> علي ناصر محمد
يصادف يوم الإثنين 11 فبراير مرور 8 سنوات على ذكرى انطلاق ثورة شباب التغيير في كل من صنعاء وتعز وبقية المدن اليمنية ومرور 12 عاما على الحراك السلمي الشعبي في الجنوب الذي بدأ قبل ما عرف بثورات الربيع العربي وكان ملهما لشباب التغيير في صنعاء، فقد سجل الشعب اليمني أروع ملحمة حضارية في تاريخ اليمن أو ما سمي بالثورة البيضاء التي استمرت أحد عشر شهراً إذ ظلوا طول الوقت متمسكين بسلمية انتفاضتهم فلم يشهر سلاح ولم تطلق رصاصة، رغم أن السلاح جزء من المستلزمات الشخصية لكل مواطن، ورغم أن الشباب تعرضوا لقمع الأجهزة الأمنية في كل من صنعاء وتعز، وقبل ذلك في عدن وردفان وغيرها، وقد ظل الثوار مرابطين في قلب العاصمة، في ساحة التغيير وشارع الستين، طوال أحد عشر شهراً وكان دور المرأة اليمنية منها مبهراً،
اذ خرجن إلى المسيرات يرددن الهتافات ويرفعن اللافتات للمطالبة بتغيير النظام
خلال الأحد عشر شهراً ظلت جماهير الثورة البيضاء معتصمة بميدان التغيير، وقد توزعت على خيام نصبت لعناصر القوى السياسية والشبابية، فضلاً عن أبناء المحافظات والقبائل المختلفة، وأقام هؤلاء حياة كاملة في الميدان، تم خلالها ترتيب إعاشتهم وتوفير بقية الخدمات لهم من الطعام وغير ذلك وكان لصنعاء وأبنائها دورهم البارز في ذلك، وخلال إقامتهم فإنهم لم يكفوا عن الهتاف والمطالبة بإسقاط النظام، والدعوة إلى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية كما أنهم لم يتوقفوا عن ترديد الأغاني الوطنية وممارسة مختلفة الأنشطة التعبوية والثقافية والترفيهية.
وقد سبق ذلك أن انطلقت شرارة الثورة من تونس في الرابع من شهر يناير عام 2011، بعد انتحار الشاب محمد بو عزيزي قبل ذلك بأسبوعين حتى انطلقت مجموعة من طلاب جامعة صنعاء صوب السفارة التونسية، معبرة عن التضامن والتبريك، ثم ما أن انفجرت الثورة في مصر يوم 25 يناير حتى اتسعت دائرة التضامن الشبابي، وذهبت مجموعة أكبر منهم إلى السفارة المصرية في صنعاء معبرة عن المشاعر ذاتها، وبدأ أن الحدثين الكبيرين لمسا وترا حساسا لدى الشعب اليمني الذي كان شبابه يعانون من وطأة الظلم والفساد.
وقد كانت أصداء الثورة المصرية قوية ومؤثرة في صنعاء بحكم العلاقة التاريخية بين الشعبين اليمني والمصري، لذلك سرعان ما جرى استنساخ ميدان التحرير في ميدان التغيير هناك، ومع استمرار التفاعلات في مصر، فإن شرارات الثورة انتشرت في كل أنحاء اليمن، ومن المصادفات أنه حين بلغ الاحتشاد الشعبي ذروته في صنعاء يوم 11 فبراير، خصوصا بعدما وصلت مسيرة «الحياة» الحاشدة من تعز التي كان لها دور مؤثر في عملية الدعوة إلى التغيير، وحينها أعلن الرئيس مبارك تخليه عن السلطة مساء اليوم ذاته، وهو ما شكل عاملاً ألهب مشاعر الجماهير اليمنية ودفعها إلى الاستمرار في الاحتشاد والإصرار على تغيير النظام.