> منصور الصبيحي
حين تغدو المبادئ والأهداف مجرد دغدغة لمشاعر البسطاء والمندفعين، وأفكارا مضللة يتسلل بواسطتها من يطمح ويطمع ليجمع جيف الانفراد والاستقوى بالسلطة، راميا بكل الشعارات عرض الحائط، وهو من بواسطتها وصل لموقع القرار، متناسيا ما كان يسوقهُ لشعبهِ قبل ذلك، بالمقابل تكون النتيجة حرية مغيبة وشعوبا مقهورة وأفقا مسدودا وإخفاقا سياسيا واقتصاديا واحتقانا اجتماعيا، فهذا واقع ملموس ومتأصل في نفس كثير من الشعوب التي خرجت من عبودية المستعمر لتدخل في عبودية المستعمر الجديد ذي القربى شريك الدم والتراب والهوية ابن الأرض وصاحب الشعارات الرنانة والكلام المعسول.
سلطة وأحزاب، وأحزاب وسلطة.. سلطة تمخضت من رحم الشعوب، وأحزاب صنعتها تجمّل قبح أفعالها.. يلتقي الاثنان عند آخر الطريق ويعملان على تتويه المواطن الغلبان على أمره، فما نلمسهُ من ممارسات لما يسمى بجمهوريات تورث السلطة للابن من باب شل الجمل بما حمل، وأحزاب معارضة هي مجرد أبواق تنادي بإصلاح وضع البلد وتحرير الشعب من ديكتاتورية الطغاة وخلق حياة كريمة يسودها العدل والمساواة للجميع، شراكة في صنع القرار وفق آلية دستورية قانونية وغيرها ما يُساق من كلام لا تقبلهُ هي نفسها، وما يثير الضحك والسخرية أن تلك الأحزاب لم تتحرر هي على صعيد نفسها من هيمنة الفرد وتسلطه، فمعظمها تطالها دكتاتورية حزبية وخلل في صعيد منظومة بنائها الفكري، فلا نكاد نرى إلا صقرا واحدا وحوله صقور مقلّمة المناقير ومقصوصة المخالب، وجه لا يتبدل لصاحب سلطة السلطة للحزب نفسه، وإن مات مالكهُ يؤتى من أهل بيته؛ ابنه أو ابنته أو زوجته من هو أهل للحفاظ على المسار حتى غدا هذا الحزب أو ذاك ينعت بحزب فلان أو حزب أهل فلان من قبل العامة، كظل يحاكي هيمنة وتملك السلطة نفسها لديكتاتورية متبادلة بين معارضة وسلطة مؤلفها واحد ومنتجها واحد ومخرجها واحد ومستهلكها الشعوب المغلوبة على أمرها.