> عدن «الأيام» قاسم داود

«المطلوب هو تقديم الجنوب على حقيقته باعتباره صاحب حق ومستقبل، وكان ضحية لحروب عدوانية وسياسات استعمارية، وأنه لن يكون إلا بنّاءً وإيجابياً مع أي جهود جادة وفي أي وقت ومن أي طرف، وأنه ينشد السلام والتعاون وتنمية المصالح مع الجميع».. هذه إحدى النتائج التي خلصت إليها ورقة عمل قدمها الباحث السياسي، قاسم داود، في ندوة نقاش نظمها، أمس الأول، مركز عدن للرصد والتدريب عن مشاورات السويد ومستقبل العملية السياسية باليمن. الورقة استعرضت مخرجات السويد وانعكاساتها على واقع اليمن ومستقبل القضية الجنوبية.
ولأهمية الورقة البحثة تنشر «الأيام» نصها التالي:

مدخل
نتيجة للجهود الواسعة والمضنية التي قام بها وقادها المبعوث الخاص لليمن، السيد مارتن جريفيثس، وأطراف أخرى ووسط تفاعل ودعم وترقب دولي وإقليمي ومحلي حرّكته الأزمة الإنسانية المتفاقمة، ودخول الأزمة والحرب مرحلة الاستعصاء والمراوحة، نتيجة لفقدان القدرة على الحسم العسكري، وتعثر جهود التسوية السياسية، تم أخيراً، وفي الفترة من 6 - 13 ديسمبر، عقد جولة مشاورات جديدة بين «طرفين» من أطراف الصراع والحرب؛ هما: السلطة الشرعية المعترف بها دولياً، وسلطة الأمر الواقع التي تعامل معها المجتمع الدولي دون الاعتراف بها «الوفد القادم من صنعاء»؛ بحسب التعريف الذي ورد على لسان المبعوث الخاص، في مملكة السويد بقيادة السيد مارتن جريفيثس، ومشاركة سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وممثلين لحكومات ومنظمات أخرى. ووُضع أمام الطرفين جدول أعمال تتضمن الملفات التالية:

1. تسوية الوضع حول الحديدة، يجنبها وسكانها حرب كارثية، ويحقق توافقاً على إدارة المدينة والميناء وفقاً لآلية مبتكرة، تعطي للأمم المتحدة دوراً محورياً. وهو ما تم تحقيقه والتوافق عليه، وبُدئ بإجراءات وخطوات التنفيذ.
2. الإفراج عن الأسرى والمحتجزين. وقد أُعلن عن تحقيق اتفاق جزئي.
3. رفع الحصار عن تعز، وفتح الطرقات، والسماح لمواد الإغاثة بالوصول إليها، أعلن أيضاً عن اتفاق غير مكتمل حولها.
4. إعادة تشغيل مطار صنعاء، ولم يتحقق توافق كامل.
5. دعم البنك المركزي ورفده بالإيرادات، وبما يمكن من تسليم المرتبات المستحقة لموظفي الدولة، لم يعلن عن التوافق بشأنها.
6. إيصال مواد الإغاثة الإنسانية، وفي هذه الجزئية، وهي مسألة تشملها الإجراءات بشأن الحديدة والميناء، وتعز، والأسرى.


منهج «إدارة الأزمة» بدلاً من معالجة جذورها أخطر ما يهدد العملية السلمية باليمن

إلى جانب هذه النجاحات والاختراقات المهمة، فقد اعتبر كثيرون أن مجرد تنظيم جولة التشاور هذه بما تخللها من أجواء ودية، جماعية وفردية، ومصافحات وابتسامات ومجاملات يعد من أهم وأبرز ما حققته، والذي سيكون له أثره الإيجابي على اللقاءات القادمة، ويعتبر طوبة في حائط الثقة المتصدع بين الطرفين.
كنا في مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب، كما هو حال غيرنا، قد تابعنا باهتمام وتفاؤل ما جري في مملكة السويد، يحذونا الأمل في إحراز توافق كامل في كل القضايا الست التي طرحت للبحث والمعالجة، والتي تقع كلها في قلب منظومة حقوق الإنسان (السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية)، ليتزامن ذلك كما كنا نأمل مع الاحتفاء بالذكرى السبعين لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي صادف الـ 10 من ديسمبر.

