> عياش علي محمد
في الزمن الماضي نشبت معركة حامية الوطيس بين فرقة مشحونة بالسيكلوجيا التقليدية (للعرب العاربة) مفادها الحصول على النصيب الأكبر من دفعة مساعدات من التمر، أرادت كل مجموعة الحصول على حصتها الأكبر من التمور، فدخلوا في معارك ضارية، يستطلعون فيها مدى قوة كل منهم، حتى يهيمنوا على القدر الكبير من التمر، فجاءت النتيجة مخيبة للآمال، إذ أظهرت كل الفرق المتعاركة قوة بأس شديدة، لم تسمح بتفوق أحدهما على الآخر.
هذه السيلكوجيا التقليدية لا زالت تحمل تراثها حتى الوقت الحاضر، ففي حرب اليمن اليوم، والتي مضى عليها أربعة أعوام لازالت هذه السيكلوجيا تفعل فعلها وحاضرة أمام العالم.
فجماعة الحوثي أرادت أن تأكل التمر لوحدها، ودون غيرها، فوجدت من يصدها ويرجعها إلى صوابها، والشرعيه أرادت أن تعفي الكل عن التمر لتستأثر بالتمر لوحدها، فلم يحالفها الصواب، والجماعة الجنوبية تقبع في حالة انتظار هزيمة الجميع لتأخذ حقها من التمر، دون أن ينافسها أحد في نصيبها من التمر.. ولما تعادلت القوة بين الجميع حاول كل فريق أن يستند إلى حليف يؤازره في هذه الحرب لتعطيه قيمة مضافة في هذه المعركة، فالحوثيون استندوا إلى إيران والشرعية استندت إلى قوة التحالف العربي، ومع ذلك لازالت القوة متعادلة ولا يزال التمر في موضعه دون أن يتأثر به أي من الفرق المتحاربة.
والشرعية مشروعها استنزافي، وقاعدة في لائحة الانتظار ولعل وعسى أن يأتيها التمر من باب التحالف، ومصوبة نظرها إلى الخزانة المالية التي توزعها على القاعدين في منتجعات العالم وهي ليست في عجلة من أمرها، طالما أن المصاريف تهب عليها من كل الزوايا.
ومؤسسة الحكم الدولية يسير مشروعها بحيث لا يدركها المتقاتلون في الميادين، ويجري تنفيذ هذا المشروع كلما طالت الحرب في اليمن وهي تستمر في تطويل مدة الحرب حتى يتحقق نهجها في إعادة توزيع السكان في اليمن، فالحرب هذه هي بمثابة إعادة توزيع السكان في اليمن، فالشمال بأعداد سكانه الكبير ورقعته الجغرافية الصغيرة سيمضي بقذف سكانه إلى الرقعة الجغرافية الجنوبية وحجم سكانها القليل كي يحظوا على أي كسرة من ثروات الجنوب، والمشاركة في السلطة والاستفتاءات الانتخابية.. وهذه الحرب ستمكن من إعادة توزيع السكان من موقع الكثافة إلى موقع الندرة.
وتقول بعض المصادر أن حجم السكان الواقع في الشمال كان سبباً رئيسيا في تنامي الحروب واستمرارها بين الحين والآخر بين الدولتين في اليمن، على الرغم من التزام الشمال في حرب عام 1994م للأمم المتحدة والذي وقعها رئيس وزراء الشمال د.محمد سعيد العطار بعدم إحداث أي تدخلات عمرانية في الجنوب، وعدم تشجيع الاستيطان في عدن.