> هاني سالم مسهور

هاني مسهور
عملت الإمارات العربية المتحدة بالتزامها ضمن التحالف العربي تحت قيادة السعودية، وتحملت الجزء المتعلق بمكافحة الإرهاب انطلاقا من تحرير ساحل حضرموت، ثم تثبيت العمليات الأمنية التي استهدفت تنظيم القاعدة وداعش في عدن ولحج وأبين وشبوة ضمن التزام بما صدر عن مخرجات الحوار الوطني بتشكيل قوات أمنية من أبناء المحافظات. وهذا ما قامت به من ناحية التدريب والتأهيل العسكري وهو ما أثمر نجاحات واسعة أشادت بها الولايات المتحدة، وتوجتها بتسليم النطاق البحري في حضرموت بطول 300 كيلومتر لخفر السواحل التابع للنخبة الحضرمية بحضور سفير الولايات المتحدة في اليمن.
من وجهة نظر إخوان اليمن، فإن التوازن الإستراتيجي يرتكز على ثلاث مناطق رئيسية بعد أن فقدوا السيطرة على كامل المحافظات الجنوبية، وهي تعز ومأرب والحديدة، لذلك أفشلوا كافة محاولات التحالف العربي تحرير محافظة تعز وعملوا على عقد اتفاقيات مع الحوثيين تضمن تقاسم النفوذ مع تكريس مفهوم الحصار على المدينة عبر أذرعهم الإعلامية لإبقاء وضع المدينة بحالة تقاسم، وفيما تسيطر قواتهم على محافظة مأرب ظلت الحديدة المنطقة التي يرغبون بالتواجد فيها.
في محددات عاصفة الحزم وأهدافها تبقى عملية تأمين مضيق باب المندب واحدة من الأهداف الإستراتيجية التي وجد التحالف أن تحرير عدن لا يكفي لتجنيب الخطر الإيراني خاصة بعد استهداف ميليشيات الحوثي للسفينة الإماراتية (سويفت) والفرقاطة السعودية (المدينة المنورة)، فقامت القوات الإماراتية بعملية إسناد لألوية العمالقة الجنوبية لتطهير جنوب ساحل البحر الأحمر عبر عملية الرمح الذهبي في فبراير 2017 ونجحت العملية بتحرير مدينتي الخوخة والمخا جنوب مدينة الحديدة.
مع دخول مقاطعة الرباعي العربي لدولة قطر حدث التحول الأكبر عندما أنشأت تركيا قاعدة عسكرية في قطر وأتبعتها بقاعدة عسكرية أخرى في الصومال، ثم عقدت اتفاقية مع نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير تضمن التواجد التركي في سواكن ما وضع الأمن القومي العربي في نطاق تهديد تركي واضح، وكان على تركيا أن تحصل على ميناء الحديدة ليكتمل التموضع التركي على البحر الأحمر وبذلك يتم تهديد السعودية ومصر بشكل مباشر.
استثار إخوان اليمن بإطلاق عملية تحرير الحديدة وافتعلوا أزمة في جزيرة سقطرى تجاوزها التحالف الذي كان يخوض حربا ضروسا مع ميليشيات الحوثي في الحديدة، ومع توقف المعارك الحربية عادت قراءة التوازنات في ما يخص التنظيم الدولي للإخوان المسلمين في اليمن الذي بات يبسط نفوذه على وادي حضرموت ومأرب والجوف وأجزاء واسعة من تعز، إضافة إلى قوات عسكرية تصل إلى أكثر من 250 ألفا تحت ما يسمى الجيش الوطني.
ظهر دور إخوان اليمن بتسليمهم المعسكرات لميليشيات الحوثي في محافظة إب التي شهدت مواجهات مع المقاومة الجنوبية والحزام الأمني بإسناد من القوات المسلحة الإماراتية، وفشل الحوثيين في كسر جبهة الضالع على مدار أكثر من شهرين من القتال، وهنا تأكد التحالف التركي الإيراني القطري أنه لا يمكن تحقيق خرق عسكري والعودة إلى المحافظات الجنوبية إلا بافتعال أزمة مع الإمارات.
هذه الأزمة جاءت بعد محاولة قوات تابعة لنائب الرئيس علي محسن الأحمر اقتحام عاصمة محافظة شبوة مدينة عتق، وتزامنت مع محاولة قوات أخرى موالية لنائب الرئيس السيطرة على ميناء جزيرة سقطرى، ومع فشل تلك المحاولات أطلقت أذرع قطر الإعلامية حملة الاستهداف ضد دولة الإمارات لتحقيق خرق في التحالف العربي ولكسر المشروع الذي تقوده السعودية، ليس فقط على نطاق اليمن، بل على نطاق أكبر يوفر للحلف الإيراني القطري التركي تغيير توازنات على نطاق الشرق الأوسط الذي بات يقترب من حسم معركة إيران.
«العرب اللندنية»