ولا ريب في أن الإخفاق في تحقيق النجاح الكامل لا يعني بأي حال من الأحوال الانتقاص من المُنجز، والذي نعتبره ضمانةً وضرورة لاستمرارية العملية السياسية وارتقائها من جهة، وأساس لإحراز نجاحات قادمة في معالجة الملفات الأخرى، كما لا تعني التقليل من تقديرنا العالي للدور الذي اضطلع به السيد جريفيثس والجهود التي بذلها، وما  اتسم به دوره من إرادة وتصميم وانفتاح على كل الأطراف والجماعات، ولا أيضاً الاستهانة بما يتسم به الوضع من تعقيد شديد، وتداخل وتعارض القضايا والأطراف، وحجم الضغوط والتدخلات السلبية من كل حدب وصوب.

ومع التعبير عن الارتياح لما تحقق وقوة الدفع التي اكتسبتها العملية السياسية فقد برزت، على نطاق واسع، آراء وشكوك تتصل بنتائج جولة السويد وبالعملية السياسية بشكل عام في المرحلة القادمة، وتنطلق من حرص على نجاح العملية السياسية والرهان على دور متوازن للمجتمع الدولي، والدول الشقيقة، نوجزها في النقاط التالية:

أولاً: حول نتائج مشاورات السويد
إن تقييم نتائج مشاورات السويد لابد أن يأخذ بعين الاعتبار التالي:
1. تعد مرحلة التطبيق جوهرية وحاسمة، وتستدعي من الجهود والضغوط، ربما يفوق ما تم قبل جولة السويد وخلالها، فالعبرة تكمن في التطبيق، الذي يشكل معياراً للحكم على النجاح.
2. ومع الإقرار أن الوضع شائك ومعقد بما فيه وجود قوى وأطراف لها تأثير ونفوذ على الأرض لم تكن ممثلة في مشاورات السويد، وربما لديها تحفظات على النتائج.
3. كما أن تطبيق النتائج يحتاج لتنظيم جولات من الحوار والتشاور لبحث التفاصيل، وما سوف يستجد أثناء التطبيق.
4. من المفيد للعملية برمتها حماية وتأصيل روح التفاهم والجدية، التي تميزت بها جولة التشاور، والزخم، الذي ولدته كما نقل عن المشاورات.
5. أثار الإخفاق في التوصل لتسويات شاملة حول ملف الأسرى ووضع تعز ردود فعل سلبية، وأرجع بعض هذا الإخفاق لحسابات خاصة لدى كل من الطرفين وعدم جديتها، إلى جانب أن ممثلي المجتمع الدُولي لم يضغطوا بما فيه الكفاية كما كان عليه الحال في موضوع الحديدة.
6. حُظي الاتفاق الخاص بالحديدة والميناء بارتياح واسع، لكونه جنب الحديدة وسكانها مواجهات كارثية جديدة، خاصة أن مدينة الحديدة وتهامة عامة تشكل موطناً لمأساة إنسانية مستمرة لليوم.
وإذا كان الاتفاق قد منع حدوث مأساة جديدة، إلا أنه لم يقترب من مآسي الماضي ومن حقوق ودور وتطلعات السكان أصحاب الحق بل تجاهلهم تماماً.
7. تعتبر القضايا الست، التي بُحثت، أعراضاً ونتائج لأزمات ومشاكل أعمق، ويأمل الناس أن يُنظر لها على هذا الأساس، وهو ما يتطلب الاهتمام بدرجة رئيسية بمعالجات وتسويات عادلة وشاملة لكل القضايا وبكل الأطراف وأصحاب الحق.
8. يوجد تناقض وتعارض بين مما تم وأعتمد وتحقق في المشاورات وبين ما تنص عليه المرجعيات، وبالذات القرارات الأممية بما فيها القرار 2216.
9. لا نستطيع الحكم على تكتيك البدء من الأسهل للأصعب، ومن الجزئي للعام الذي أُتبع مؤخراً، فربما يكون صائباً، وربما العكس، ومن شأنه أن يستهلك الطاقات والجهود، والحماس والوقت في جزئيات متوالية، ثم يغرق فيها ومعها، ولن يصل لنتيجة.

