يريدهم الآخرون لمصالح اقتصادية، فالحكم الإسلامي المتشدد يحظر الضرائب التي تفرضها الدولة.
في الشمال والشرق، يصف شهود الاستراتيجية المحسوبة للجهاديين.
يعود تاريخ عرقية «موسي» إلى ممالكها القوية التي حكمت غرب أفريقيا ما قبل الاستعمار من القرن الحادي عشر حتى عام 1896.
ويقول لي بوكاري من مؤسسة «سيتيزانز بروم» للحكم الرشيد لوكالة فرانس برس في بلدة واهيغويا الشمالية «لقد تم تحقيق هدف» الإرهابيين» أي «فرض الارهاب».
وأضاف «إنها مسألة فقر قبل أي شي. فالشباب لا عمل لديهم. من السهل رشوتهم من خلال منحهم 20 او 25 الف فرنك أفريقي (40 و 43 يورو)، وإلا فانهم لن يحصلوا على شيء».
في الشمال، تتحرك الجماعات المسلحة بحرية عبر حدود البلاد التي يسهل اختراقها. كما تساعد الهجرات الموسمية لرعاة المواشي من الفولاني على نشر الرسالة الجهادية من خلال صغار الرعاة.
وغالبا ما يستهدف الجهاديون قوات الأمن بشكل أساسي ، لكنهم يهاجمون أيضاً المسؤولين الحكوميين والزعماء المحليين الذين يعارضونهم.
وخوفا على حياتهم ، فر العديد من المدرسين. لكن الجهاديين إستهدفوا المدنيين أيضًا.
يقول الصحافي غي ميشال بولوف العامل في صحيفة «ليه ايكو دو ليست» المحلية في فادا نغورما «هذه الأماكن منطقة عازلة ينعدم الامن فيها بشكل تام».
وأضاف «انهم داخل بوركينا فاسو، لكنهم لا يمتوا اليها بصلة».
وقال باسكال انين مالك الفندق الذي كان يقف عند مدخل «كاليبسو بار» بجانب أكوام من الكراسي يغطيها الغبار انه يفتقد الى «الاجواء الرائعة».
وفي واهيغويا، ثالث مدينة في بوركينا فاسو، يبدو فندق «أميتي» الذي تم بناؤه بشكل رئيسي للسياح الغربيين، خاليا مهجورا.
قاد المرشد السياحي السابق عيسى سنكار الزوار إلى جرف بندياغرا المذهل مع كهوفه في مالي القريبة. لكنه يعمل ميكانيكيا الان.
وقال سنكار «لقد فسد كل شيء. السياحة المحلية ميتة. نعاني الكثير منذ عام 2015».
يقول أحد السكان السابقين الذي فر من المكان «إنهم ليسوا بالضرورة موجودين طوال الوقت، لكن يمكنك أن تشعر بانهم هنا».