> الخرطوم «الأيام» ا.ف.ب
غداة إطاحة الجيش بالرئيس السوداني عمر البشير، بقي المتظاهرون في شوارع الخرطوم أمس محتجين هذه المرة على حكم العسكر الذين وعدوا في محاولة واضحة لطمأنتهم، بأن تكون الحكومة المقبلة مدنية.
وقرب مقر القيادة العامة للجيش في وسط العاصمة، لا يزال آلاف السودانيين متجمعين، يهتفون يغنون ويرقصون ويتبادلون القهوة والطعام، مصرين على مواصلة احتجاجهم.
وقال الفريق أول ركن عمر زين العابدين في مؤتمر صحافي عقده في الخرطوم إن «الحكومة ستكون حكومة مدنية، ونحن لن نتدخل فيها، سنبقى بعيدين».
وأكد زين العابدين العزم على «إجراء حوار مع كل الكيانات السياسية، لتهيئة المناخ للتبادل».
█ «الأولوية للأمن»
وردا على سؤال حول مصير حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه البشير، قال «لن نقصي أحدا ما دام يمارس ممارسة راشدة».
وأكد زين العابدين من جهة أخرى أن المجلس لن يسمح بأي «عبث بالأمن»، مضيفا «الأولوية هي للأمن والاستقرار»، ومهمة المجلس «تقضي بحسم للفوضى».
وفي ساحة الاعتصام المستمر منذ سبعة أيام قرب مقر القيادة العامة للجيش، قال السوداني أبو عبيدة لوكالة فرانس برس «هذا مكاننا، ولن نتخلى عنه الى ان يتحقق النصر». وأضاف «لقد خرقنا حظر التجوال، وسنواصل القيام بذلك حتى تتشكل حكومة انتقالية».
وأدى المعتصمون صلاة الجمعة في مكان الاعتصام. وكان عدد من المتظاهرين المسيحيين الأقباط يقدمون الطعام والشراب للمصلين المسلمين. ولفّ الإمام الذي أدى الصلاة نفسه بعلم سوداني.
وكان في الإمكان مشاهدة جنود بين الحشد.
ولدى الإعلان أمس الأول عن الإطاحة بالبشير، نزل المواطنون بالآلاف في الشوارع تعبيرا عن فرحتهم، وقام بعضهم بتقبيل جنود ورقصوا على الدبابات.
وعقد مجلس الأمن الدولي أمس اجتماعا طارئا حول السودان، بناء على دعوة ست عواصم بينها واشنطن وباريس ولندن.
وقال المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية روبرت بالادينو إنّ «الولايات المتحدة تُواصل دعوة السلطات الانتقالية إلى ضبط النفس وإفساح المجال أمام مشاركة مدنيين في الحكومة».
وعبرت جامعة الدول العربية في بيان أمس «عن أملها في أن يتوافق أهل السودان على ما فيه مصلحة البلاد»، داعية الى «تحلّي الجميع بالحكمة المطلوبة في هذا الظرف الدقيق مع التمسك بالحوار السياسي لتحقيق تطلعات الشعب السوداني».
█ مصير البشير
وأعلن المجلس العسكري الانتقالي أنه لن يسلم عمر البشير «الى الخارج».
وكانت المحكمة الجنائية الدولية أصدرت عام 2009 مذكرة توقيف في حق الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في دارفور في غرب السودان، ثم أضافت في 2010، تهمة «عمليات إبادة»، وأصدرت مذكرة توقيف أخرى.
ويرى الباحث المستقل حول السودان جيروم توبيانا لوكالة فرانس برس من باريس أن الإطاحة بالبشير تشكل «حماية له» بدلا من تسليمه الى المحكمة الجنائية الدولية. ويقول «ليس الأمر مستغربا من جانب أشخاص لم يكونوا أداته التنفيذية فحسب، بل شركاءه أيضا».
من جهة أخرى، أكد المجلس العسكري أنه لن يسلم الرئيس عمر البشير المطلوب بمذكرتي توقيف من المحكمة الجنائية الدولية «الى الخارج»، مشيرا الى أن البشير لا يزال محتجزا من دون أن يحدد مكانه.
وأعلن أمس رئيس اللجنة العسكرية والسياسية في المجلس العسكري الذي أعلن تولي الحكم بعد الإطاحة بالرئيس البشير، أن الحكومة المقبلة ستكون «حكومة مدنية»، من دون ان يحدد موعد تشكيلها.
وأضاف أن المجلس لن يطرح أسماء لعضوية الحكومة، مضيفا أن «وزير الدفاع سيكون من القوات المسلحة، وسنشارك في تعيين وزير الداخلية».
█ «الأولوية للأمن»
وردا على سؤال حول مصير حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه البشير، قال «لن نقصي أحدا ما دام يمارس ممارسة راشدة».
وكان رئيس المجلس العسكري الانتقالي عوض بن عوف الذي كان وزير دفاع في ظل حكم البشير، أعلن أمس الأول الإطاحة بالرئيس واحتجازه «في مكان آمن» وتولّي «مجلس عسكري انتقالي» السُلطة لمدّة عامين، بعد أربعة أشهر من احتجاجات غير مسبوقة ضدّ النظام.
وردا على سؤال عن حركة الاحتجاج، قال «سنجلس مع المحتجين ونستمع إليهم»، مضيفا «نحن جزء من مطالب الناس».
في هذا الوقت تواصل توافد آلاف المتظاهرين. وكان بعضهم يشرب القهوة، او يحضر الشاي. بينما كان آخرون يقرأون القرآن تحت شمس حارقة.
وقال حسين محمد القادم من أم درمان إنها المرة الأولى التي يشارك فيها في الاعتصام، مضيفا «الحرّ شديد، لكنني مندهش بما يقوم به هنا هؤلاء الشبان والشابات. سأعود بالتأكيد».
وحثت دول عدة بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أمس الأول، العسكريين على إشراك المدنيين في العملية الانتقالية.
لكن الحماسة تراجعت سريعا، وانطلقت دعوات لمواصلة الاعتصام لدى الإدراك أن الحكم بات بين أيدي عسكريين هم أنفسهم كانوا من أركان نظام البشير.
ودعت الولايات المتّحدة أمس الأول الجيش السوداني الى تشكيل حكومة «جامعة» تضمّ مدنيين.
ودعت وزيرة خارجية الاتّحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الجيش السوداني إلى نقل السلطة «سريعاً» إلى المدنيين، منوّهةً برغبة الشعب السوداني في التغيير.
█ مصير البشير
وأعلن المجلس العسكري الانتقالي أنه لن يسلم عمر البشير «الى الخارج».
وقال زين العابدين ردا على سؤال، «نحن كمجلس عسكري لن نسلّم الرئيس في فترتنا الى الخارج»، مضيفا «نحن عساكر، نحاكمه بحسب قيمنا». وتابع «نحن نحاكمه، لكن لا نسلمه».
وطالبت منظمة العفو الدولية «السلطات السودانية بتسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية»، معتبرة أنه ملاحق بتهم ارتكاب «بعضٍ من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان في عصرنا».