فرض حل لقضية الجنوب بدون تفاوض واتفاق مع الشمال سيكون خيارا محفوفا بالمخاطر


ثانياً: مؤشرات سلبية وشكوك بشأن مستقبل العملية السياسية والتسوية ودور المجتمع الدولي بحسن نية تقبلت أطراف الصراع الأخرى وقوى وشرائح هامة (التي لم تُستدعَ للمشاركة في المشاورات) التبريرات التي سُوقت مرحلة التشاور واختصار المشاركة فيها على طرفين.
إلا أن معطيات رسمية جديدة ترافقت مع مشاورات السويد أعطت إيحاءات سلبية دلت على وجود توجهات ونوايا تحمل تراجعاً عن ما تم تبنيه والعمل على أساسه في السنوات الماضية، والمتمثل في العملية السياسية الشاملة وبكل الأطراف والمفضية إلى التسوية الشاملة لكل القضايا والأزمات والمشاكل.

لقد برز ذلك جلياً في نص القرار الصادر عن مجلس الأمن الدولي، رقم 2451، والبيان الصادر عقب اختتام مشاورات السويد عن سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وفي آخر إفادة للمبعوث الأممي الخاص أمام أعضاء مجلس الأمن الدُولي وتصريحات أخرى. وكلها نصت وبوضوح، لا لبس فيه، على منح الطرفين (الحكومة الشرعية، وسلطة الأمر الواقع) دوراً محورياً يتجاوز المشاورات والقضايا الإنسانية والإجرائية إلى القضايا السياسية والوطنية والجوهرية وتقرير مستقبل البلاد. لقد ورد في نص القرار الأممي 2451 ما يلي: (نرحب  بعرض المبعوث الخاص لإطار المفاوضات في ستوكهولم بعد التشاور مع الطرفين. ورحب كذلك «أعضاء مجلس الأمن» بخطة المبعوث الخاص لمناقشته خلال الجولة القادمة من المحادثات).

ونص البيان الصادر عن السفراء الخمسة على (إشراك كلا الجانبين في المناقشات بإطار محدد ليكون بمثابة خارطة طريق للتشاور والتفاوض في المستقبل). وفي إفادته أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي قال المبعوث الخاص: (وعندما يلتقي الطرفان فالجولة المقبلة سيكون الهدف أن ننتقل من التناول الإنساني الأساسي الذي تمت مناقشته في السويد، إلى تناول جدي للقضايا السياسية التي يجب معالجتها بين الطرفين من أجل حل النزاع في اليمن).

يتبين من ما ورد أعلاه وجود تراجع عن مشروع العملية السياسية الشاملة بمشاركة كل الأطراف، وبالتالي التراجع عن هدف التسوية الشاملة، تراجع عما نصت عليه قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة. ومثلما تم الانقلاب على القرار الاممي 2216، بعملية التشاور الأولى التي أطلقها الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة «بان كي مون» بعد أقل من أسبوع على صدور القرار المذكور، ها نحن اليوم ربما نكون أمام تحول يطال مضمون العملية السياسية وشموليتها وتوازنها.



إن صيغة «الطرفين» توحي بأن أولوية المجتمع الدُولي قد حُصرت في مسألة واحدة؛ وهي إعادة أو نتاج السلطة المركزية، من خلال صفقة جزئية فوقية بين «طرفين»، أو طرف وبعض من الآخر، أو طرف وأتباعه والخاضعين له، أما التسوية الشاملة بما فيها القضية الجنوبية، ومشروع الدولة الاتحادية والنظام الفيدرالي فتبدو مؤجلة إلى زمن لا يعلمه إلا الله، ورهن إرادة السلطة القادمة، التي قد تساوي سلطة الأمر الواقع الراهنة مع تحسين في الشكل، وتغيير في التسمية والصفة، وتاريخ ميلاد جديد «مزور». والحقيقة أن اعتماد صيغة «الطرفين» لا يعني في الحقيقة غير تتويج لطرف واحد باعتباره المنتصر وصاحب القول الفصل في تقرير مصير البلاد و«سيد» الشرعية القادمة.

والكل يعلم أن الشرعية الراهنة (أحد الطرفين) لم يتبقَ لها إلا القليل من العمر، بل إنها في الطريق للتفكيك والاضمحلال إلى أن تُطوى صفحتها، وتترك مكانها لشرعية جديدة.
أثناء التحضير لمشاورات السويد، والحديث عن نتائجها؛ قيل الكثير عن بناء الثقة بين الطرفين، ونترك الحكم على مدى واقعية ما طُرح للأيام القادمة. ما يهمنا في هذه الجزئية الأمور التالية:

- هل يكفي استعادة الثقة بين الطرفين حتى بنسبة 100 % لإنقاذ البلاد وإنجاز تسوية شاملة ينتهي معها وبها تاريخ من الحروب، وتوضع البلاد على سلة سلام مستدام وأمن واستقرار وتنمية؟
- وماذا عن الأطراف الأخرى، عن عامة الناس وأغلبية الشعب في الشمال، وعن الجنوب الذي تعرض لحربين وسلب ونهب وإقصاء؟
- ماذا عن مختلف الشرائح والجماعات والمكونات، وعن النساء والشباب؟
- هل يتطلب إنقاذ اليمن وحلحلة قضاياها وأزماتها وإنهاء الحروب الراهنة أكثر من التوافقات الداخلية؟ بافتراض حصولها، هل يحتاج إلى توافق بين الرياض وطهران، بين موسكو وواشنطن... إلخ؟
- أخيراً ثمة مخاوف من اعتماد منهج «إدارة الأزمة» بدلاً من معالجة جذورها وأسبابها، والتحكم بالحرب القابلة للتناسل والتمدد، لمنع خروجها عن السيطرة، عوضاً عن القضاء النهائي على هذه الظاهرة، باجتثاث بيئتها ودوافعها، وتحجيم دور القوى المحركة لها، والمصالح التي تزدهر وتنمو من ورائها.

ثالثاً: ما يخص الجنوب
انطلق دور المجتمع الدولي في اليمن أثناء حرب 94م على الجنوب، التي أصدر خلالها مجلس الأمن القرارين الشهيرين رقم  931 و  924 لعام 94م، وجرى حينها تعيين الدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
كانت الحرب بين طرفين اثنين هما الشركاء في مشروع  الوحدة (دولتا من الشمال والجنوب)، ما حصل خلال السنوات اللاحقة حتى اليوم ليس سوى امتداد لذلك الصراع وتلك الحرب، أو نتيجة لها, ولما ترتب عليها.

ومنذ انطلاقتها مروراً بالمراحل اللاحقة, وتعاقب المبعوثين الخاصين رافق الجهود السياسية ودور المجتمع الدولي اختلالات وأخطاء وخطايا وانحرافات خاصة في التعاطي مع الشأن الجنوبي. التي كانت من الأسباب الرئيسية لما آل إليه الحال اليوم. والمؤكد أن الاستمرار فيها وكما تدل المؤشرات التي تمت الإشارة لبعضها في نقطة سابقة لن تؤدي سوى إلى إبعاد اليمن عن الأهداف المعلنة للعملية السياسية، وفقدان الفرص السانحة، وما تبقى من عوامل إيجابية وقوة دفع باتجاه الإنقاذ.


لقد دّلت تجربة ربع قرن من الزمن استحالة إحراز تقدم جوهري وعلى أي صعيد بمعزل عن الجنوب، كما أن أي محاولة لفرض حل لقضية الجنوب بدون تفاوض واتفاق مع الشمال سيكون هو الآخر خياراً محفوفاً بالمخاطر، ولا يعني هذا الارتهان لإرادة الطرف الآخر، والتضحية بالجنوب تحت مبرر التمسك بالواقعية السياسية، خاصة إذا ما تم سد أبواب التفاوض بين الطرفين والتهرب من الإقرار بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره، وبأن من مصلحة الشمال والجنوب الخروج من «رابطة الصراع والحرب» بل ان في ذلك مصلحة للمنطقة والمصالح الدولية.

قِيل الكثير بشأن غياب الجنوب عن مشاورات السويد، لذلك ينبغي أن يؤخذ الجنوب اليوم بصورة جدية وشاملة، وأن يتعامل الجنوبيون مع العملية الجارية بحذر شديد وحسابات دقيقة، وتمحيص في كل الخيارات، وأن يضعوا الموقف من التفاوض في خطين متوازيين بين خيار المشاركة الذي يعتبر استراتيجياً، والغياب الذي يعتبر تكتيكاً ونوعاً من إرباك الخصوم، والضغط والاحتجاج وإثارة الاهتمام إن تطلب الأمر ذلك.

كما أن انتقال «الطرفين» ورعاة العملية السياسية إلى البحث في القضايا السياسية والوطنية وذلك في الجولة القادمة المقرر عقدها أواخر يناير 2019م مع استمرار عزل الجنوب، تعني إخراج الجنوب وقضيته وتطلعات شعبه من العملية كلها، وربما يجري الإعداد لإشراك «جنوبيين» عند التوقيع وفي هيئات السلطة القادمة، وهو تطور سوف يفرض على الجنوب خيارات جديدة تستلزم دراستها والاستعداد لها، ومن الآن، لن تكون نهاية العالم, بل البدء في مرحلة جديدة من الصراع واستمرار لخيار الحرب.

ومن البديهي القول أن الجنوب لا يستطيع او غيره من الاطراف أن يفرض على المجتمع الدُولي التمسك بمشروع التسوية الشاملة ومشاركة كل الأطراف, إن مصالحها وأولوياتها تقتضي التركيز في هذه المرحلة على تسوية جزئية مع أطراف بعينها.
وليس من مصلحة الجنوب أن يدخل مع الأطراف الإقليمية والدُولية أو من يمثلها بمناوشات سياسية وإعلامية واتهامات وردود أفعال غير محسوبة، لا تجلب للجنوب غير العزلة بكل ما ينتج عنها.

إن المطلوب هو تقديم الجنوب على حقيقته، باعتباره صاحب حق ومستقبل، كان ضحية لحروب عدوانية وسياسات استعمارية، وأنه لن يكون إلا بنّاءً وإيجابياً مع أي جهود جادة في أي وقت ومن أي طرف، وأنه ينشد السلام والتعاون وتنمية المصالح مع الجميع.
من واجب كل من يتكلم باسم الجنوب، ومن يهمه حاضره ومستقبله من قيادات ومكونات ورموز ونخب وجماعات ناشطة أن يحرص على تقديم رسالة/خطاب تفيد الجنوب وشعبه، وأن يحرص على تعزيز الثقة والتفاهم والحوار مع هيئات ومؤسسات المجتمع الدولي، ومع الحكومات، والرأي العام، والممثلين والمبعوثين والمهتمين وأصحاب المصالح، والباحثين والإعلاميين وغيرهم، وفي مقدمة الكل المبعوث الخاص ومعاونيه ووكالات ومكاتب الأمم المتحدة والسفراء المعتمدين.


- يمتلك الجنوب قوى ناعمة مؤهلة وقادرة على إيصال رسالتها، والإقناع بها وإحداث التأثير المنشود.
- المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مضى النأي بالجنوب عن أي أعمال أو مواقف، أو سياسات من شأنها أن تسيء له، وتلحق الضرر به.
- والمطلوب أيضا إطلاق حوار سياسي مع الأشقاء في التحالف العربي وبالذات المملكة والإمارات ومصر، ومع دول الجوار ومع من يقبل الحوار من قوى الشمال ومن يتفهم تطلعات شعب الجنوب، وحقه في تقرير مصيره.
- الحرص على مواكبة منتظمة ودقيقة لسير العملية السياسية، والتأثير فيها سواء من داخلها أو من خارجها بما يخدم تطلعات الجنوب وأهدافه، وفي أقل تقدير للحد من أضرارها على الجنوب.
- إن المصالح وحدها هي التي حركت الإقليم والمجتمع الدولي ودفعت الكل للتدخل، وعليه فلغة المصالح والسياسة البرغماتية هي التي ينبغي أن تسود.
- ترتيب البيت الجنوبي وفقاً لما ورد في تصور شامل أصدره مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب في يوليو الماضي تحت عنوان (طريق الجنوب إلى مفاوضات ناجحة).

قاسم داود
ورقة مقدمة في ورشة النقاش السياسي المنعقدة في عدن بتاريخ 29 ديسمبر 2018
(مركز عدن للرصد والدرسات والتدريب)